بسم الله الرحمن الرحيم
هذه ترجمة لمقابلة أجريت مع الدكتور إدوارد هاول Edward Howell. وهو مؤلف لكتابين هما: إنظيمات الطعام للتمتع بالصحة وطول العمر Food Enzymes for Health and Longevity والتغذية بالإنظيمات Enzyme Nutrition. والمقابلة مهمة لأنها مع متخصص قضى عمره يبحث في جدوى العلاج بالإنظيمات، كما أنها تقدم الكثير من المعلومات المهمة التي تفتح مجالاً جديداً أرجو أن يغري المختصين بالتغذية عندنا بالبحث والدراسة.
مواد لازمة
@ ما هي الإنظيمات؟
- الإنظيمات مواد لازمة لكل تفاعل كيميائي في أجسامنا، فبدون الإنظيمات لا يحدث أي نشاط يذكر. فلا يمكن للفيتامينات أو المعادن أو الهرمونات أن تؤدي وظائفها بدون الإنظيمات. والعملية تشبه إقامة مبنى ما، فالإنظيمات هي العمّال الذين يقومون بالبناء. فحتى لو توفرت جميع مواد البناء لن يتم إنشاء المبنى بدون عمّال يضعون كل مادة في مكانها المطلوب. وبالمثل، قد يحتوي الجسم على جميع ما يحتاج إليه من مغذيات مثل الفيتامينات والبروتينات والمعادن.. الخ. ولكن بدون الإنظيمات لا يستفيد الجسم منها.
حاملات بروتينية
@ هل الإنظيمات هي محفزات كيميائية تسرّع التفاعلات المختلفة؟
- لا. الإنظيمات هي أكثر من ذلك بكثير. فالمحفزات مواد خاملة لا تحتوي على الطاقة الحيّة الموجودة في الإنظيمات. فمثلاً، تطلق الإنظيمات نوع من الإشعاع عندما تعمل. وهذا لا يحصل مع المحفزات. وعلى الرغم من أن الإنظيمات تحتوي على بروتينات، وبعضها يحتوي على فيتامينات، إلا أنه لم يتم تصنيع النشاط الإنظيمي حتى الآن. كما أنه لم يتم الوصول إلى تركيبة من البروتينات أو الأحماض الأمينية او أي مادة أخرى لها نفس النشاط الإنظيمي. ولذلك يمكن القول أن الإنظيمات تتألف من حاملات بروتينية مشحونة بالطاقة مثل البطاريات الجافة التي تتألف من صفائح معدنية مشحونة بطاقة كهربائية.
الحيوية يجب ان تستمر
@ ومن أين تأتي الإنظيمات التي في أجسامنا؟
- يبدو أننا نرث بعض القدرات الإنظيمية منذ الولادة. وهذا المخزون المحدود من عوامل النشاط أو القوة الحيوية يجب ان يستمر باستمرار الحياة. مثل ان نرث مقداراً معيناً من المال فإذا أخذنا نصرف منه دون أن نعوّض ما صرفنا فسوف نفلس في النهاية. وبالمثل، كلما أسرع الإنسان في استنفاذ مخزون جسمه من النشاط الإنظيمي كلما فرغ جسمه منه. وقد أظهرت التجارب التي أجريت في جامعات مختلفة أنه كلما زادت سرعة النشاط الأيضي كلما قصرت الحياة مهما كان نوع الجنس الحي. ومن منظار آخر، يبدو أن الإنسان يعيش ما دام في جسمه عوامل نشاط إنظيمي لإنتاج الإنظيمات. وعندما يعجز الجسم عن إنتاج انواع معينة من الإنظيمات تنتهي حياته.
يأكل أطعمة مطبوخة
@ وهل يقوم الإنسان بأشياء تتسبب في نفاد مخزون جسمه من الإنظيمات؟
- نعم. فكل إنسان تقريباً يأكل أطعمة مطبوخة. ويجب تذكّر أن طبخ الطعام إلى درجة 212فهرنهايت يقضي على جميع الإنظيمات فيه. أما عندما يحتوي الطعام على الإنظيمات فإنه يقوم بكثير مما يلزم لهضمه، ولكن عندما يتناول أطعمة مطبوخة خالية من الإنظيمات يجبر جسمه على جلب إنظيمات من أجهزة الجسم الأخرى ليتمكن من هضم الطعام، وهذا يؤدي إلى استنزاف مخزون الجسم من الإنظيمات.
