أسير العشاق
:: عضو مميز ::
[align=center][glow1=FF6600]بسم الله الرحمن الرحيم [/glow1]
[glow1=FF6600]نحو طريق الخلاص[/glow1]
[glow1=FF9900]يوم النحر يوم مشهود، يجتمع فيه المسلمون من كل فج عميق، وفيه تظهر نعم الله العظيمة وآلاؤه الجسيمة.
وفي هذا الاجتماع المبارك تطرح قضايا الأمة، وتوضع الحلول لمشاكلها، وتبين العقبات التي في طريقها.[/glow1]
[glow1=FF6600]منزلة التقوى[/glow1]
[glow1=FF9900]الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! لا إله إلا الله.
الله أكبر الله أكبر ولله الحمد!
الله أكبر كبيراً؛ والحمد لله كثيراً؛ وسبحان الله بكرة وأصيلاً!
الله أكبر عدد ما مشى فوق السماوات والأرضين ودرج! والله أكبر بيده مفاتيح الفرج! الله أكبر ذو الملك والملكوت، الله أكبر ذو العز والجبروت!
الله أكبر رب الأرباب، الله أكبر مسبب الأسباب، الله أكبر خالق خلقه من تراب!
الله أكبر خلق الخلق وأحصاهم عدداً، الله أكبر هو ربنا ولن نشرك بربنا أحداً!
لا إله إلا الله وحده نصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده.
لا إله إلا الله الولي الحميد، لا إله إلا الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.
الله أكبر عدد ما ذكر الله ذاكرٌ وكبر، الله أكبر عدد ما حمد الله حامدٌ وشكر، الله أكبر عدد ما تاب تائبٌ واستغفر، الله أكبر أعاد علينا من عوائد فضله ما يعود في كل عيد ويظهر، الله أكبر زكَّى أبداننا من درن السيئات وطهر، الله أكبر عدد ما أشاد البيت مشيد وعمر، الله أكبر عدد ما ضحى لله مضح ونحر!
الله أكبر ما ذكره الذاكرون، الله أكبر ما حمده الحامدون، الله أكبر ما شكره الشاكرون، الله أكبر ما هلله المهللون، الله أكبر ما سبحه المسبحون، الله أكبر ما توافد الحجاج والمعتمرون.
الله أكبر عدد ما تحركت وفود بيت الله الحرام شوقاً إلى البيت العتيق، الله أكبر عدد ما اهتزت مشاعر الحجيج لرؤية البيت الحرام، الله أكبر عدد ما حداهم الأمل في مغفرة الزلل وقبول صالح العمل، الله أكبر عدد ما تحركت قوافل الحجيج لرؤية البيت العتيق، الله أكبر عدد ما تحركت مواكب الحجيج آمة هذه البقاع الطاهرة.
الله أكبر عدد ما أحرموا ولبوا، الله أكبر عدد ما طافوا وسعوا، الله أكبر ما استلموا الحَجر وصلوا بالحِجر، الله أكبر عدد ما وقفوا بالملتزم وشربوا من ماء زمزم، الله أكبر عدد ما خرجوا إلى منى ووقفوا بـعرفة وباتوا بـالمزدلفة ، الله أكبر عدد ما رموا وحلقوا ونحروا وكبروا وشكروا وصلوا على الحبيب المصطفى والرسول المجتبى صلى الله عليه وسلم.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله! الله أكبر الله أكبر ولله الحمد!
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي المؤمنين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله إمام المرسلين وخاتم النبيين، وسيد ولد آدم أجمعين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، والتابعين ومن تبعهم إلى يوم الدين.[/glow1]
[glow1=FF6600]أما بعد:[/glow1]
[glow1=FF9900]فيا إخوة الإسلام في بلد الله الحرام: ويا أيها الإخوة الحجاج الكرام! ويا إخوة العقيدة في مشارق الأرض ومغاربها! يا من تربطنا بكم أقوى العلائق، وتصلنا بكم أسمى الوشائج! أيها الأحبة في الله في كل مكان من أرض الله! إلى من يصله هذا الصوت فوق كل أرضٍ وتحت كل سماء! أوصيكم ونفسي بتقوى الله جل وعلا، فما قيمة الإنسان بغير التقوى، وهل لنا وزنٌ يذكر، أو سعيٌ يشكر بدون تحقيق التقوى، تقوى الله وصيته سبحانه للأولين والآخرين من عباده، يقول سبحانه: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ [النساء:131]^ إنه لا خير ولا فلاح، ولا عز ولا نجاح، ولا سعادة ولا صلاح إلا بتقوى الله.
تقوى الله سياجٌ منيع من الفتن، وحصنٌ حصين من المحن، وفرقانٌ بين الحق والباطل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [الأنفال:29]^.
في التقوى حبلٌ يقوى، ورزق يبقى، ويسر يغلب، وعسر يطرد وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3].. وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً [الطلاق:4].. وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً [الطلاق:5]^.
إنه مهما بلغت الأمم من الحضارة المادية، والاكتشافات العلمية، فهي خداجٌ ما لم تكن تقوى الله هي الزاد: وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى [البقرة:197].
فلا سبيل إلى الخروج من المآزق، والسلامة من العوائق، والنجاة من المضائق إلا بتقوى الله جل وعلا، فحققوا التقوى رحمكم الله، بفعل الأوامر واجتناب الزواجر، واقعاً عملياً في أنفسكم وأسركم ومجتمعاتكم، تسعدوا وتنصروا وتفلحوا.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله! الله أكبر الله أكبر ولله الحمد!......[/glow1]
[glow1=FF6600]تأملات في يوم النحر[/glow1]
[glow1=FF9900]حجاج بيت الله الحرام: اشكروا الله عز وجل على نعمه العظيمة وآلائه الجسيمة، حيث تنعمون في هذا اليوم المبارك بحلول عيد الأضحى، وحيث تعيشون أجواء الروحانية، ولحظات إيمانية يتوجها شرف الزمان وشرف المكان، فيومكم هذا -يا عباد الله- غرة في جبين الزمن، وابتسامة في ثغر هذا الأوان، يومٌ تثمر فيه أغصان القلوب، وتتحات فيه أوراق الخطايا والذنوب، وتجتمع الخلائق تدعوا علام الغيوب، وتسأله رفع الدرجات ومحو السيئات، وتنزل الخيرات وحلول البركات، ونجاح الطلبات والرغبات.
