شروط وأحكام وانواع الزواج

ابوحمد

مراقب قسم عالم الرياضة
شروط وأحكام وانواع الزواج

بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:

التراضي و الولي بالنسبة للمرأة

والشهادة والمهر والعفة (الإحصان) والكفاءة، والصيغة الدالة على النكاح،
هي أهم شروط عقد النكاح مع الاختلاف في ثبوت بعضها ضمن شروط العقد

و شروط العقد سبعة، وإليك تفصيلها وبيانها:
أولاً: التراضي:
عقد الزواج اختياري ولا يجوز فيه الإكراه بوجه من الوجوه وذلك أنه يتعلق بحياة الزوجين (الرجل والمرأة) ومستقبلهما وأولادهما ولذلك فلا يجوز أن يدخل طرف من طرفي العقد مكرهاً. أما بالنسبة للرجل فهذا مما لا خلاف فيه. وأما بالنسبة للمرأة فالأصل في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:

[الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها]. رواه الجماعة إلا البخاري عن ابن عباس.
وفي رواية لأبي هريرة: [لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا البكر حتى تستأذن]. قالوا: يا رسول الله، وكيف إذنها؟ قال: [أن تسكت] رواه الجماعة.

وعن عائشة قالت يا رسول الله: تستأمر النساء في أبضاعهن، قال: [نعم]، قلت: إن البكر تستأذن وتستحي. قال: [إذنها صماتها]. (رواه البخاري ومسلم).
وهذه الأدلة جميعها نص في أنه لا سبيل على المرأة بإجبار في النكاح ثيباً كانت أو بكراً، وأن الفرق بينهما إنما هو الفرق في صورة الإذن فالثيب -عادة- لا تستحي من الكلام في الزواج، ولذلك فهي تخطب إلى نفسها أو ترضى وتأمر وليها بولاية عقد نكاحها ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: [تستأمر] أي يطلب أمرها.

وأما البكر فالغالب عليها الحياء ولذلك تخطب من وليها والولي يستأذنها ، فإن أذنت بمقال أو بسكوت يدل على الرضا تزوجت وإلا فلا.
ولقد خالف في هذا الحكم بعض الأئمة والفقهاء مستدلين بزواج النبي صلى الله عليه وسلم، بعائشة وهي ابنة ست سنين ولا تعي مثل هذا الإذن، ولا دليل في ذلك لاختصاص النبي صلى الله عليه وسلم في الزواج بخصوصيات كثيرة كالزيادة على أربع، والزواج بغير ولي وشهود من أي امرأة تهب نفسها له لقوله تعالى: {وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين..} الآية. وهذا الزواج بعائشة على هذا النحو من جملة خصوصياته جمعاً بين الأدلة.
واستدلوا كذلك بتفريق النبي صلى الله عليه وسلم بين البكر والثيب في الإذن ، وقالوا : إنه يجوز إجبار البكر على الزواج، وهذا خطأ فاحش لأن التفريق إنما هو في بيان صورة الرضى والإذن فقط. ويدل على خطأ القول بإجبار البكر ما رواه ابن عباس أن جارية بكراً أتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم. (رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة والدار قطني).
وكذلك ما رواه ابن عمر قال: "توفي عثمان بن مظعون وترك ابنة له من خولة بنت حكيم بن أمية حارثة، وأوصى إلى أخيه قدامة بن مظعون، قال عبدالله: وهما خالاي. فخطب إلى قدامة بن مظعون ابنة عثمان بن مظعون فزوجنيها، ودخل المغيرة بن شعبة يعني إلى أمها فأرغبها في المال، فحطت إليه، وحطت الجارية إلى هوى أمها، فأبتا، حتى ارتفع أمرهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال قدامة بن مظعون يا رسول الله: ابنة أخي أوصى بها إلي فزوجتها ابن عمتها، فلم أقصر بها في الصلاح، ولا في الكفاءة، ولكنها امرأة وإنما حطت إلى هوى أمها. قال: فقال رسول الله: [هي يتيمة ولا تنكح إلا بإذنها]. قال فانتزعت والله مني بعد أن ملكتها فزوجوها المغيرة بن شعبة. (رواه أحمد والدارقطني).
وهذه جميعها أدلة صحيحة واضحة أنه لا يجوز الإجبار مطلقاً وخاصة مع اليتيمة التي قال الله في شأنها: {وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع..} الآية. أي إن خفتم أن لا تعدلوا عند زواج اليتيمة في المهر وغيره فاتركوها إلى غيرها. وهذا حتى تنصف المرأة وتوضع حيث تريد لا حيث يشاء من يتولى أمرها ويتسلم ولايتها.