عوامل التقدم بالسن
@ ما مدى جديّة استنزاف مخزون الإنظيمات في الجسم الذي سببه تناول أطعمة مطبوخة أو معالجة بالكامل؟
- أعتقد أن هذا الاستنزاف هو أحد أكبر الأسباب المؤدية إلى ظهور عوامل التقدم بالسن والوفاة المبكرة. كما أعتقد كذلك أنه المسبب الرئيس خلف حدوث كل الأمراض المستعصية تقريباً. فإذا ألقي على الجسم عبء توفير الإنظيمات للعاب وللعصارات الهاضمة والعصارات البنكرياسية وعصارات الأمعاء فسوف يقوم الجسم بتقليص إنتاجه للإنظيمات الخاصة بالغايات الأخرى. وعندما يحدث هذا كيف يمكن للجسم أن ينتج إنظيمات كافية لتشغيل المخ والقلب والكلى والرئتين والعضلات وغيرها من الأعضاء والأنسجة؟ فسرقة الإنظيمات تلك من أعضاء الجسم الأخرى للوفاء باحتياجات القناة الهضمية يضع الأعضاء في موضع تنافس للحصول على الإنظيمات. وإعادة التموضع الأيضية الناتجة قد تكون هي السبب المباشر لتكون الأورام وأمراض القلب والسكر وغيرها من الأمراض المستعصية غير القابلة للشفاء. وهذه الحالة المتأزمة من النقص الإنظيمي توجد لدى أغلب الأشخاص الذين يتناولون طعاماً حديثاً (معالجاً) خالياً من الإنظيمات.
تناول لحوماً طبخها
@ : هل بدأت الأمراض لدى الإنسان عندما بدأ الإنسان بطبخ طعامه؟
- تشير الدلائل إلى ذلك. فمثلاً، دلت الحفريات على أن إنسان الكهف في نصف الكرة الأرضية الشمالي استخدم النار لطهي طعامه منذ 50000سنة فقد عاش في الكهوف وتناول لحوماً طبخها على النار التي كانت تدفيء وتضيء كهفه. والحفريات تدل على أن إنسان الكهف ذاك كان يعاني من اتهاب في المفاصل. ومن المحتمل كذلك أنه كان يعاني من السكر أو الأورام أو أمراض الكلى وغيرها، ولكن لا يمكن التأكد من ذلك لأن أنسجة جسمه قد تآكلت. ويعلم العلماء أن هناك ساكن آخر للكهوف وهو دب الكهوف الذي كان يحمي الإنسان الأول من هجمات نمور الكهوف التي كانت تأوي إلى الكهوف هرباً من البرد القارس. وتبعاً لأقوال علماء الإحاثة كانت دببة الكهوف حيوانات نصف مستأنسة تعيش أيضاً على لحوم طهاها لها إنسان الكهف. وتشير الدلائل إلى أن دببة الكهوف كانت تعاني كذلك من التهابات مفاصل مزمنة.
داء المفاصل
@ أليس من المحتمل أن البرد الشديد هو سبب التهاب المفاصل لدى الإنسان والحيوان؟
- لا أعتقد ذلك، فعند النظر إلى الإسكيمو الذين يعيشون في مناطق متجمدة بالكامل نجد أنهم لا يعانون أبداً من داء المفاصل وغيره من الأمراض المستعصية التي كانت تصيب إنسان الكهف الأول. فغذاء الإسكيمو يتكون من لحوم شبه نيئة (محمرة بنار خفيفة ودائماً وسطها نيء بالكامل) وبهذه الطريقة كان طعامهم غنيً بالإنظيمات اللازمة لهضمه وتمثيله. وكلمة إسكيمو ذاتها تعني باللغة المحلية هو الذي يأكل الطعام النيء! ومن المثير للعجب انه لا يوجد في تراث الإسكيمو ما يمكن تسميته بطبيب بينما مركز الطبيب مهم في مجتمعات الهنود الحمر الذين كانوا يتناولون أطعمة مطبوخة!!
