إنضم
10 سبتمبر 2008
المشاركات
316
مستوى التفاعل
0
الإقامة
تصاميم
عملية التنشئة الاجتماعية
عملية التنشئة الاجتماعية عملية يهتم بدراستها علم النفس (خاصة علم النفس الاجتماعي وعلم نفس النمو والصحة النفسية)، وعلم الاجتماع وعلم التربية، ويعتبرها بعض أساطين علم النفس الاجتماعي محور المادة الدراسية لهذا العلم.

تعريف عملية التنشئة الاجتماعية:
يمكن تعريف عملية التنشئة الاجتماعية بأنها عملية تعلم وتعليم وتربية، وتقوم على التفاعل الاجتماعي، وتهدف إلى اكتساب الفرد (طفلاً فمراهقاً فراشداً فشيخاً) سلوكاً ومعايير واتجاهات مناسبة لأدوار اجتماعية معينة، تمكنه من مسايرة جماعته والتوافق الاجتماعي معها، وت**به الطابع الاجتماعي، وتيسر له الاندماج في الحياة الاجتماعية، وهي عملية تشكيل السلوك الاجتماعي للفرد، وهي عملية استدخال ثقافة المجتمع في بناء الشخصية، وهي عملية تطبيع المادة الخام للطبيعة البشرية في النمط الاجتماعي والثقافي، وبمعنى آخر هي عملية التشكيل الاجتماعي لخامة الشخصية، وهي عملية تحويل الكائن الحيوي (البيولوجي) إلى كائن اجتماعي، ذلك الكائن الذي مكث في رحم الأم ينمو حيوياً إلى قدر معلوم، وخرج منه لا يعلم شيئاً ليتلقفه (رحم الجماعة) ينمو فيه اجتماعياً.
وهي عملية إ**اب الإنسان صفة الإنسانية، إن الإنسان لا يكتسب هذه الصفة بفضل خصائصه التشريحية الحيوية (البيولوجية) وحدها، ولكن بفضل عملية التنشئة الاجتماعية، ويحكي لنا تاريخ علم النفس حكاية (الطفل المتوحش) الذي عثر عليه في غابة أفيرون بفرنسا سنة 1798م، وكان يعيش حتى بلغ من العمر (12) عاماً ك***** غير اجتماعي، وقد أفلح إيتارد عن طريق وضع برنامج يهدف إلى تنمية الناحية الاجتماعية عند هذا الطفل والتدريب العقلي عن طريق المؤثرات الحسية، وخلق الحاجات الإنسانية لديه وتدريبه على الكلام وترويضه سلوكياً بصفة عامة، ونجح إيتارد في تعليمه الاتصال عن طريق الكلام وقراءة بعض الكلمات، كما استطاع أن يضبط بعض دوافعه خلال التدريب، إلا أنه فشل في تدريبه على ضبط النفس والتوافق الاجتماعي والتوافق الانفعالي، فقد كان الطفل ضعيف العقل.
ويحكي لنا تاريخ علم النفس أيضاً (حكاية الطفلتين الذئبتين) اللتين عثر عليهما في أحد كهوف الهند سنة 1921م، وكانتا تعيشان مع الذئاب عاريتين، تمشيان على أربع، تأكلان اللحم النيئ، وتلعقان الطعام بالفم بدلاً من تناوله باليد لوضعه في الفم، ولا يصدر عنهما إلا همهمات غريبة وأصوات لا معنى لها، وتظهران العداوة للآدميين، ونقلت الفتاتان إلى مدرسة الإرسالية البريطانية التي عثرت عليهما فأحرزتا تقدماً ملحوظاً، وأنشأتا علاقات عاطفية وتعلمتا أكل الطعام المطهو وارتداء الملابس وفهم اللغة البسيطة وحب الأطفال الآخرين.
وهي عملية تعلم اجتماعي يتعلم فيها الفرد عن طريق التفاعل الاجتماعي أدواره الاجتماعية ويتمثل ويكتسب المعايير الاجتماعية التي تحدد هذه الأدوار، إنه يكتسب الاتجاهات النفسية، ويتعلم كيف يسلك بطريقة اجتماعية توافق عليها الجماعة ويرتضيها المجتمع، ولهذا يرادف نيوكومب بين مصطلح التنشئة الاجتماعية ومصطلح التعلم الاجتماعي.
وهي عملية نمو يتحول خلالها الفرد من طفل يعتمد على غيره، متمركز حول ذاته، لا يهدف في حياته إلا إلى إشباع حاجاته الفسيولوجية، إلى فرد ناضج يدرك معنى المسئولية الاجتماعية وكيف يتحملها، ويعرف معنى الفردية والاستقلال، يسلك معتمداً على ذاته، لا يخضع في سلوكه إلى حاجاته الفسيولوجية فحسب، يستطيع أن يضبط انفعالاته ويتحكم في إشباع حاجاته بما يتفق والمعايير الاجتماعية، ويدرك قيم المجتمع ويلتزم بها، ويستطيع أن ينشئ العلاقات الاجتماعية السليمة مع غيره.
وهي عملية دينامية تتضمن التفاعل والتغير، إن الفرد في تفاعله مع أفراد الجماعة يأخذ ويعطي فيما يختص بالمعايير والأدوار الاجتماعية والاتجاهات النفسية، والشخصية الناتجة في النهاية هي نتيجة لهذا التفاعل.
وهي عملية معقدة متشعبة تستهدف مهام كبيرة وتتوسل بأساليب ووسائل متعددة لتحقق ما تهدف إليه.