ثانياً: الولي:
ولاية المرأة بنفسها عقد الزواج مستنكرة فطرة وذوقاً، ووسيلة إلى الفساد والزنى باسم النكاح،
ولذلك جاء الشرع باشتراط مباشرة عقد النكاح بواسطة ولي المرأة: أبوها، أو أخوها أو الأقرب بها، فالأقرب، ولا يكون ولياً للمرأة إلا أقرب الناس الأحياء إليها ، فالأب أولاً ثم الأخ وهكذا..
والأصل في اشتراط الولي قول النبي صلى الله عليه وسلم: [لا نكاح إلا بولي] وقوله: [أيما امرأة نكحت] (أي تزوجت) بغير إذن وليها
فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له] (رواه الخمسة إلا النسائي).
واشتراط الولي يقول فيه ابن المنذر: إنه لا يعلم مخالفاً من الصحابة له، وذهب أبو حنيفة من الفقهاء إلى عدم اعتبار الولي في النكاح.
والأحاديث السابقة ترد على هذا القول. واعتبر الإمام مالك رحمه الله الولي شرطاً في الرفيقة من النساء (ذات الشرف والمنصب) دون الوضيعة (التي تكون من ضعفة الناس وسقطهم) وهذا التفريق لا مسوغ له. بل قد يكون الاشتراط في الوضيعة ألزم منعاً للزنى والفساد..

ثالثاً: الشاهدان:
لا بد لصحة العقد أن يشهد عليه شاهدان عدلان، وقد جاء في هذا أحاديث لا يخلو واحد منها من مقال وضعف، ولكن عامة أهل العلم من المسلمين على العمل بذلك ، وبهذا أفتى ابن عباس وعلي وعمر رضي الله عنهم، ومن التابعين ابن المسيب والأوزاعي والشعبي، ومن الأئمة الأربعة أحمد والشافعي وأبوحنيفة. وهذا القول هو الموجب لحفظ الحقوق عند كل من الرجل والمرأة، وضبط العقود، ومن ألزم العقود بالضبط عقد النكاح ووقوعه بغير شهود مدعاة للفساد والتلاعب أو النسيان وضياع الحقوق ، ولذلك أصبح وكأنه معلوم من الدين بالضرورة، ولا نرى أن يخالف في هذا أحد من أهل العلم..