تستهلك بصورة سريعة
@ ما هي الدلائل التي تشير إلى أن الإنسان يعاني من نقص في الإنظيمات؟
- لقد جمعت خلال الأربعين سنة الماضية آلاف الدلائل التي توثق نظرياتي في النشاط الإنظيمي. فبداية، من بين جميع المخلوقات توجد أدنى مستويات إنظيمات هضم النشويات في دم الإنسان، كما توجد لدى الإنسان أعلى مستويات من تلك الإنظيمات في بوله مما يعني أنها تستهلك بصورة سريعة. والدليل الآخر هو أن الإنسان ليس مختلفاً عن غيره من المخلوقات ولكنه أكثرها تناولاً للنشويات المطبوخة. ونعلم أيضاً أن انخفاض مستويات الإنظيمات في الدم يتزامن مع وجود أمراض مستعصية مثل الحساسية وأمراض البشرة والسكر والسرطان. وبالإضافة إلى ذلك تشير الدلائل إلى أن الأطعمة المطبوخة الخالية من الإنظيمات تتسبب في التضخم المرضي للغدة النخامية التي تنظم الغدد الأخرى. وزيادة على ذلك تشير الأبحاث إلى أنه وجد أن 100% ممن هم فوق سن الخمسين وماتوا بسبب الحوادث يعانون من خلل في الغدة النخامية. وأنا أعتقد أن نقص الإنظيمات في الطعام هو السبب في حدوث البلوغ المبكر لدى أطفال ومراهقي اليوم، كما أنه السبب وراء إصابتهم بالبدانة. وتدل كثير من التجارب التي أجريت على الحيوانات على أن الطعام الخالي من الإنظيمات يؤدي إلى تسريع الدخول في مرحلة البلوغ وإلى البدانة مقارنة بالحيوانات التي تتناول أطعمة نيئة غنية بالإنظيمات. فالخنازير التي يربيها المزارعون على البطاطس المطبوخة تسمن أكثر من تلك التي يقدمون لها البطاطس غير المطبوخة. والدليل الأخير يشير إلى الفرق الكبير بين السعرات الحرارية من الأطعمة المطبوخة وغير المطبوخة. ومن خلال خبرتي الطويلة وجدت أن من المستحيل تقريباً حدوث السمنة والفرد يتناول اطعمة نيئة غير مطبوخة بغض النظر عن عدد السعرات الحرارية التي يستهلكها!! كما أن هناك تأثيرآخر لنقص الإنظيمات قد لوحظ على حيوانات التجارب وهو ان حجم المخ يتناقص، وتتضخم الغدة الدرقية على الرغم من توفر اليود. ومن الصعب إثبات ذلك بالنسبة إلى الإنسان ولكن تلك التجارب تطرح إمكانيته بالنسبة للإنسان.
يعتبر أضخم من غيره
@ وماذا هنالك أيضاً؟
- انظروا بعين الاعتبار إلى أن بنكرياس الإنسان يقع عليه عبء إنتاج الإنظيمات أكثر من أي مخلوق آخر يعيش على الطعام النيء. وعند المقارنة نجد أن وزن بنكرياس الإنسان يبلغ ضعف حجم بنكرياس البقرة التي تعيش على العشب النيء. كما أن هناك دلائل تشير إلى أن حجم بنكرياس فئران التجارب التي تعيش على أطعمة مطبوخة يبلغ ضعف حجم بنكرياس الفئران التي تعيش على الأطعمة النيئة. وهناك دلائل تشير أيضاً إلى أن حجم بنكرياس الإنسان يعتبر أضخم من غيره من المخلوقات مقارنة بحجم الجسم. ويتماثل خطرهذا التضخم الكبير في البنكرياس خطر تضخم القلب وتضخم الغدة الدرقية وقد يتفوق عليها في الخطر، فالإنتاج الزائد للإنظيمات لدى الإنسان هو تكيف مرضي نتيجة لتناول اطعمة خالية من الإنظيمات. والبنكرياس ليس هو العضو الوحيد في الجسم الذي يفرط في إنتاج الإنظيمات بسبب تناول الأطعمة المطبوخة، فالغدد اللعابية لدى الإنسان تنتج الإنظيمات بكميات لا يمكن أن توجد لدى الحيوانات البرية التي تأكل طعامها نيئاً. ومن المثير الإشارة أنه لم توجد أية إنظيمات في لعاب بعض الحيوانات التي تتناول طعاماً نيئاً، فالبقر والماعز تنتج الكثير من اللعاب الخالي من الإنظيمات. والكلاب أيضاً لا يوجد في لعابها إنظيمات