العوامل المؤثرة في عملية التنشئة الاجتماعية:
1) الثقافة : هي مجمع ما يتعلم وينقل من نشاط حركي، وعادات وتقاليد وقيم واتجاهات ومعتقدات تنظم العلاقات بين الأفراد، وأفكار وتكنولوجيا وما ينشأ عنها من سلوك يشترك فيه أفراد المجتمع.
2) الأسرة : بالزواج والإنجاب تحول الأسرة إلى أهم عوامل التنشئة الاجتماعية للطفل، والأسرة هي الممثلة الأولى للثقافة وأقوى الجماعات تأثيراً في سلوك الفرد، وللأسرة وظيفة اجتماعية بالغة الأهمية، فهي المدرسة الاجتماعية الأولى للطفل، وهي العامل الأول في صبغ سلوك الطفل بصفة اجتماعية، والأسرة هي التي تقوم بعملية التنشئة الاجتماعية وتشرف على النمو الاجتماعي للطفل وتكوين شخصيته وتوجيه سلوكه، وتتشابه الأسر أو تختلف فيما بينها من حيث الأساليب السلوكية السائدة أو المقبولة في ضوء مجموعة المعايير الاجتماعية والقيم المرتضاة حسب طبقتها الاجتماعية وبيئتها الجغرافية والثقافية....الخ.
3) المدرسة : هي المؤسسة الاجتماعية الرسمية التي تقوم بوظيفة التربية ونقل الثقافة المتطورة وتوفير الظروف المناسبة للنمو جسمياً وعقلياً وانفعالياً واجتماعياً، وعندما يبدأ الطفل تعليمه في المدرسة يكون قد قطع شوطاً لا بأس به في التنشئة الاجتماعية في الأسرة، فهو يدخل المدرسة مزوداً بالكثير من المعايير الاجتماعية والقيم والاتجاهات، والمدرسة توسع الدائرة الاجتماعية للطفل حيث يلتقي بجماعات جديدة من الرفاق.
وفي المدرسة يتعلم الطفل المزيد من المعايير الاجتماعية في شكل منظم، ويتعلم أدواراً اجتماعية جديدة، فهو يتعلم الحقوق والواجبات وضبط الانفعالات، والتوفيق بين حاجاته وحاجات الغير، ويتعلم التعاون، ويتعلم الانضباط السلوكي، وفي المدرسة يتفاعل التلميذ مع مدرسيه كقيادات جديدة وكنماذج سلوكية مثالية، وفي المدرسة يتأثر التلميذ بالمنهج الدراسي بمعناه الواسع فيزداد علماً وثقافة وتنمو شخصية من كافة جوانبها.
4) جماعة الرفاق : تقوم جماعة الرفاق أو الأقران أو الصحبة أو الثلة بدور مهم في عملية التنشئة الاجتماعية وفي النمو الاجتماعي للفرد، فهي تؤثر في معاييره الاجتماعية وتمكن له القيام بأدوار اجتماعية متعددة لا تتيسر له خارجها، فهنا رفاق وأقران يشتركون معاً في مرحلة نمو واحدة بمطالبها وحاجاتها ومظاهرها، وينعم الفرد بالمساواة، ويتوقف مدى تأثر الفرد بجماعة الرفاق على درجة ولائه لها ومدى تقبله لمعاييرها وقيمها واتجاهاتها وعلى تماسك هذه الجماعة ونوع التفاعل القائم بين أعضائها.
5) وسائل الإعلام : تؤثر وسائل الإعلام المختلفة من إذاعة وتلفاز وسينما وصحف ومجلات وكتب وإعلانات ....الخ، بما تنشره وما تقدمه من معلومات وحقائق وأخبار ووقائع وأفكار وآراء لتحيط الناس علماً بموضوعات معينة من السلوك مع إتاحة فرصة الترفيه والترويح.
6) دور العبادة : تقوم دور العبادة بدور كبير في عملية التنشئة الاجتماعية لما تتميز به من خصائص فريدة أهمها إحاطتها بهالة من التقديس، وثبات وإيجابية المعايير السلوكية التي تعلمها للأفراد، والاجتماع على تدعيمها، وما أحوجنا الآن إلى زيادة نشاط دور العبادة وقيامها بدورها الحيوي الرائد في عملية التنشئة الاجتماعية الدينية.
دور العائلة في تنشئة الأبناء:
من أهم الوظائف الأساسية التي تضطلع بها العائلة والتي أكد على أهميتها كل من (روبرت ماكايفر) و (وليم كوود) و (تالكت بارسنز) و (وكارل منهايم) وظيفة تنشئة الأبناء وتربيتهم وتقويم سلوكهم وفق ما يريده المجتمع ويرتضيه ويعتمده في خططه الاجتماعية الغائية، والتنشئة الاجتماعية بمفهومها العلمي الدقيق هي عملية تلقين الفرد مهارات المجتمع وقيمه ومقاييسه ومثله الأخلاقية والسلوكية، أو هي الطريقة التي من خلالها يمرر المجتمع خبراته وتجاربه ومعتقداته وأحكامه القيمية إلى الجيل الجديد عبر القنوات الأساسية للتنشئة الاجتماعية وعلى رأسها العائلة.
كما عرفت التنشئة الاجتماعية بطريقة استدخال مهارات واعتبارات ومعتقدات وقيم المجتمع في ذات الفرد عبر مراحل نظامية يتفق عليها المربون والعلماء والمنظرون الاجتماعيون والنفسيون، وأخيراً هناك من عرف التنشئة الاجتماعية بالجهود المبذولة من قبل الآباء والأمهات والمربين والمعلمين وقادة المجتمعات المحلية التي تتوخى بناء الشخصية وبلورة الأدوار الوظيفية عند الأفراد الذين تستهدفهم عملية التنشئة.
إن من أهم القنوات المسئولة عن عملية التنشئة الاجتماعية العائلة التي تعد مؤسسة اجتماعية فاعلة في قلب الأمة، وأهميتها في تنشئة الأبناء تتجسد في المهام التنشيئية الأساسية التي تضطلع بها والتي يمكن تحديدها بالمهام التالية:
1) تزويد الصغار والأطفال ومن في حكمهم بمهارات النطق والكلام والسير أو المشي والتفاعل الاجتماعي مع الآخرين.
2) زرع القيم والممارسات السلوكية عند الأبناء وبلورتها في شخصياتهم بحيث يكونون قادرين على التمييز بين الخطأ والصواب والجيد والرديء والصالح والطالح.
3) بناء شخصية الأبناء بناءً محكماً ورصيناً إلى درجة أن شخصياتهم تكون ممثلة للشخصية النموذجية التي يعتز بها المجتمع ويثمنها.
4) تعليم الأبناء على أشغال الأدوار الوظيفية التي من خلالها يتفاعلون مع المجتمع ويقدمون له الخدمات التي يحتاجها في حياته اليومية والتفصيلية.
5) تعلم الأبناء الاعتماد على أنفسهم في أداء كل ما يحتاجونه والابتعاد عن الاتكالية كلما كان ذلك ممكناً.
علماً بأن المهارات والمعارف والمعلومات والقيم التي تزود بها العائلة أبناءها تكون في مرحلة نظامية لكل مرحلة منها فترتها الزمنية المحددة، ذلك أن هناك المرحلة الفمية، ومرحلة الحضانة، ومرحلة السبات الجنسي، ومرحلة المراهقة، وأخيراً مرحلة النضوج والاكتمال، وخلال كل مرحلة من هذه المراحل يكتسب الصغير بعض المهارات والمعلومات والقيم التي تسهم في بلورة أدواره الوظيفية وتكامل شخصيته الاجتماعية إلى أن يكون ناضجاً ومتكاملاً وقادراً على تلبية ما يحتاجه وتلبية ما يحتاجه الآخرون من أبناء المجتمع، وإذا ما حدث خلل في أي من هذه المراحل التنشيئية النظامية فإن هذا الخلل لا بد أن يضر بعملية التنشئة برمتها ويجعل الحدث غير سوي في ممارساته وعلاقاته بالآخرين وتكييفه للبيئة أو الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه ويتفاعل معه، لذا كان لزاماً على المربين والمسئولين عن تنشئة الأبناء لاسيما الآباء والأمهات الاهتمام بجميع مراحل التنشئة ورعايتها والتصدي لكل المعوقات والتحديات التي تقف في سبيلها.