رابعاً: المهر (الصداق):
اشتراط الشارع الحكيم لصحة عقد النكاح أن يكون هناك مهر مقدم من الرجل للمرأة. ولا يعنينا كثيراً البحث في فلسفة المهر وأنه عوض عن ماذا. ويهمنا الحكمة العظيمة منه فهو هدية للمرأة وتطييب لخاطرها، ولذلك فهو ملك لها ، ويجوز لها أن تتنازل عنه كله أو شيء منه لزوجها كما قال تعالى: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً} وهذه الآية قد جمعت أحكام الصداق فهو نحلة أي هدية وعطية كما نقول نحلت فلاناً كذا وكذا أي وهبته وتنازلت له. وهي نحلة واجبة للأمر الصريح بذلك في هذه الآية، وقد جاء في السنة ما يقصد ذلك، وهو ملك للمرأة يجوز لها أن تتنازل لزوجها عن شيء منه ، ويحل لزوجها أكل ذلك دون حرج ما دام بسماح زوجته وإذنها.
والنظر إلى المهر على هذا الأساس أكرم من النظر إليه على أنه ثمن لبضع المرأة، فالزواج ليس بيعاً وشراءً ولكنه رباط مقدس لاستمرار الحياة وتبادل المنافع وللتراحم والتآلف والحب، والبيع والشراء محله المشادة والغش والمناورة ، ولا يجوز أن يكون عقد الزواج كذلك ،ولذلك كان النظر إلى المهر على أنه نحلة وهدية هو الواجب لأن الهدية والعطية تكون بين الأحباب بعكس البيع والشراء.
ولما كان المهر هدية ونحلة لم يأت في الشرع تحديد لأقله وأكثره وإنما ترك للمقدرة والأريحية وقد زوج الرسول رجلاً وامرأة من المسلمين على تعليم آيات من القرآن الكريم وذلك لما لم يكن عنده شيء يصلح أن يكون مهراً حتى أن الرسول قال له: [التمس ولو خاتماً من حديد]، فلم يجد فزوجه إياها على أن يعلمها سوراً من القرآن.
وبالرغم من أن الشارع لم يحدد نهاية للمهور إلا أنه حبب للمسلمين الاقتصاد فيها ونهى عن المغالاة التي تؤدي إلى أوخم العواقب.
وقد جاوز الناس في زماننا حد المعقول في المهور ، وأصبح ينظر إلى المهر على أنه ثمن وغنيمة وصفقة يكسب من ورائها آباء البنات ، وبهذا عظمت المصيبة ووضع أمام الزواج عقبة تعسر عليه أمر زواجه الذي هو في أصله مبني على التيسير.

والمهم هنا بيان أن المهر شرط في صحة عقدة النكاح وأنه حق المرأة الخالص ولا يجوز لأبيها أن يأخذ منه إلا بإذن ابنته وكذلك لا يجوز للزوج أن يسترد شيئاً من المهر إلا بسماح زوجته، وأن المهر هدية ومنحة وليس ثمناً وعوضاً كما ذكر بعض الفقهاء ذلك وأن خير المهر ما كان أيسره وفي حدود الطوق والوسع.

خامساً: الإحصان:
اشترط الله سبحانه وتعالى على المسلم أن لا ينكح (يتزوج) إلا العفيفة المسلمة، والعفيفة الكتابية كما قال تعالى: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة، والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين} والنكاح هنا بمعنى الزواج بدليل الحديث الآتي:
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن مرتد بن أبي مرتد الغنوي كان يحمل الأساري بمكة (أي يفر بهم إلى المدينة) وكان بمكة بغي يقال لها عتاق، وكانت صديقته (أي في الجاهلية) قال: فجئت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أنكح عتاقاً؟ قال: فسكت عني فنزلت {والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك} فدعاني فقرأها علي وقال: [لا تنكحها]. رواه أبو داود والنسائي والترمذي وحسنه.
وكذلك الأمر في الكتابية (اليهودية والنصرانية) كما قال الله تعالى: {اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم}.. الآية. وهذا نص في أنه لا يجوز إلا المحصنة المؤمنة والمحصنة الكتابية، والمحصنة هنا يعني العفيفة، سميت بالمحصنة كأن بينها وبين الفاحشة حصناً يمنعها عنها.
وهذا يعني أن المرأة المشهورة باقتراف الفاحشة أو الدعوة إليها لا يجوز لمسلم الزواج بها حتى على أمل أن تهتدي أو تتحصن بالزواج ، وكذلك الأمر بالنسبة للرجل الزاني المشهور بالفاحشة لا يجوز لمسلمة أن ترضى به زوجاً أو تسعى للزواج به.