عنما يكون طعامها نيئاً اما عندما تقدم لها الأطعمة النشوية المعلبة والمطبوخة تبدأ الإنظيمات في الظهور في لعابها خلال عشرة أيام من تناول الأطعمة المطبوخة. وهناك دلائل تشير إلى أن وجود الإنظيمات في اللعاب حالة مرَضيّة وليست حالة طبيعية. فالإنظيمات الموجودة في اللعاب لا تهضم النشويات النيئة ولا تعمل إلا على النشويات المطبوخة مما يدل على أن الجسم يوجه بعض إنتاجه المحدود من الإنظيمات إلى اللعاب عندما يضطر إلى ذلك. وفي مجال التجارب على الحيوانات التي قمت بها في الماضي قدمت أطعمة مطبوخة لمجموعة من الفئران وأطعمة نيئة لمجموعة أخرى طوال حياتها التي استمرت لمدة ثلاث سنوات تقريباً. وقد أذهلتني النتائج مع اقتراب التجربة من نهايتها لأنه لم يكن هناك فرق يذكر بين المجموعتين في طول العمر. وبعد فترة، اكتشفت السبب. اتضح أن الفئران التي تأكل أطعمة مطبوخة لا تزال تحصل على الإنظيمات من مصدر غير متوقع. فقد كانت تأكل برازها الذي يحتوي على إنظيمات يفرزها جسمها!!! ومن المعروف أن أي براز بما فيها الإنساني يحتوي على إنظيمات استعملها الجسم، وقد كانت تلك الفئران تعيد تدوير إنظيماتها بأكل برازها!! وهذا هو سبب أن أعمارها ماثلت أعمار المجموعة التي كانت تحصل على الإنظيمات من الأطعمة النيئة. ومن المتعارف عليه أن حيوانات التجارب في كل مكان تأكل برازها على الرغم من أنها كلها تقريباً تحصل على أطعمة غنية بالفيتامينات والبروتينات والمعادن. ولكنها تعلم بالغريزة أنها بحاجة إلى الإنظيمات فتأكل برازها.
يتبع
هذه ترجمة لمقابلة أجريت مع الدكتور إدوارد هاول Edward Howell. وهو مؤلف لكتابين هما: إنظيمات الطعام للتمتع بالصحة وطول العمر Food Enzymes for Health and Longevity والتغذية بالإنظيمات Enzyme Nutrition. والمقابلة مهمة لأنها مع متخصص قضى عمره يبحث في جدوى العلاج بالإنظيمات، كما أنها تقدم الكثير من المعلومات المهمة التي تفتح مجالاً جديداً أرجو أن يغري المختصين بالتغذية عندنا بالبحث والدراسة.
مواد لازمة
@ ما هي الإنظيمات؟
- الإنظيمات مواد لازمة لكل تفاعل كيميائي في أجسامنا، فبدون الإنظيمات لا يحدث أي نشاط يذكر. فلا يمكن للفيتامينات أو المعادن أو الهرمونات أن تؤدي وظائفها بدون الإنظيمات. والعملية تشبه إقامة مبنى ما، فالإنظيمات هي العمّال الذين يقومون بالبناء. فحتى لو توفرت جميع مواد البناء لن يتم إنشاء المبنى بدون عمّال يضعون كل مادة في مكانها المطلوب. وبالمثل، قد يحتوي الجسم على جميع ما يحتاج إليه من مغذيات مثل الفيتامينات والبروتينات والمعادن.. الخ. ولكن بدون الإنظيمات لا يستفيد الجسم منها.
حاملات بروتينية
@ هل الإنظيمات هي محفزات كيميائية تسرّع التفاعلات المختلفة؟
- لا. الإنظيمات هي أكثر من ذلك بكثير. فالمحفزات مواد خاملة لا تحتوي على الطاقة الحيّة الموجودة في الإنظيمات. فمثلاً، تطلق الإنظيمات نوع من الإشعاع عندما تعمل. وهذا لا يحصل مع المحفزات. وعلى الرغم من أن الإنظيمات تحتوي على بروتينات، وبعضها يحتوي على فيتامينات، إلا أنه لم يتم تصنيع النشاط الإنظيمي حتى الآن. كما أنه لم يتم الوصول إلى تركيبة من البروتينات أو الأحماض الأمينية او أي مادة أخرى لها نفس النشاط الإنظيمي. ولذلك يمكن القول أن الإنظيمات تتألف من حاملات بروتينية مشحونة بالطاقة مثل البطاريات الجافة التي تتألف من صفائح معدنية مشحونة بطاقة كهربائية.