في هذا اليوم المبارك يتذكر المسلم عبق الذكريات الخالدة، وشذا الانتصارات الماجدة، ويسعى في تحقيق الآمال الواعدة، والأماني الصاعدة، وهو يعيش هذه الأجواء العابقة، فيتذكر التأريخ الإسلامي المجيد على ثرى هذه الربى والبطاح، وما سجله التأريخ من بطولات النصر والجهاد والكفاح من رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
في هذه الأجواء التي تزدحم فيها المشاهد والشواهد، وتختلط فيها المشاعر بالمشاعر والشعائر، وتلقي في القلب الحي النابض آمالاً كبرى بنصرة دين الله في الأرض، وانتشاره في الآفاق، وتذكره بقيمة هذه المناسبات العظيمة، وضرورة الاستفادة منها، لا سيما والأمة تعاني من الفتن ما تعاني؛ ألا ما أشد حاجة الأمة الإسلامية اليوم إلى أخذ الدروس والعبر من هذه المواقف العظيمة، لتستعيد مجدها بين العالمين، وتحقق لكيانها العز والكرامة، في منأىً عن التخلف والذلة والمهانة.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله! الله أكبر الله أكبر ولله الحمد!......[/glow1]
[glow1=FF9900]قضية التوحيد .. ومنزلتها[/glow1]
[glow1=FF9900]أمة الإسلام: إن قضية القضايا اتفاقاً، وأهم القضايا إطلاقاً، هي: قضية التوحيد أصل الأصول، وقاعدة الدين والملة، وأساس العبادات وسائر الأعمال، لا إله حق إلا الله، ولا معبود بحقٍ إلا الله: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ [لقمان:30] اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [الروم:40]^.
من أجل التوحيد أنزلت الكتب، وأرسلت الرسل، وجردت السيوف، ووقع الجهاد، وقامت سوق الجنة والنار، فالشرك في عبادة الله خطره كبيرٌ وشره مستطير، محبطٌ للأعمال، موجبٌ للحرمان من الجنة ودخول النار وبئس القرار عياذاً بالله: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ [الزمر:65-66]^ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ [المائدة:72]^.
فحققوا -إخوة الإسلام- التوحيد لله رب العالمين في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، واحذروا الشرك أكبره وأصغره، جليه وخفيه، فمالك النفع والضر هو الله وحده، احذروا مسالك السحرة والعرافين، وإتيان الكهنة والمنجمين، وأدعياء علم الغيب والمشعوذين، وإياكم والبدع والخرافات، والشركيات والخزعبلات
لعمرك ما تدري الطوارق بالحصـى ولا زاجرات الطير ما الله صانعُ
ولا تغتروا -رحمكم الله- بما عليه عباد القبور والأضرحة، فالله تعالى يقول: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [يوسف:103]^.
إن قضية التوحيد هي القضية الكبرى التي يجب على المسلمين جميعاً أن يعنوا بها غاية العناية، وإننا لنأسف أشد الأسف لتساهل كثيرٍ من المنتسبين إلى الإسلام في تحقيق التوحيد الخالص لله، أين نصيب العقيدة من مناهج الدعوة الموجودة في الساحة؟
وكم هو نصيب العقيدة في جهود الدعاة؟
إننا لا نتعدى الحقيقة إذا قلنا: إن المتأمل في ساحة الدعوة والدعاة يجد أن هناك اهتماماتٍ شتى تزاحم هذا الأصل الأصيل، فهذا في قضايا السياسة وفقه الواقع، وآخر في الفكر والثقافة، وثالثٌ في الزهد والرقائق والفضائل، وآخرون يقصرون اهتماماتهم العقدية على جانب الحاكمية، ولربما جهلوا أو تجاهلوا أبواباً أخرى، أو تأثروا بمناهج وافدة جربت سنين عدداً من تأريخ الدعوة فما سببت إلا الفتن والمحن، وسببت من المحن ما لا يعلمه إلا الله.
إن علينا أن نأخذ العقيدة الصحيحة كلية من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومنهج السلف الصالح رحمهم الله، ونأخذها من العلماء الربانيين أهل الفقه والأثر، والدليل والنظر، في بعدٍ عن الهوى والدخن، والله المستعان.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله! الله أكبر الله أكبر ولله الحمد!......[/glow1]
[glow1=FF6600]أهمية دين الإسلام[/glow1]
[glow1=FF9900]أيها المسلمون! نحن أمة شرفها الله بهذا الدين، فكيف نرضى بغيره بديلاً؟
كيف يحلو لبعض الأدعياء أن ينعق بشعاراتٍ جاهلية، ويرفع ألوية لا دينية؟
إنه لا دين غير الإسلام الحق جامعاً للقلوب، وموحداً للدروب، ومنقذاً من الفتن والخطوب، إن هذا الدين من السمو والشمول والكمال بحيث تتضاءل أمامه النعرات الطائفية، والدعوات العنصرية، والشعارات القبلية، والانتماءات الحزبية، التي عانت منها الأمة ما عانت حتى طوحت بها في سراديب الغواية، ومستنقعات الضلالة.
لقد جربت الأمة طويلاً مناهج ومذاهب ومسالك ومشارب؛ فلم تجد فيها جمع الكلمة، ولا توحيد الصفوف، ولا استعادة الأمجاد، ولا النصر على الأعداء، بل كانت طريقاً إلى التمزق والدمار، والشقاء والبوار. لا بد أن تستيقن الأمة جميعاً أنه لا طريق إلا دين الله، ولا شرع إلا شرع الله، ولا نهج إلا نهج محمدٍ رسول الله عليه الصلاة والسلام: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة:50]^.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله! الله أكبر الله أكبر ولله الحمد!......[/glow1]
[glow1=FF6600]ضرورة الإصلاح[/glow1]
[glow1=FF9900]أمة الإسلام: إن نقطة الإصلاح ونواة التطلع لواقعٍ أفضل، ومستقبلٍ مشرقٍ -بإذن الله- يجب أن تبدأ من داخل النفوس، فتعمر النفوس بالإيمان والإسلام.
إن كثيراً من أجيال الأمة معزولة عن الإيمان، وتعاني من التمزق والازدواجية روحياً وفكرياً وتربوياً.