سادساً: الكفاءة:
الكفاءة بين الزوجين شرط لصحة الزواج ومن الكفاءة أمور اعتمدها الشارع وجعلها أساساً، وأمور أخرى أهدرها الشارع، وأمور حسنها وأرشد إليها.
فمن الأمور التي جعلها الشارع شرطاً في الكفاءة اتفاق الدين بين الرجل والمرأة وذلك أن الدين هو المعيار الأساسي الذي يقدم به البشر في ميزان الله سبحانه وتعالى ولذلك كان النظر الأول في الكفاءة إليه وكان الشرك مانعاً إذا وجد في أحد الزوجين كما قال تعالى: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم، ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه}.. الآية.
إلا أن الله سبحانه وتعالى استثنى من هذا الحكم جواز نكاح الرجل المسلم بالكتابية يهودية كانت أو نصرانية كما قال تعالى: {اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات، والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن} فعلم بهذا النص المتأخر عن آية البقرة السابقة أن الكتابية مستثناة من جملة المشركين شريطة أن تكون عفيفة (محصنة) كما قدمنا والحكمة من هذا هو استمالة أهل الديانتين للدخول في الإسلام، وقد كان لها أكبر الأثر في دخول شعوب الشام ومصر في الإسلام وذلك بزواج العرب المسلمين من نسائهم ونشأة أولادهم على الإسلام.. وليس هذا مجال تفصيل هذا الحكم وآثاره. والمهم أنه حكم ثابت بالكتاب والسنة وباق إلى يوم القيامة مع وجوب معرفة محاذيره، وهي أن لا يتحول الأبناء إلى دين الأم بسبب ضعف شخصية الزوج أو سكنه في غير بلاد المسلمين، وقد أصيب المسلمون من جراء هذا بشر مستطير، ومن الأمور التي اعتبرها الشارع أيضاً في الكفاءة الحرية.
فالعبد لا يتزوج إلا أمة مثله، وكذلك الحر لا يتزوج إلا حرة. ولكن الله استثنى من هذا أيضاً زواج الأمة المسلمة وهذا شرط بالحر المسلم إذا خشي العنت على نفسه ولم يستطع الزواج بمسلمة حرة. قال تعالى: {ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فأنكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان} ثم قال تعالى في آخر هذه الآية: {ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم} فعلم من هذه الآية جواز زواج الحر المسلم بالأمة المسلمة فقط في حالة الإعسار ولا يخفى أن علة هذا الحكم هو رفع الحرج عن بعض الذين ما كانوا يجدون ما يتزوجون به الحرائر وكذلك كره الله هذا الأمر لما فيه من اشتغال الزوجة بسيادة مالكها، واسترقاق أولادها أيضاً ، لأن الأولاد تبع للأم (وليس هذا مجال تفصيل هذا الحكم).
وأما الأمة الكتابية والمجوسية فلا يجوز الزواج بها قطعاً ولذلك لما قيل للإمام أحمد إن أبا ثور يجيز ذلك قال: (هو كاسمه) أي ثور.
وأما الأمور التي أهدرها الشارع في الكفاءة فهي المال واللون والجنس والقبيلة والمنزلة الاجتماعية فكل هذه الاعتبارات مهدرة، ولا تخدش عقد الزواج.

سابعاً: الصيغة:
اشترط بعض العلماء وجود صيغة دالة على الإيجاب والقبول في عقد النكاح ومعنى الإيجاب: طلب الزوج من المرأة أو وكيلها الزواج ومعنى القبول: رضا الزوجة بصفة تدل على ذلك أو العكس كأن تقول المرأة أو وكيلها أرضي بك زوجاً فيقول الرجل وأنا قبلت. وشط بعض العلماء فجعل العربية شرط في الصيغة وأن الزواج لا يعقد إلا باللغة العربية. وشبهتهم في هذا أنه عبادة فاشترط ما ليس في كتاب الله فالزواج معاملة فيجوز عقده بالعربية وغيرها. وكذلك هو عقد اختياري فيجوز بكل ما تتم به العقود وما يدل على الرضا بالزواج وكل لفظ يدل على الزواج الشرعي ويحصل به إيجاب وقبول بين طرفي العقد فإنه يعتبر صيغة صحيحة لأن يعقد العقد بها.
وبهذا نكون قد أنهينا الشروط اللازمة لصيغة عقد النكاح.