الحيوية يجب ان تستمر
@ ومن أين تأتي الإنظيمات التي في أجسامنا؟
- يبدو أننا نرث بعض القدرات الإنظيمية منذ الولادة. وهذا المخزون المحدود من عوامل النشاط أو القوة الحيوية يجب ان يستمر باستمرار الحياة. مثل ان نرث مقداراً معيناً من المال فإذا أخذنا نصرف منه دون أن نعوّض ما صرفنا فسوف نفلس في النهاية. وبالمثل، كلما أسرع الإنسان في استنفاذ مخزون جسمه من النشاط الإنظيمي كلما فرغ جسمه منه. وقد أظهرت التجارب التي أجريت في جامعات مختلفة أنه كلما زادت سرعة النشاط الأيضي كلما قصرت الحياة مهما كان نوع الجنس الحي. ومن منظار آخر، يبدو أن الإنسان يعيش ما دام في جسمه عوامل نشاط إنظيمي لإنتاج الإنظيمات. وعندما يعجز الجسم عن إنتاج انواع معينة من الإنظيمات تنتهي حياته.
يأكل أطعمة مطبوخة
@ وهل يقوم الإنسان بأشياء تتسبب في نفاد مخزون جسمه من الإنظيمات؟
- نعم. فكل إنسان تقريباً يأكل أطعمة مطبوخة. ويجب تذكّر أن طبخ الطعام إلى درجة 212فهرنهايت يقضي على جميع الإنظيمات فيه. أما عندما يحتوي الطعام على الإنظيمات فإنه يقوم بكثير مما يلزم لهضمه، ولكن عندما يتناول أطعمة مطبوخة خالية من الإنظيمات يجبر جسمه على جلب إنظيمات من أجهزة الجسم الأخرى ليتمكن من هضم الطعام، وهذا يؤدي إلى استنزاف مخزون الجسم من الإنظيمات.
عوامل التقدم بالسن
@ ما مدى جديّة استنزاف مخزون الإنظيمات في الجسم الذي سببه تناول أطعمة مطبوخة أو معالجة بالكامل؟
- أعتقد أن هذا الاستنزاف هو أحد أكبر الأسباب المؤدية إلى ظهور عوامل التقدم بالسن والوفاة المبكرة. كما أعتقد كذلك أنه المسبب الرئيس خلف حدوث كل الأمراض المستعصية تقريباً. فإذا ألقي على الجسم عبء توفير الإنظيمات للعاب وللعصارات الهاضمة والعصارات البنكرياسية وعصارات الأمعاء فسوف يقوم الجسم بتقليص إنتاجه للإنظيمات الخاصة بالغايات الأخرى. وعندما يحدث هذا كيف يمكن للجسم أن ينتج إنظيمات كافية لتشغيل المخ والقلب والكلى والرئتين والعضلات وغيرها من الأعضاء والأنسجة؟ فسرقة الإنظيمات تلك من أعضاء الجسم الأخرى للوفاء باحتياجات القناة الهضمية يضع الأعضاء في موضع تنافس للحصول على الإنظيمات. وإعادة التموضع الأيضية الناتجة قد تكون هي السبب المباشر لتكون الأورام وأمراض القلب والسكر وغيرها من الأمراض المستعصية غير القابلة للشفاء. وهذه الحالة المتأزمة من النقص الإنظيمي توجد لدى أغلب الأشخاص الذين يتناولون طعاماً حديثاً (معالجاً) خالياً من الإنظيمات.