إن كثيراً من الأجيال تعاني من انهزامٍ نفسي وخواءٍ روحي، وتناقضٍ بين السلب والإيجاب في قنوات التوجيه والتربية ومناهج التعليم ووسائل الإعلام، وآخرين يعانون من تذبذبٍ واضطراب، وشكوكٍ وحيرة وقلق في تحديد المسار، ومعرفة الخطأ من الصواب في مناهج الدعوة، ومسالك الدعاة، حتى تمزقت عند كثيرٍ منهم أواصر المحبة في الله، ودعائم الأخوة الإيمانية، وإن طريق الخلاص يكمن في اجتماع الأمة بجماعاتها وقياداتها.. أفرادها وفئاتها على العقيدة السلفية الصحيحة، فلها وحدها يكون الولاء، ومن أجلها يكون البراء والولاء والمنع والعطاء، وإذا كانت الهجمات الشرسة والتحديات السافرة التي منيت بها هذه الأمة عبر التأريخ نابعة من الدين فلا تتحقق مواجهتها إلا بالتمسك المتين بعرى هذا الدين القويم.......[/glow1]
[glow1=FF9900]واجب العلماء في الإصلاح[/glow1]
[glow1=FF9900]إن واجب علماء الأمة ودعاة الإسلام كبيرٌ جداً في رسم المنهج الحق الذي يجب أن تسلكه الأجيال المسلمة حتى تتحقق وحدة الأمة بعيداً عن النظرات العصبية، والانتماءات الحزبية.
يجب أن نعنى بقضايا الاعتقاد الكلية، وبالأمور الكبرى، والأصول العظمى دون تمييعٍ للقضايا، ولا انهزامية في الطرح، ليس من الحكمة أن تضيع الأوقات وتسخر الأقلام لردود ومجادلات، وطعونٍ واتهامات، يجب أن تطرح القضايا على بساط البحث المتجرد، والنقاش النزيه، وبالمنهج العلمي الرصين مع احترام الآراء الاجتهادية، وعدم التحامل على المخالفين في المسائل الفرعية، ويعظم الأمر حينما تتهم النيات ويتعرض للمقاصد والإرادات، فالحق ليس حكراً على زيدٍ من الناس، والخلاف في المسائل الاجتهادية لا يتحول إلى خصومات وحروب سرية وعلنية.
وإنه لا ينبغي الدخول في هذا المورد إلا لأهل الاختصاص، أما المتطفلون على ساحة العلم فأولى لهم ثم أولى لهم أن يشتغلوا بأنفسهم، وتقويمها علمياً وإيمانياً وخلقياً، ولا يتطاولوا على مقامات العلماء وأقدار الفضلاء.
وإذا كان من حق كل أحدٍ أن ينتقد ويلاحظ فإن منهج النقد وأسلوب الملاحظة أمرٌ يجب التركيز عليه حتى لا نفسد من حيث نريد الإصلاح، ومن المعصوم عن الخطأ؟ ومن الذي ما ساء قط؟ ثم لماذا يربى الناشئة على النقد والملاحظة قبل أن ينضجوا؟
إن ذلك مسلكٌ يوغر الصدور، ويبعث الشرور، ولا يجوز أبداً أن يتحول الخلاف في المسائل العلمية وخلاف التنوع في وجهات النظر إلى أمور شخصية وانتصارات ذاتية.[/glow1]
[glow1=FF6600] المنهج في الإصلاح[/glow1]
[glow1=FF9900]لا بد من النظر في الأوليات، والبداية في المهمات فالمهمات، حتى لا تختلط الموازين، وتختل المعايير، ثم إنه ينبغي الرجوع إلى العلماء والبعد عن الهوى، ومعرفة مسئولية القلم، وأمانة الكلمة، ومصداقية الحرف في تسخيره لخدمة العقيدة، ووحدة الصفوف، وجمع كلمة المسلمين على العقيدة الصحيحة.
نعم. لا بد من تعرية كل منهجٍ دخيل، وكل فكرٍ هزيل، لكن بحسن التصوير، ودقة التعبير، وضوابط النقد ومنهجية الحوار، والحكمة ضالة المؤمن، والحق منهجه، وإخلاص النية مطيته، وليحذر طلاب العلم من القول على الله بلا علم فذلك جرمٌ فظيع، ومسلكٌ شنيع.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله! الله أكبر الله أكبر ولله الحمد![/glow1]
[glow1=FF6600]خطر الحكم على النيات[/glow1]
[glow1=FF9900]أمة الإسلام: من القضايا الخطيرة التي ينبغي التنبيه عليها: ما يقع فيه كثيرٌ من قليلي العلم والبصيرة، وضعيفي الإيمان من الحكم على معتقدات الناس ونياتهم ومقاصدهم، فيمتطون صهوة الحكم على العلماء والفضلاء، والقادة والزعماء، والدعاة والخطباء بتبديع أو تفسيق أو تضليل، بل لربما وصل الأمر إلى التكفير وإخراجهم من الملة، نعوذ بالله، أين الإيمان؟!
أين الخوف من الله؟!
أين استشعار رقابته سبحانه؟!
ألا بئس القوم وبئس صنيعهم!
نعم. لربما يلتمس ملتمس شيئاً من العذر لهذه النظرات الخاطئة؛ لغلوها في الدين بسبب الجهل وعدم الأخذ من العلماء؛ وبسبب النظرة التشاؤمية لما آلت إليه كثيرٌ من أمور المسلمين؛ بسبب إقصاء حكم الشريعة في كثيرٍ من البلاد، ووجود المظاهر المحرمة والدعوات الآثمة للإلحاد والعلمانية والإباحية، لكن منهج الدعوة في الحكمة والموعظة الحسنة يأبى أن تتحول الأفعال إلى ردود أفعال، وأن يكون التطرف اللاديني باعثاً إلى ما عرف اليوم بالتطرف الديني -وهو ما يعرف شرعاً بالغلو في الدين- حتى جنحت الدعوة إلى قتلٍ وعنفٍ وجرت من الفتن ما لا يعلمه إلا الله.