أنواع الزواج

1- الزواج الشرعي المعروف :
مستوفى كامل الشروط والأركان والواجبات من وجود قبول وشاهدين وولي ونفقة وتوارث وإعلان ومبيت ...إلخ

2- زواج المسيار :
هو: أن يعقد الرجل زواجه على امرأة عقدًا شرعيًا مستوفي الأركان . لكن المرأة تتنازل عن السكن والنفقة .

3- زواج المتعة :
هو: أن يتزوج الرجل المرأة بشيئ من المال مدة معينة ، ينتهي النكاح بانتهائها من غير طلاق . وليس فيه وجوب نفقة ولا سُكنى . ولاتوارث يجري بينهما إن مات أحدهما قبل انتهاء مدة النكاح . زواج باطل ومحرم باتفاق الأئمة والفقهاء

4- الزواج العُرفي :
وهو نوعان :

أ - باطل ؛ وهو أن يكتب الرجل بينه وبين المرأة ورقة يُقر فيها أنها زوجته ، ويقوم اثنان بالشهادة عليها ، وتكون من نسختين ؛ واحدة للرجل وواحدة للمرأة ، ويعطيها شيئًا من المال ! وهذا النوع باطل ؛ لأنه يفتقد للولي ، ولقيامه على السرية وعدم الإعلان . زواج باطل ومحرم

ب - شرعي ؛ وهو أن يكون كالزواج العادي ؛ لكنه لايُقيد رسميًا عند الجهات المختصة ! وبعض العلماء يُحرمه بسبب عدم تقييده عند الجهات المختصة ؛ لما يترتب عليه من مشاكل لاتخفى بسبب ذلك .
وإذا خلى اي عقد زواج من الشروط والأركان كان زواج باطل

أوجه المشابهة بين الزواج العرفي الموافق للشريعة - وزواج المسيار :

1- العقد في كلا الزواجين قد استكمل جميع الأركان والشروط المتفق عليها عند الفقهاء، والمتوفرة في النكاح الشرعي، من حيث الإيجاب والقبول والشهود والولي.

2- كلا الزواجين يترتب عليه إباحة الاستمتاع بين الزوجين، وإثبات النسب والتوارث بينهما، ويترتب عليهما من الحرمات ما يترتب على الزواج الشرعي.

3- كلا الزواجين متشابهين في كثير من الأسباب التي أدت إلى ظهورهما بهذا الشكل، من غلاء المهور، وكثرة العوانس، والمطلقات، وعدم رغبة الزوجة الأولى في الزواج الثاني لزوجها، ورغبة الرجل في المتعة بأكثر من امرأة، وخوف الرجل على كيان أسرته الأولى... وغيرها.

4- كلا الزواجين يغلب عليهما السرية عن عائلة الزوج ! فقط فقط

ويختلفان في النقاط التالية :

1- زواج المسيار يوثق في الدوائر الحكومية، ولكن الزواج العرفي لا يوثق أبداً.

2- في الزواج العرفي تترتب عليه جميع آثاره الشرعية بما فيها حق النفقة والمبيت، ولكن في زواج المسيار يُتفق على إسقاط حق النفقة والمبيت.

أوجه الفرق بين زواج المسيار وزواج المتعة:

1- المتعة مؤقتة بزمن، بخلاف المسيار، فهو غير مؤقت ولا تنفك عقدته إلا بالطلاق.

2- لا يترتب على المتعة أي أثر من آثار الزواج الشرعي، من وجوب نفقة وسكنى وطلاق وعدة وتوارث،
اللهم إلا إثبات النسب، بخلاف المسيار الذي يترتب عليه كل الآثار السابقة، اللهم إلا عدم وجوب النفقة والسكنى والمبيت.

3- لا طلاق يلحق بالمرأة المتمتع بها، بل تقع الفرقة مباشرة بانقضاء المدة المتفق عليها، بخلاف المسيار.

4- أن الولي والشهود ليسوا شروطاً في زواج المتعة، بخلاف المسيار فإن الشهود والولي شرط في صحته .

5- أن للمتمتع في نكاح المتعة التمتع بأي عدد من النساء شاء، بخلاف المسيار ؛ فليس للرجل إلا التعدد المشروع ، وهو أربع نساء حتى ولو تزوجهن كلهن عن طريق المسيار.