التنشئة الاجتماعية وعملية التفاعل الاجتماعي:
إن عملية التفاعل الاجتماعي تضمن بقاء عملية الاتصال مفتوحة بين الأفراد والجماعات، لأن أفراد المجتمع لا يعيشون منفصلين ومعزولين عن بعضهم، بل هم على اتصال دائم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، فعملية الاتصال بين الأفراد والجماعات هي مفتاح عملية التفاعل الاجتماعية بينهم، وأن العزلة الاجتماعية تلغي عملية التفاعل والتأثير الاجتماعي المتمثل في عملية الاندماج الاجتماعي، الأمر الذي يدفع هؤلاء المنعزلين إلى تكوين شخصيات غريبة وغير عادية فلا يفهمون الجماعة التي يعيشون فيها ولا تفهمهم الجماعة، فيحدث إهمالاً متبادلاً يتسبب حتماً في كثير من المشاكل الاجتماعية الناتجة عن سوء التوافق الاجتماعي بسبب العزلة الاجتماعية.
إن مفهوم التفاعل الاجتماعي يتضمن الاستجابة الفعالة التي ينجم عنها التعلم، وعملية التعلم هذه تمثل التغير الذي يطرأ على الكائن الحي نتيجة للاستجابة التي يقوم بها، بمعنى أن العلمية التي يلاحظ فيها الطفل الآخرين ويلاحظونه، ويستجيبون له، تتضمن في مجملها عملية التفاعل الاجتماعي التي تؤدي إلى تكوين أنماط سلوكية عامة ومشتركة بين أفراد المجتمع، ينتج عنها تكوين الاتجاهات العامة عند الفرد نحو ذاته ونحو الآخرين مما تشكل عاملاً مهماً في تكوين الشخصية الإنسانية واتجاهاتها، ولهذا فعملية التفاعل الاجتماعي لا تحدث فقط بين الأفراد الموجودين في المؤسسات الاجتماعية فحسب، بل تحدث بين الأفراد وعناصر الثقافة التي يحيا في كنفها الأفراد.
كما ترتبط عملية التفاعل بين الأفراد في المواقف المختلفة بالأدوار والمراكز الاجتماعية التي يلعبها ويحتلها الأفراد في المجتمع، حيث تتحدد طبيعة الأدوار ضمن إطار مفهوم المراكز الاجتماعية، وقد يشمل المركز عدة أدوار اجتماعية معينة، كأن يقوم الشخص الشاغل لمركز اجتماعي معين بعدة أدوار اجتماعية لها علاقة بذلك المركز، لأن ارتباط الأدوار بالمراكز الاجتماعية يساعد على تنظيم العلاقات المتبادلة بين الأفراد، يحدد طبيعة الحقوق والواجبات التي تتصل بالأدوار والمراكز الاجتماعية، وتنظيم مستوى التوقعات المتبادلة بين الفرد والآخرين ممن يحتلوا هذه المراكز والأدوار، ولهذا نجد أن الدور الاجتماعي للفرد يتحدد ويتشكل بحكم النظم الثقافية التي ينشأ فيها سابقاً لوجوده، حيث يولد الطفل ويهيأ اجتماعياً ليلعب الدور المعد له مسبقاً والمحدد بألوان السلوك التي يجب أن يقوم بها، وبما يقابلها من أنواع السلوك التي لا يجب القيام بها.
فالأدوار الاجتماعية تعتبر أدواراً مرسومة للأشخاص في الحياة الاجتماعية، وليس للأفراد مجال للاختيار من بينها إلا في أضيق الحدود، فالإنسان إذا احتل مركزاً معيناً لا يمكن التحكم فيه على أساس السن، أو النوع، أو الطبقة، أو العرق، إلا أن هذا لا يمنع أن يكون هناك بعض الاختلافات الفردية عند القيام بأي دور من هذه الأدوار الاجتماعية، ولهذا نجد بعض الأفراد ممن لديهم القابلية يستطيعون أن يعدلوا في أدوارهم بإدخال بعض التجديدات والتحسينات عليها التي قد تختلف من حيث كبرها أو صغرها باختلاف الأفراد والظروف الاجتماعية المحيطة، وغاباً ما يكون هؤلاء هم قادة التطور والتغير في المجتمع، بينما نجد في الغالب الأعم أن معظم الأفراد الذين يحتلون مراكز معينة لا يقومون إلا بما هو متوقع منهم أو أقل، وهم يتشابهون إلى حد كبير في سلوكهم وفي ثقافته وطريقة تفاعلهم مع الآخرين في كل مجتمع من المجتمعات، وهم أكثر ميلاً للمحافظة على استمرارية الواقع الاجتماعي على حاله، ولا يشكلون درواً أساسيا في إحداث عملية التغير في المجتمع.