وهنا أوجه الدعوة والنداء إلى القادة والزعماء، والدعاة والعلماء، وأهل الحل والعقد في الأمة: أن يقوم كل بواجبه في نصرة دين الله، وإحقاق الحق وردع الباطل، وألا يعمم الحكم على الجميع، فالتدين والمتدينون هم أهل الخير في الأمة، وليست كل بيضاء شحمة ولا كل سوداء فحمة.[/glow1]
[glow1=FF6600]واجب الولاة والزعماء في الإصلاح[/glow1]
[glow1=FF9900]فيا قادة المسلمين! ويا أيها الولاة والزعماء! إن مسئوليتكم عظيمة: [[إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن ]]^ سوسوا شعوبكم بكتاب الله، واحكموهم بسنة رسول الله، أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه، أدوا الأمانة التي تحملتموها، واحكموا الناس بالعدل والإنصاف، وأداء الحقوق، كونوا سنداً وعضداً لأهل الخير والدعوة والحسبة والإصلاح، حكموا الشريعة في أرض الله على عباد الله، واتخذوا من العلماء الربانيين بطانة، ومن أهل الصلاح والنصح جلساء ومستشارين، تصلح أحوالكم وأحوال شعوبكم، وتبقى مكانتكم، ويعم الأمن والأمان بلادكم.
علماء الإسلام: إن مسئوليتكم في تبليغ هذا الدين كبيرة، وأمانتكم جسيمة، انزلوا إلى ميدان التوجيه والإرشاد، واحملوا سلاح الدعوة والبلاغ، واحذروا من التقصير في أداء ما حملتم، وكتمان ما أوتيتم فإن خطره كبير، واعلموا أن ضعف كثير من العامة في أمور عقيدتهم وأمور دينهم وانتشار الجهل في كثير من الناس سببه تواريكم عن الساحة، وإحجامكم عن النزول إلى الميدان، وصونوا علمكم عن مطامع الدنيا وشهواتها.[/glow1]
[glow1=FF6600] واجب الدعاة في الإصلاح[/glow1]
[glow1=FF9900]دعاة الإسلام: دوركم كبير جد كبير، لقد حملتم شرف الدعوة، وشرفتم بتولي ميراث النبوة، فاسلكوا أثر أفضل الدعاة عليه الصلاة والسلام، ركزوا على الدعوة إلى العقيدة، واهتموا بالنوع والكيف، لا بالكثرة والكم، اجمعوا قلوبكم ووحدوا صفوفكم، فالدعوة إلى الله ليست تجمعات حزبية، ولا تنظيمات عصبية، وإنما هي رسالة صلاحٍ وإصلاح لعموم البشرية، حذار أن يوقع الشيطان بينكم، وأن يشتغل بعضكم ببعض والعدو يتفرج من حولكم، ركزوا على العلم، ولقد ثبت في الساحة أن أي دعوة لا تجعل للعلم الشرعي القدح المعلى فإنها تتعثر.
ولا تستعجلوا النتائج أيها الدعاة، واسلكوا سبيل الحكمة والرفق والعقل، وبعد النظر وتحكيم المصالح الشرعية، والرجوع إلى العلماء، ومتى جنحت الدعوة إلى العنف وسلكت مسالك الاندفاع والتهور، فشلت وسببت لأصحابها الضرر العاجل، عليكم بالرفق أيها الدعاة، فما كان في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه، اتصلوا بولاة الأمور، وسدوا الفجوة التي يريد خصومكم أن ينفذوا إليكم من خلالها.[/glow1]
[glow1=FF6600]حقيقة الانتماء إلى الإسلام[/glow1]
[glow1=FF9900]أمة الإسلام: إنه لا عز للبشرية ولا صلاح للإنسانية إلا بتطبيق الإسلام، والإسلام الحق المبني على العقيدة الصحيحة، والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم، والسير على ما سار عليه السلف الصالح.
إن كثيراً من الناس يدَّعون الإسلام ولكنه ادعاءٌ وانتماءٌ لا حقيقة، إنه لا بد من تحقيق كلمة التوحيد، ولا بد من توحيد الكلمة عليها.
إن تضامن المسلمين اليوم ووحدتهم مطلبٌ جدُ مهم في عزهم وقوتهم وانتصارهم على أعدائهم، وإن الفرقة والخلاف لهما الداء العضال الذي يفتت جسد الأمة ويقطعها.
فاحرصوا -رحمكم الله- على الجماعة، واحذروا الشقاق والنزاع والفرقة، فإن يد الله مع الجماعة، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، وإن مما يدعم ذلك تلاحم الشعوب مع قادتهم، ومعرفة حقوق ولاة أمور المسلمين وعلمائهم، أما الولاة فحقوقهم على رعاياهم السمع والطاعة لهم بالمعروف، وعدم الخروج عليهم والتنصل من بيعتهم؛ لأن ذلك من أعظم أسباب الفتن ودواعي الفساد في البلاد والعباد؛ فبهم تأمن السبل، ويستتب الأمن، وتصان الحقوق، وتقام الحدود، وتحصن الثغور، طاعتهم في المعروف من طاعة الله ورسوله، والخروج على ولاة الأمور ومنازعتهم، وإظهار أخطائهم أمام الناس، والوقيعة في أعراضهم مخالفٌ لمنهج السلف الصالح ، ولما عليه أهل السنة والجماعة ، وطريق النصح المشروع ليس بالتشهير والتجريح، فهذا لا يسلكه إلا من جهل ما يترتب عليه من مفاسد في الدين والدنيا.
أما العلماء فيجب معرفة قدرهم، والقيام بحقهم، والدعاء لهم، وعدم الوقيعة في أعراضهم، وإننا لنأسف أشد الأسف من أناسٍ أغرار حدثاء جهلوا مكانة العلماء فوقعوا في أعراضهم تجريحاً وتنقيصاً، رموهم سفهاً بالمداهنة والتزلف؛ لا لشيء إلا لأنهم سلكوا طريق الحكمة في معالجة الأمور.
وإن التفكه بأعراض العلماء والولاة في المجالس سمٌ قاتل، وبلاءٌ ظاهر، وداءٌ عضال، وإثمٌ واضح، ففيه إيذاءٌ للمؤمنين، وغيبة للمسلمين، ووقوعٌ في أعراضهم، وكفى بذلك إثماً وخطراً، مع أن هذا المسلك لا يخدم مصلحة، ولا يحقق منفعة ولا يزول به منكر، فمن علم أنه موقوف بين يدي الله ومسئول عن قوله وفعله وقف عند حده والتزم شرع ربه، وأما من غلب عليه الجهل والهوى وأعجب برأيه، فلا حيلة فيه، ويُخشى أن يوقع نفسه وغيره في أمور لا يعلم عواقبها إلا الله، فيحصل الندم حيث لات ساعة مندم.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله! الله أكبر الله أكبر ولله الحمد!......[/glow1]
للتحميل
تحياتي
أسير العشاق
[/align]
[glow1=FF6600]نحو طريق الخلاص[/glow1]
[glow1=FF9900]يوم النحر يوم مشهود، يجتمع فيه المسلمون من كل فج عميق، وفيه تظهر نعم الله العظيمة وآلاؤه الجسيمة.