فتوى في زواج المسيار :

من الذين قالوا بالإباحة: سماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز رحمه الله- فحين سئل عن الرجل يتزوج بالثانية ، وتبقى المرأة عند والديها، ويذهب إليها زوجها في أوقات مختلفة تخضع لظروف كل منهما، أجاب رحمه الله : ( لا حرج في ذلك إذا استوفى العقد الشروط المعتبرة شرعاً،
وهي وجود الولي ورضا الزوجين: وحضور شاهدين عدلين على إجراء العقد وسلامة الزوجين من الموانع،
لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : "أحق ما أوفيتم من الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج".
وقوله صلى الله عليه وسلم: "المسلمون على شروطهم" فإن اتفق الزوجان على أن المرأة تبقى عند أهلها أو على أن القسْم يكون لها نهاراً لا ليلاً أو في أيام معينة أو ليالي معينة، فلا بأس بذلك بشرط إعلان النكاح وعدم إخفائه ) .

من خلال تأمل أقوال من أباح زواج المسيار من العلماء نجد أنهم استدلوا على رأيهم هذا بعدة أدلة من أهمها:

1- أن هذا الزواج مستكمل لجميع أركانه وشروطه، ففيه الإيجاب والقبول والتراضي بين الطرفين، والولي، والمهر، والشهود .

2- ثبت في السنة أن أم المؤمنين سودة رضي الله عنها وهبت يومها من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها - .
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم لعائشة يومين: يومها، ويوم سودة. ( رواه البخاري ) .

ووجه الاستدلال من الحديث: أن سودة بنت زمعة رضي الله عنها عندما وهبت يومها لعائشة رضي الله عنها وقبول الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك، دل على أن من حق الزوجة أن تُسقط حقها الذي جعله الشارع لها كالمبيت والنفقة، ولو لم يكن جائزاً لما قبل الرسول صلى الله عليه وسلم إسقاط سودة - رضي الله عنها - ليومها.

3- أن في هذا النوع من النكاح مصالح كثيرة، فهو يُشبع غريزة الفطرة عند المرأة، وقد تُرزق منه بالولد، وهو بدون شك يقلل من العوانس اللاتي فاتهن قطار الزواج، وكذلك المطلقات والأرامل. ويعفُ كثيرًا من الرجال الذين لا يستطيعون تكاليف الزواج العادي المرهقة .
ان الله عز وجل لما شرع النكاح، جعل له أركانا وشروطا لصحته، فلا يصح النكاح الا اذا كان مشتملا على هذه الاركان، متحققة فيه هذه الشروط.
هذه الاركان هي:
أولا: خلو الزوجين من الموانع ، بمعنى أن لا تكون المرأة محرمة على الخاطب لانها من محارمه، او ذات زوج او معتدة من طلاق زوج آخر، او محرمة عليه بالرضاع، او أن بعصمة الزوج من لا يصح له الجمع بينها وبين مخطوبته، كأن تكون اختها او خالتها او عمتها، لان الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها، ولأن الله تعالى قال في معرض الحديث عن المحرمات من النساء «وأن تجمعوا بين الاختين إلا ما قد سلف»
ثانيا: ركن الايجاب، وهو من ولي المرأة .
ثالثا: ركن القبول: وهو من الزوج.
ومن عقد على امرأة مع اختلال ركن من هذه الاركان، فنكاحه باطل، ويفرق بينه وبين المرأة في الحال، ويجب استبراء رحم هذه المرأة قبل ان تتزوج غيره، ويكون الاستبراء بحصول حيضة، إن كانت ممن يحضن.