تناول لحوماً طبخها
@ : هل بدأت الأمراض لدى الإنسان عندما بدأ الإنسان بطبخ طعامه؟
- تشير الدلائل إلى ذلك. فمثلاً، دلت الحفريات على أن إنسان الكهف في نصف الكرة الأرضية الشمالي استخدم النار لطهي طعامه منذ 50000سنة فقد عاش في الكهوف وتناول لحوماً طبخها على النار التي كانت تدفيء وتضيء كهفه. والحفريات تدل على أن إنسان الكهف ذاك كان يعاني من اتهاب في المفاصل. ومن المحتمل كذلك أنه كان يعاني من السكر أو الأورام أو أمراض الكلى وغيرها، ولكن لا يمكن التأكد من ذلك لأن أنسجة جسمه قد تآكلت. ويعلم العلماء أن هناك ساكن آخر للكهوف وهو دب الكهوف الذي كان يحمي الإنسان الأول من هجمات نمور الكهوف التي كانت تأوي إلى الكهوف هرباً من البرد القارس. وتبعاً لأقوال علماء الإحاثة كانت دببة الكهوف حيوانات نصف مستأنسة تعيش أيضاً على لحوم طهاها لها إنسان الكهف. وتشير الدلائل إلى أن دببة الكهوف كانت تعاني كذلك من التهابات مفاصل مزمنة.
داء المفاصل
@ أليس من المحتمل أن البرد الشديد هو سبب التهاب المفاصل لدى الإنسان والحيوان؟
- لا أعتقد ذلك، فعند النظر إلى الإسكيمو الذين يعيشون في مناطق متجمدة بالكامل نجد أنهم لا يعانون أبداً من داء المفاصل وغيره من الأمراض المستعصية التي كانت تصيب إنسان الكهف الأول. فغذاء الإسكيمو يتكون من لحوم شبه نيئة (محمرة بنار خفيفة ودائماً وسطها نيء بالكامل) وبهذه الطريقة كان طعامهم غنيً بالإنظيمات اللازمة لهضمه وتمثيله. وكلمة إسكيمو ذاتها تعني باللغة المحلية هو الذي يأكل الطعام النيء! ومن المثير للعجب انه لا يوجد في تراث الإسكيمو ما يمكن تسميته بطبيب بينما مركز الطبيب مهم في مجتمعات الهنود الحمر الذين كانوا يتناولون أطعمة مطبوخة!!
تستهلك بصورة سريعة
@ ما هي الدلائل التي تشير إلى أن الإنسان يعاني من نقص في الإنظيمات؟
- لقد جمعت خلال الأربعين سنة الماضية آلاف الدلائل التي توثق نظرياتي في النشاط الإنظيمي. فبداية، من بين جميع المخلوقات توجد أدنى مستويات إنظيمات هضم النشويات في دم الإنسان، كما توجد لدى الإنسان أعلى مستويات من تلك الإنظيمات في بوله مما يعني أنها تستهلك بصورة سريعة. والدليل الآخر هو أن الإنسان ليس مختلفاً عن غيره من المخلوقات ولكنه أكثرها تناولاً للنشويات المطبوخة. ونعلم أيضاً أن انخفاض مستويات الإنظيمات في الدم يتزامن مع وجود أمراض مستعصية مثل الحساسية وأمراض البشرة والسكر والسرطان. وبالإضافة إلى ذلك تشير الدلائل إلى أن الأطعمة المطبوخة الخالية من الإنظيمات تتسبب في التضخم المرضي للغدة النخامية التي تنظم الغدد الأخرى. وزيادة على ذلك تشير الأبحاث إلى أنه وجد أن 100% ممن هم فوق سن الخمسين وماتوا بسبب الحوادث يعانون من خلل في الغدة النخامية. وأنا أعتقد أن نقص الإنظيمات في الطعام هو السبب في حدوث البلوغ المبكر لدى أطفال ومراهقي اليوم، كما أنه السبب وراء إصابتهم بالبدانة. وتدل كثير من التجارب التي أجريت على الحيوانات على أن الطعام الخالي من الإنظيمات يؤدي إلى تسريع الدخول في مرحلة البلوغ وإلى البدانة مقارنة بالحيوانات التي تتناول أطعمة نيئة غنية بالإنظيمات. فالخنازير التي يربيها المزارعون على البطاطس المطبوخة تسمن أكثر من تلك التي يقدمون لها البطاطس غير المطبوخة. والدليل الأخير يشير إلى الفرق الكبير بين السعرات الحرارية من الأطعمة المطبوخة وغير المطبوخة. ومن خلال خبرتي الطويلة وجدت أن من المستحيل تقريباً حدوث السمنة والفرد يتناول اطعمة نيئة غير مطبوخة بغض النظر عن عدد السعرات الحرارية التي يستهلكها!! كما أن هناك تأثيرآخر لنقص الإنظيمات قد لوحظ على حيوانات التجارب وهو ان حجم المخ يتناقص، وتتضخم الغدة الدرقية على الرغم من توفر اليود. ومن الصعب إثبات ذلك بالنسبة إلى الإنسان ولكن تلك التجارب تطرح إمكانيته بالنسبة للإنسان.