وفي هذا الاجتماع المبارك تطرح قضايا الأمة، وتوضع الحلول لمشاكلها، وتبين العقبات التي في طريقها.[/glow1]
[glow1=FF6600]منزلة التقوى[/glow1]
[glow1=FF9900]الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! لا إله إلا الله.
الله أكبر الله أكبر ولله الحمد!
الله أكبر كبيراً؛ والحمد لله كثيراً؛ وسبحان الله بكرة وأصيلاً!
الله أكبر عدد ما مشى فوق السماوات والأرضين ودرج! والله أكبر بيده مفاتيح الفرج! الله أكبر ذو الملك والملكوت، الله أكبر ذو العز والجبروت!
الله أكبر رب الأرباب، الله أكبر مسبب الأسباب، الله أكبر خالق خلقه من تراب!
الله أكبر خلق الخلق وأحصاهم عدداً، الله أكبر هو ربنا ولن نشرك بربنا أحداً!
لا إله إلا الله وحده نصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده.
لا إله إلا الله الولي الحميد، لا إله إلا الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.
الله أكبر عدد ما ذكر الله ذاكرٌ وكبر، الله أكبر عدد ما حمد الله حامدٌ وشكر، الله أكبر عدد ما تاب تائبٌ واستغفر، الله أكبر أعاد علينا من عوائد فضله ما يعود في كل عيد ويظهر، الله أكبر زكَّى أبداننا من درن السيئات وطهر، الله أكبر عدد ما أشاد البيت مشيد وعمر، الله أكبر عدد ما ضحى لله مضح ونحر!
الله أكبر ما ذكره الذاكرون، الله أكبر ما حمده الحامدون، الله أكبر ما شكره الشاكرون، الله أكبر ما هلله المهللون، الله أكبر ما سبحه المسبحون، الله أكبر ما توافد الحجاج والمعتمرون.
الله أكبر عدد ما تحركت وفود بيت الله الحرام شوقاً إلى البيت العتيق، الله أكبر عدد ما اهتزت مشاعر الحجيج لرؤية البيت الحرام، الله أكبر عدد ما حداهم الأمل في مغفرة الزلل وقبول صالح العمل، الله أكبر عدد ما تحركت قوافل الحجيج لرؤية البيت العتيق، الله أكبر عدد ما تحركت مواكب الحجيج آمة هذه البقاع الطاهرة.
الله أكبر عدد ما أحرموا ولبوا، الله أكبر عدد ما طافوا وسعوا، الله أكبر ما استلموا الحَجر وصلوا بالحِجر، الله أكبر عدد ما وقفوا بالملتزم وشربوا من ماء زمزم، الله أكبر عدد ما خرجوا إلى منى ووقفوا بـعرفة وباتوا بـالمزدلفة ، الله أكبر عدد ما رموا وحلقوا ونحروا وكبروا وشكروا وصلوا على الحبيب المصطفى والرسول المجتبى صلى الله عليه وسلم.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله! الله أكبر الله أكبر ولله الحمد!
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي المؤمنين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله إمام المرسلين وخاتم النبيين، وسيد ولد آدم أجمعين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، والتابعين ومن تبعهم إلى يوم الدين.[/glow1]
[glow1=FF6600]أما بعد:[/glow1]
[glow1=FF9900]فيا إخوة الإسلام في بلد الله الحرام: ويا أيها الإخوة الحجاج الكرام! ويا إخوة العقيدة في مشارق الأرض ومغاربها! يا من تربطنا بكم أقوى العلائق، وتصلنا بكم أسمى الوشائج! أيها الأحبة في الله في كل مكان من أرض الله! إلى من يصله هذا الصوت فوق كل أرضٍ وتحت كل سماء! أوصيكم ونفسي بتقوى الله جل وعلا، فما قيمة الإنسان بغير التقوى، وهل لنا وزنٌ يذكر، أو سعيٌ يشكر بدون تحقيق التقوى، تقوى الله وصيته سبحانه للأولين والآخرين من عباده، يقول سبحانه: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ [النساء:131]^ إنه لا خير ولا فلاح، ولا عز ولا نجاح، ولا سعادة ولا صلاح إلا بتقوى الله.
تقوى الله سياجٌ منيع من الفتن، وحصنٌ حصين من المحن، وفرقانٌ بين الحق والباطل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [الأنفال:29]^.
في التقوى حبلٌ يقوى، ورزق يبقى، ويسر يغلب، وعسر يطرد وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3].. وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً [الطلاق:4].. وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً [الطلاق:5]^.
إنه مهما بلغت الأمم من الحضارة المادية، والاكتشافات العلمية، فهي خداجٌ ما لم تكن تقوى الله هي الزاد: وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى [البقرة:197].
فلا سبيل إلى الخروج من المآزق، والسلامة من العوائق، والنجاة من المضائق إلا بتقوى الله جل وعلا، فحققوا التقوى رحمكم الله، بفعل الأوامر واجتناب الزواجر، واقعاً عملياً في أنفسكم وأسركم ومجتمعاتكم، تسعدوا وتنصروا وتفلحوا.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله! الله أكبر الله أكبر ولله الحمد!......[/glow1]
[glow1=FF6600]تأملات في يوم النحر[/glow1]
[glow1=FF9900]حجاج بيت الله الحرام: اشكروا الله عز وجل على نعمه العظيمة وآلائه الجسيمة، حيث تنعمون في هذا اليوم المبارك بحلول عيد الأضحى، وحيث تعيشون أجواء الروحانية، ولحظات إيمانية يتوجها شرف الزمان وشرف المكان، فيومكم هذا -يا عباد الله- غرة في جبين الزمن، وابتسامة في ثغر هذا الأوان، يومٌ تثمر فيه أغصان القلوب، وتتحات فيه أوراق الخطايا والذنوب، وتجتمع الخلائق تدعوا علام الغيوب، وتسأله رفع الدرجات ومحو السيئات، وتنزل الخيرات وحلول البركات، ونجاح الطلبات والرغبات.