هذا عن أركان النكاح، أما عن شروطه فهي أربعة:
أولها: تعيين الزوجين، بأن تتميز المرأة المخطوبة عن غيرها، وذلك بأن يذكر اسمها او صفتها، او إن لم يكن للاب غيرها من البنات، بأن يقول خطبت ابنتك. وكذلك في حق الرجل، لا بد من تمييزه عن غيره، بحيث تعرف المرأة هذا الخاطب محددا وحقيقة.
وثاني هذه الشروط: رضا الزوجين، فلا يجوز أن تجبر المرأة على الزواج بمن لا تريده، وكذلك الرجل، لا يجبرعلى الزواج ممن لا يريد. وفي حديث ابي هريرة رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تنكح الأيم، اي الثيب، حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن». رواه البخاري ومسلم وغيرهما، وروى ابو داوود في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن جارية بكرا اتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أن اباها زوجها وهي كارهة، فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الحديث صححه ابن القيم في تهذيب السنن.
لكن تستثنى من هذا الشرط الصغيرة التي دون سن التاسعة، فيزوجها ابوها، اي يعقد لها عقد النكاح فقط أو وصيه، عند اقتضاء المصلحة لذلك، لأنها في هذا السن لا تعرف مصلحة نفسها، وربما تكون هناك مصلحة تقتضي عقد نكاحها، ومن عادة الاب أنه لا يقدم على تزويج ابنته في هذا السن، إلا في ظروف معينة ومحددة، والدليل على كلامنا هذا، أن ابا بكر رضي الله عنه زوج ابنته عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم وهي ابنة سبع، اي انها عقد لها النكاح، لكن دون الدخول بها كما هو معلوم.
ـ الشرط الثالث هو شرط «الولي».. فلا يجوز أن تتزوج المرأة الا بولي يتولى تزويجها، وهذا الشرط هو قول جمهور الفقهاء، باستثناء الامام ابي حنيفة رحمه الله، والدليل قوله تعالى «وأنكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم»، وقوله جلا وعلا «ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا» وهذا خطاب للاولياء دون النساء، وايضا قوله تعالى «ولا تعضلوهن أن ينكحن ازواجهن» فلو لم يكن الذي يتولى التزويج وعقد النكاح هو الولي لما نهى الله تعالى الولي عن «العضل»، والعضل هو الامتناع عن تزويج المرأة، فلو كانت المرأة تستطيع تزويج نفسها لما استطاع الولي ان يمتنع عن تزويجها.
وقد روى أهل السنن من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها، فنكاحها باطل باطل باطل.. قالها ثلاثا، فإن لم يكن لها ولي، فالسلطان ولي من لا ولي له». وفي حديث ابي داوود عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا نكاح إلا بولي»، وقد صحح هذا الحديث بعض الحفاظ.
ـ الشرط الرابع من شروط النكاح هو شرط «الشهادة»، فلا يصح النكاح الا بشاهدين عدلين ذكرين مكلفين سميعين ناطقين، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا: «البغايا اللاتي ينكحن انفسهن بغير بينة» رواه الترمذي، وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا نكاح الا بولي وشاهدي عدل»، وهو حديث روي من عدة طرق يشد بعضها بعضا، فيصلح للاستدلال.
وقد اختار شيخ الاسلام ابن تيمية أن النكاح يصح مع الاعلان فقط، وان لم يشهد شاهدان، وهو قول الامام مالك، واختيار ابن حزم، ولكن العمل بالحديث أولى.
وبعد ذلك، وإذا عرفنا أركان وشروط النكاح الشرعي، فإننا نعلم أن اي نكاح لا يصح إلا بتوفر هذه الاركان والشروط فيه.
وعليه فإن نكاح «المسيار» الذي يسأل عنه كثيرون، وهذا اللقب اطلق في بعض البلاد على نوع من النكاح تسقط فيه المرأة حقها في النفقة والكسوة والسكنى، وتريد فقط الاستمتاع المباح بالنكاح.
هذا النكاح، اذا توفر فيه ما ذكرناه من اركان وشروط، هو نكاح جائز وصحيح، خصوصا ان إسقاط الحقوق مشروع وجائز، لأن سودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، لما شعرت بعدم رغبة النبي بها تنازلت عن ليلتها لعائشة رضي الله عنه وعن سودة...

هذا ما يظهر لنا، والله اعلم.
 
عودة
أعلى