العلاقة بين الوالدين والطفل (الاتجاهات الوالدية نحو الكفل):
إن نوع العلاقة التي تنشأ بين الوالدين والطفل وطريقة معاملة الوالدين لطفلهما عامل مهم في تشكيل شخصية الطفل، فهناك فرق بين شخصية فرد نشأ في ظل من التدليل والعطف الزائد والحنان المفرط، وشخصية فرد آخر نشأ في جو من الصرامة والنظام الدقيق الذي يتصف بشيء من القسوة، هناك فرق بين هذين الفردين في سلوكهما وسماتهما الشخصية، وهذا الفرق مرده إلى حد كبير إلى نوع العلاقة بين الوالدين والطفل، أو إلى الاتجاهات الوالدية نحو الطفل.
فإذا ما نشأ الطفل في جو أشبع بالحب والثقة تحول عند نموه إلى شخص يستطيع أن يحب لأنه أحب وتعلم كيف يحب، سينمو إلى شخص يستطيع أن يثق في غيره، لأنه عاش في جو من الثقة مع والديه، أما الطفل الذي نشأ في جو يزخر بالحرمان من الحب وشعر برفض والديه سينمو إلى فرد أناني وعدواني لا يعرف الحب ولا يستطيع أن ينتمي إلى غيره.
ولقد شهدت السنوات الأخيرة تغيراً في آراء علماء النفس في كيف تكون معاملة الأطفال، فظهر الكثير من البحوث والدراسات التي اهتمت بالعلاقة بين الوالدين والطفل وظهرت ألفاظ، كالرعاية الزائدة والرفض والإهمال والتدليل وجميع هذه الألفاظ ترمي إلى أنواع معينة من السلوك الوالدي تجاه الأطفال أو ما يسمى بالاتجاه الوالدي نحو الطفل.