في هذا اليوم المبارك يتذكر المسلم عبق الذكريات الخالدة، وشذا الانتصارات الماجدة، ويسعى في تحقيق الآمال الواعدة، والأماني الصاعدة، وهو يعيش هذه الأجواء العابقة، فيتذكر التأريخ الإسلامي المجيد على ثرى هذه الربى والبطاح، وما سجله التأريخ من بطولات النصر والجهاد والكفاح من رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
في هذه الأجواء التي تزدحم فيها المشاهد والشواهد، وتختلط فيها المشاعر بالمشاعر والشعائر، وتلقي في القلب الحي النابض آمالاً كبرى بنصرة دين الله في الأرض، وانتشاره في الآفاق، وتذكره بقيمة هذه المناسبات العظيمة، وضرورة الاستفادة منها، لا سيما والأمة تعاني من الفتن ما تعاني؛ ألا ما أشد حاجة الأمة الإسلامية اليوم إلى أخذ الدروس والعبر من هذه المواقف العظيمة، لتستعيد مجدها بين العالمين، وتحقق لكيانها العز والكرامة، في منأىً عن التخلف والذلة والمهانة.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله! الله أكبر الله أكبر ولله الحمد!......[/glow1]
[glow1=FF9900]قضية التوحيد .. ومنزلتها[/glow1]
[glow1=FF9900]أمة الإسلام: إن قضية القضايا اتفاقاً، وأهم القضايا إطلاقاً، هي: قضية التوحيد أصل الأصول، وقاعدة الدين والملة، وأساس العبادات وسائر الأعمال، لا إله حق إلا الله، ولا معبود بحقٍ إلا الله: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ [لقمان:30] اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [الروم:40]^.
من أجل التوحيد أنزلت الكتب، وأرسلت الرسل، وجردت السيوف، ووقع الجهاد، وقامت سوق الجنة والنار، فالشرك في عبادة الله خطره كبيرٌ وشره مستطير، محبطٌ للأعمال، موجبٌ للحرمان من الجنة ودخول النار وبئس القرار عياذاً بالله: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ [الزمر:65-66]^ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ [المائدة:72]^.
فحققوا -إخوة الإسلام- التوحيد لله رب العالمين في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، واحذروا الشرك أكبره وأصغره، جليه وخفيه، فمالك النفع والضر هو الله وحده، احذروا مسالك السحرة والعرافين، وإتيان الكهنة والمنجمين، وأدعياء علم الغيب والمشعوذين، وإياكم والبدع والخرافات، والشركيات والخزعبلات
لعمرك ما تدري الطوارق بالحصـى ولا زاجرات الطير ما الله صانعُ
ولا تغتروا -رحمكم الله- بما عليه عباد القبور والأضرحة، فالله تعالى يقول: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [يوسف:103]^.
إن قضية التوحيد هي القضية الكبرى التي يجب على المسلمين جميعاً أن يعنوا بها غاية العناية، وإننا لنأسف أشد الأسف لتساهل كثيرٍ من المنتسبين إلى الإسلام في تحقيق التوحيد الخالص لله، أين نصيب العقيدة من مناهج الدعوة الموجودة في الساحة؟
وكم هو نصيب العقيدة في جهود الدعاة؟
إننا لا نتعدى الحقيقة إذا قلنا: إن المتأمل في ساحة الدعوة والدعاة يجد أن هناك اهتماماتٍ شتى تزاحم هذا الأصل الأصيل، فهذا في قضايا السياسة وفقه الواقع، وآخر في الفكر والثقافة، وثالثٌ في الزهد والرقائق والفضائل، وآخرون يقصرون اهتماماتهم العقدية على جانب الحاكمية، ولربما جهلوا أو تجاهلوا أبواباً أخرى، أو تأثروا بمناهج وافدة جربت سنين عدداً من تأريخ الدعوة فما سببت إلا الفتن والمحن، وسببت من المحن ما لا يعلمه إلا الله.
إن علينا أن نأخذ العقيدة الصحيحة كلية من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومنهج السلف الصالح رحمهم الله، ونأخذها من العلماء الربانيين أهل الفقه والأثر، والدليل والنظر، في بعدٍ عن الهوى والدخن، والله المستعان.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله! الله أكبر الله أكبر ولله الحمد!......[/glow1]
[glow1=FF6600]أهمية دين الإسلام[/glow1]
[glow1=FF9900]أيها المسلمون! نحن أمة شرفها الله بهذا الدين، فكيف نرضى بغيره بديلاً؟
كيف يحلو لبعض الأدعياء أن ينعق بشعاراتٍ جاهلية، ويرفع ألوية لا دينية؟
إنه لا دين غير الإسلام الحق جامعاً للقلوب، وموحداً للدروب، ومنقذاً من الفتن والخطوب، إن هذا الدين من السمو والشمول والكمال بحيث تتضاءل أمامه النعرات الطائفية، والدعوات العنصرية، والشعارات القبلية، والانتماءات الحزبية، التي عانت منها الأمة ما عانت حتى طوحت بها في سراديب الغواية، ومستنقعات الضلالة.
لقد جربت الأمة طويلاً مناهج ومذاهب ومسالك ومشارب؛ فلم تجد فيها جمع الكلمة، ولا توحيد الصفوف، ولا استعادة الأمجاد، ولا النصر على الأعداء، بل كانت طريقاً إلى التمزق والدمار، والشقاء والبوار. لا بد أن تستيقن الأمة جميعاً أنه لا طريق إلا دين الله، ولا شرع إلا شرع الله، ولا نهج إلا نهج محمدٍ رسول الله عليه الصلاة والسلام: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة:50]^.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله! الله أكبر الله أكبر ولله الحمد!......[/glow1]
[glow1=FF6600]ضرورة الإصلاح[/glow1]
[glow1=FF9900]أمة الإسلام: إن نقطة الإصلاح ونواة التطلع لواقعٍ أفضل، ومستقبلٍ مشرقٍ -بإذن الله- يجب أن تبدأ من داخل النفوس، فتعمر النفوس بالإيمان والإسلام.
إن كثيراً من أجيال الأمة معزولة عن الإيمان، وتعاني من التمزق والازدواجية روحياً وفكرياً وتربوياً.