يعتبر أضخم من غيره
@ وماذا هنالك أيضاً؟
- انظروا بعين الاعتبار إلى أن بنكرياس الإنسان يقع عليه عبء إنتاج الإنظيمات أكثر من أي مخلوق آخر يعيش على الطعام النيء. وعند المقارنة نجد أن وزن بنكرياس الإنسان يبلغ ضعف حجم بنكرياس البقرة التي تعيش على العشب النيء. كما أن هناك دلائل تشير إلى أن حجم بنكرياس فئران التجارب التي تعيش على أطعمة مطبوخة يبلغ ضعف حجم بنكرياس الفئران التي تعيش على الأطعمة النيئة. وهناك دلائل تشير أيضاً إلى أن حجم بنكرياس الإنسان يعتبر أضخم من غيره من المخلوقات مقارنة بحجم الجسم. ويتماثل خطرهذا التضخم الكبير في البنكرياس خطر تضخم القلب وتضخم الغدة الدرقية وقد يتفوق عليها في الخطر، فالإنتاج الزائد للإنظيمات لدى الإنسان هو تكيف مرضي نتيجة لتناول اطعمة خالية من الإنظيمات. والبنكرياس ليس هو العضو الوحيد في الجسم الذي يفرط في إنتاج الإنظيمات بسبب تناول الأطعمة المطبوخة، فالغدد اللعابية لدى الإنسان تنتج الإنظيمات بكميات لا يمكن أن توجد لدى الحيوانات البرية التي تأكل طعامها نيئاً. ومن المثير الإشارة أنه لم توجد أية إنظيمات في لعاب بعض الحيوانات التي تتناول طعاماً نيئاً، فالبقر والماعز تنتج الكثير من اللعاب الخالي من الإنظيمات. والكلاب أيضاً لا يوجد في لعابها إنظيمات عنما يكون طعامها نيئاً اما عندما تقدم لها الأطعمة النشوية المعلبة والمطبوخة تبدأ الإنظيمات في الظهور في لعابها خلال عشرة أيام من تناول الأطعمة المطبوخة. وهناك دلائل تشير إلى أن وجود الإنظيمات في اللعاب حالة مرَضيّة وليست حالة طبيعية. فالإنظيمات الموجودة في اللعاب لا تهضم النشويات النيئة ولا تعمل إلا على النشويات المطبوخة مما يدل على أن الجسم يوجه بعض إنتاجه المحدود من الإنظيمات إلى اللعاب عندما يضطر إلى ذلك. وفي مجال التجارب على الحيوانات التي قمت بها في الماضي قدمت أطعمة مطبوخة لمجموعة من الفئران وأطعمة نيئة لمجموعة أخرى طوال حياتها التي استمرت لمدة ثلاث سنوات تقريباً. وقد أذهلتني النتائج مع اقتراب التجربة من نهايتها لأنه لم يكن هناك فرق يذكر بين المجموعتين في طول العمر. وبعد فترة، اكتشفت السبب. اتضح أن الفئران التي تأكل أطعمة مطبوخة لا تزال تحصل على الإنظيمات من مصدر غير متوقع. فقد كانت تأكل برازها الذي يحتوي على إنظيمات يفرزها جسمها!!! ومن المعروف أن أي براز بما فيها الإنساني يحتوي على إنظيمات استعملها الجسم، وقد كانت تلك الفئران تعيد تدوير إنظيماتها بأكل برازها!! وهذا هو سبب أن أعمارها ماثلت أعمار المجموعة التي كانت تحصل على الإنظيمات من الأطعمة النيئة. ومن المتعارف عليه أن حيوانات التجارب في كل مكان تأكل برازها على الرغم من أنها كلها تقريباً تحصل على أطعمة غنية بالفيتامينات والبروتينات والمعادن. ولكنها تعلم بالغريزة أنها بحاجة إلى الإنظيمات فتأكل برازها.
يتبع