وفيما يلي نماذج من هذه الاتجاهات وأثرها على سلوك الطفل بصفة عامة:

الظروف غير المناسبة آثارها على نمو شخصية الطفل
الرفض عدم الشعور بالأمن والشعور بالوحدة ومحاولة جذب انتباه الآخرين السلبية الشعور العدائي وعدم القدرة على تبادل العواطف.
الحماية الزائدة (التدليل) الأنانية وعدم القدرة على تحمل الإحباط ورفض السلطة عدم الشعور بالمسؤولية الإفراط في الحاجة إلى انتباه الآخرين.
الحماية الزائدة (التسلط) الاستسلام عدم الشعور بالكفاءة نقص في المبادرة (الميل إلى الاعتماد الكلي السلبي على الآخرين).
المغالاة في المستويات الخلقية المطلوبة الجمود أنواع قاسية من الصراع النفسي الإحساس بالإثم اتهام الذات امتهان الذات.
فرض النظم الجامدة المغالاة في اتهام الذات مع المغالاة في الحاجة إلى تقبل الآخرين السلبية السلوك العدائي.
التضارب في النظم المتبعة عدم تماسك قيم الطفل أو تضاربها الميل نحو عدم الثبات، والتردد في اتخاذ القرارات في المواقف المختلفة.
الخلافات بين الوالدين القلق التوتر عدم الشعور بالأمن الميل نحو النظر إلى العالم كمكان خطر وغير آمن.
الطلاق عدم الشعور بالأمن العزلة عدم وجود من يتمثل الطفل بهم وبأساليبهم السلوكية.
الغيرة من الإخوة العداء عدم الشعور بالأمن عدم الثقة بالنفس النكوص أو التراجع.
الوالدان العصابيان ميل الطفل إلى الخوف وعدم الشعور بالأمن، واستخدام الحيل العصابية التي يستخدمها الوالدان.
المثالية وارتفاع مستوى الطموح تمثل الطفل المستويات العالية المطلوبة منه الإحباط والشعور بالإثم وامتهان الذات نتيجة لما نتوقعه من فشل الطفل في الوصول إلى هذه المستويات.


عناصر عملية التنشئة الاجتماعية لدى الفرد:
1) الجوع الاجتماعي، والدوافع الاجتماعية، والحاجات النفسية الأخرى التي تدفع الفرد دفعاً للانتماء إلى جماعة وبالتالي بدء عملية التنشئة والتطبيع الاجتماعي التي تنتهي بعملية الاندماج الاجتماعي.
2) الميراث والإمكانات الحيوية التي تسمح بالتنشئة الاجتماعية والتي يعتمد عليها التعلم الاجتماعي.
3) قابليته للتعلم وتغير سلوكه نتيجة للخبرة والممارسة وقدرته على التفاعل الرمزي وتعلم الرموز واكتساب اللغة.
4) القدرة على التعاطف وتكوين علاقات عاطفية مع الآخرين.

في المجتمع:
1) الضغوط الاجتماعية المختلفة التي توجهها الجماعة لأفرادها حتى يعدلوا فرديتهم واتجاههم الخاصة في سبيل الانتظام مع معايير الجماعة.
2) المعايير الاجتماعية التي تبلورها الجماعة كموازين للسلوك الاجتماعي.
3) الأدوار الاجتماعية التي تتطلب الجماعة من كل فرد القيام بها.
4) المؤسسات الاجتماعية مثل الأسرة والمدرسة وجماعة الرفاق ووسائل الإعلام.
5) القطاعات الاجتماعية الثقافية الاقتصادية، أو الطبقية الاجتماعية أو المستويات الاجتماعية الاقتصادية أو الجماعات والثقافات الفردية.

المراجع:
1) علم النفس الاجتماعي د. حامد عبد السلام زهران
2) علم النفس الاجتماعي د. أحمد عبد العزيز سلامة د. عبد السلام عبد الغفار
3) علم اجتماع العائلة أ. د. إحسان محمد الحسن
4) علم اجتماع التربية أ. د. عبد الله بن عايض سالم الثبيتي
5) أسس علم النفس الاجتماعي د. مختار حمزة
 

جواد البحر

مراقب سابق
إنضم
10 مايو 2008
المشاركات
5,088
مستوى التفاعل
0
[align=center]
492-AlSalam.gif


مشكور يا أخوي أبو فراس على الموضوع الجميل الرائع

جواد البحر
F_017.gif

[/align]
 
أعلى