إن كثيراً من الأجيال تعاني من انهزامٍ نفسي وخواءٍ روحي، وتناقضٍ بين السلب والإيجاب في قنوات التوجيه والتربية ومناهج التعليم ووسائل الإعلام، وآخرين يعانون من تذبذبٍ واضطراب، وشكوكٍ وحيرة وقلق في تحديد المسار، ومعرفة الخطأ من الصواب في مناهج الدعوة، ومسالك الدعاة، حتى تمزقت عند كثيرٍ منهم أواصر المحبة في الله، ودعائم الأخوة الإيمانية، وإن طريق الخلاص يكمن في اجتماع الأمة بجماعاتها وقياداتها.. أفرادها وفئاتها على العقيدة السلفية الصحيحة، فلها وحدها يكون الولاء، ومن أجلها يكون البراء والولاء والمنع والعطاء، وإذا كانت الهجمات الشرسة والتحديات السافرة التي منيت بها هذه الأمة عبر التأريخ نابعة من الدين فلا تتحقق مواجهتها إلا بالتمسك المتين بعرى هذا الدين القويم.......[/glow1]
[glow1=FF9900]واجب العلماء في الإصلاح[/glow1]
[glow1=FF9900]إن واجب علماء الأمة ودعاة الإسلام كبيرٌ جداً في رسم المنهج الحق الذي يجب أن تسلكه الأجيال المسلمة حتى تتحقق وحدة الأمة بعيداً عن النظرات العصبية، والانتماءات الحزبية.
يجب أن نعنى بقضايا الاعتقاد الكلية، وبالأمور الكبرى، والأصول العظمى دون تمييعٍ للقضايا، ولا انهزامية في الطرح، ليس من الحكمة أن تضيع الأوقات وتسخر الأقلام لردود ومجادلات، وطعونٍ واتهامات، يجب أن تطرح القضايا على بساط البحث المتجرد، والنقاش النزيه، وبالمنهج العلمي الرصين مع احترام الآراء الاجتهادية، وعدم التحامل على المخالفين في المسائل الفرعية، ويعظم الأمر حينما تتهم النيات ويتعرض للمقاصد والإرادات، فالحق ليس حكراً على زيدٍ من الناس، والخلاف في المسائل الاجتهادية لا يتحول إلى خصومات وحروب سرية وعلنية.
وإنه لا ينبغي الدخول في هذا المورد إلا لأهل الاختصاص، أما المتطفلون على ساحة العلم فأولى لهم ثم أولى لهم أن يشتغلوا بأنفسهم، وتقويمها علمياً وإيمانياً وخلقياً، ولا يتطاولوا على مقامات العلماء وأقدار الفضلاء.
وإذا كان من حق كل أحدٍ أن ينتقد ويلاحظ فإن منهج النقد وأسلوب الملاحظة أمرٌ يجب التركيز عليه حتى لا نفسد من حيث نريد الإصلاح، ومن المعصوم عن الخطأ؟ ومن الذي ما ساء قط؟ ثم لماذا يربى الناشئة على النقد والملاحظة قبل أن ينضجوا؟
إن ذلك مسلكٌ يوغر الصدور، ويبعث الشرور، ولا يجوز أبداً أن يتحول الخلاف في المسائل العلمية وخلاف التنوع في وجهات النظر إلى أمور شخصية وانتصارات ذاتية.[/glow1]
[glow1=FF6600] المنهج في الإصلاح[/glow1]
[glow1=FF9900]لا بد من النظر في الأوليات، والبداية في المهمات فالمهمات، حتى لا تختلط الموازين، وتختل المعايير، ثم إنه ينبغي الرجوع إلى العلماء والبعد عن الهوى، ومعرفة مسئولية القلم، وأمانة الكلمة، ومصداقية الحرف في تسخيره لخدمة العقيدة، ووحدة الصفوف، وجمع كلمة المسلمين على العقيدة الصحيحة.
نعم. لا بد من تعرية كل منهجٍ دخيل، وكل فكرٍ هزيل، لكن بحسن التصوير، ودقة التعبير، وضوابط النقد ومنهجية الحوار، والحكمة ضالة المؤمن، والحق منهجه، وإخلاص النية مطيته، وليحذر طلاب العلم من القول على الله بلا علم فذلك جرمٌ فظيع، ومسلكٌ شنيع.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله! الله أكبر الله أكبر ولله الحمد![/glow1]
[glow1=FF6600]خطر الحكم على النيات[/glow1]
[glow1=FF9900]أمة الإسلام: من القضايا الخطيرة التي ينبغي التنبيه عليها: ما يقع فيه كثيرٌ من قليلي العلم والبصيرة، وضعيفي الإيمان من الحكم على معتقدات الناس ونياتهم ومقاصدهم، فيمتطون صهوة الحكم على العلماء والفضلاء، والقادة والزعماء، والدعاة والخطباء بتبديع أو تفسيق أو تضليل، بل لربما وصل الأمر إلى التكفير وإخراجهم من الملة، نعوذ بالله، أين الإيمان؟!
أين الخوف من الله؟!
أين استشعار رقابته سبحانه؟!
ألا بئس القوم وبئس صنيعهم!
نعم. لربما يلتمس ملتمس شيئاً من العذر لهذه النظرات الخاطئة؛ لغلوها في الدين بسبب الجهل وعدم الأخذ من العلماء؛ وبسبب النظرة التشاؤمية لما آلت إليه كثيرٌ من أمور المسلمين؛ بسبب إقصاء حكم الشريعة في كثيرٍ من البلاد، ووجود المظاهر المحرمة والدعوات الآثمة للإلحاد والعلمانية والإباحية، لكن منهج الدعوة في الحكمة والموعظة الحسنة يأبى أن تتحول الأفعال إلى ردود أفعال، وأن يكون التطرف اللاديني باعثاً إلى ما عرف اليوم بالتطرف الديني -وهو ما يعرف شرعاً بالغلو في الدين- حتى جنحت الدعوة إلى قتلٍ وعنفٍ وجرت من الفتن ما لا يعلمه إلا الله.
وهنا أوجه الدعوة والنداء إلى القادة والزعماء، والدعاة والعلماء، وأهل الحل والعقد في الأمة: أن يقوم كل بواجبه في نصرة دين الله، وإحقاق الحق وردع الباطل، وألا يعمم الحكم على الجميع، فالتدين والمتدينون هم أهل الخير في الأمة، وليست كل بيضاء شحمة ولا كل سوداء فحمة.[/glow1]
[glow1=FF6600]واجب الولاة والزعماء في الإصلاح[/glow1]
[glow1=FF9900]فيا قادة المسلمين! ويا أيها الولاة والزعماء! إن مسئوليتكم عظيمة: [[إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن ]]^ سوسوا شعوبكم بكتاب الله، واحكموهم بسنة رسول الله، أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه، أدوا الأمانة التي تحملتموها، واحكموا الناس بالعدل والإنصاف، وأداء الحقوق، كونوا سنداً وعضداً لأهل الخير والدعوة والحسبة والإصلاح، حكموا الشريعة في أرض الله على عباد الله، واتخذوا من العلماء الربانيين بطانة، ومن أهل الصلاح والنصح جلساء ومستشارين، تصلح أحوالكم وأحوال شعوبكم، وتبقى مكانتكم، ويعم الأمن والأمان بلادكم.
علماء الإسلام: إن مسئوليتكم في تبليغ هذا الدين كبيرة، وأمانتكم جسيمة، انزلوا إلى ميدان التوجيه والإرشاد، واحملوا سلاح الدعوة والبلاغ، واحذروا من التقصير في أداء ما حملتم، وكتمان ما أوتيتم فإن خطره كبير، واعلموا أن ضعف كثير من العامة في أمور عقيدتهم وأمور دينهم وانتشار الجهل في كثير من الناس سببه تواريكم عن الساحة، وإحجامكم عن النزول إلى الميدان، وصونوا علمكم عن مطامع الدنيا وشهواتها.[/glow1]
[glow1=FF6600] واجب الدعاة في الإصلاح[/glow1]
[glow1=FF9900]دعاة الإسلام: دوركم كبير جد كبير، لقد حملتم شرف الدعوة، وشرفتم بتولي ميراث النبوة، فاسلكوا أثر أفضل الدعاة عليه الصلاة والسلام، ركزوا على الدعوة إلى العقيدة، واهتموا بالنوع والكيف، لا بالكثرة والكم، اجمعوا قلوبكم ووحدوا صفوفكم، فالدعوة إلى الله ليست تجمعات حزبية، ولا تنظيمات عصبية، وإنما هي رسالة صلاحٍ وإصلاح لعموم البشرية، حذار أن يوقع الشيطان بينكم، وأن يشتغل بعضكم ببعض والعدو يتفرج من حولكم، ركزوا على العلم، ولقد ثبت في الساحة أن أي دعوة لا تجعل للعلم الشرعي القدح المعلى فإنها تتعثر.
ولا تستعجلوا النتائج أيها الدعاة، واسلكوا سبيل الحكمة والرفق والعقل، وبعد النظر وتحكيم المصالح الشرعية، والرجوع إلى العلماء، ومتى جنحت الدعوة إلى العنف وسلكت مسالك الاندفاع والتهور، فشلت وسببت لأصحابها الضرر العاجل، عليكم بالرفق أيها الدعاة، فما كان في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه، اتصلوا بولاة الأمور، وسدوا الفجوة التي يريد خصومكم أن ينفذوا إليكم من خلالها.[/glow1]
[glow1=FF6600]حقيقة الانتماء إلى الإسلام[/glow1]
[glow1=FF9900]أمة الإسلام: إنه لا عز للبشرية ولا صلاح للإنسانية إلا بتطبيق الإسلام، والإسلام الحق المبني على العقيدة الصحيحة، والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم، والسير على ما سار عليه السلف الصالح.
إن كثيراً من الناس يدَّعون الإسلام ولكنه ادعاءٌ وانتماءٌ لا حقيقة، إنه لا بد من تحقيق كلمة التوحيد، ولا بد من توحيد الكلمة عليها.
إن تضامن المسلمين اليوم ووحدتهم مطلبٌ جدُ مهم في عزهم وقوتهم وانتصارهم على أعدائهم، وإن الفرقة والخلاف لهما الداء العضال الذي يفتت جسد الأمة ويقطعها.
فاحرصوا -رحمكم الله- على الجماعة، واحذروا الشقاق والنزاع والفرقة، فإن يد الله مع الجماعة، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، وإن مما يدعم ذلك تلاحم الشعوب مع قادتهم، ومعرفة حقوق ولاة أمور المسلمين وعلمائهم، أما الولاة فحقوقهم على رعاياهم السمع والطاعة لهم بالمعروف، وعدم الخروج عليهم والتنصل من بيعتهم؛ لأن ذلك من أعظم أسباب الفتن ودواعي الفساد في البلاد والعباد؛ فبهم تأمن السبل، ويستتب الأمن، وتصان الحقوق، وتقام الحدود، وتحصن الثغور، طاعتهم في المعروف من طاعة الله ورسوله، والخروج على ولاة الأمور ومنازعتهم، وإظهار أخطائهم أمام الناس، والوقيعة في أعراضهم مخالفٌ لمنهج السلف الصالح ، ولما عليه أهل السنة والجماعة ، وطريق النصح المشروع ليس بالتشهير والتجريح، فهذا لا يسلكه إلا من جهل ما يترتب عليه من مفاسد في الدين والدنيا.
أما العلماء فيجب معرفة قدرهم، والقيام بحقهم، والدعاء لهم، وعدم الوقيعة في أعراضهم، وإننا لنأسف أشد الأسف من أناسٍ أغرار حدثاء جهلوا مكانة العلماء فوقعوا في أعراضهم تجريحاً وتنقيصاً، رموهم سفهاً بالمداهنة والتزلف؛ لا لشيء إلا لأنهم سلكوا طريق الحكمة في معالجة الأمور.
وإن التفكه بأعراض العلماء والولاة في المجالس سمٌ قاتل، وبلاءٌ ظاهر، وداءٌ عضال، وإثمٌ واضح، ففيه إيذاءٌ للمؤمنين، وغيبة للمسلمين، ووقوعٌ في أعراضهم، وكفى بذلك إثماً وخطراً، مع أن هذا المسلك لا يخدم مصلحة، ولا يحقق منفعة ولا يزول به منكر، فمن علم أنه موقوف بين يدي الله ومسئول عن قوله وفعله وقف عند حده والتزم شرع ربه، وأما من غلب عليه الجهل والهوى وأعجب برأيه، فلا حيلة فيه، ويُخشى أن يوقع نفسه وغيره في أمور لا يعلم عواقبها إلا الله، فيحصل الندم حيث لات ساعة مندم.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله! الله أكبر الله أكبر ولله الحمد!......[/glow1]
للتحميل
تحياتي
أسير العشاق
[/align]