الجواب المفيد في حكم التصوير

ابوفوزانابوفوزان تم التحقق من .

:: مراقب عام ::
طاقم الإدارة
[frame="2 10"]
header_1.jpg


حكم التصوير
ما قولكم في حكم التصوير الذي قد عمت به البلوى وانهمك فيه الناس؟
تفضلوا بالجواب الشافي عما يحل منه وما يحرم ، أثابكم الله تعالى.

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فقد جاءت الأحاديث الكثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحاح والمسانيد والسنن دالة على تحريم تصوير كل ذي روح، آدميا كان أو غيره،
وهتك الستور التي فيها الصور، والأمر بطمس الصور ولعن المصورين، وبيان أنهم أشد الناس عذابا يوم القيامة. وأنا أذكر لك جملة من الأحاديث الصحيحة الواردة في هذا الباب، وأذكر بعض كلام العلماء عليها، وأبين ما هو الصواب في هذه المسألة إن شاء الله.
ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى: ((ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقا كخلقي فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا حبة أو ليخلقوا شعيرة)) لفظ مسلم. وفيهما أيضا عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون))ولهما عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلما: ((إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم)) لفظ البخاري وروى البخاري في الصحيح عن أبي جحيفة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم ((نهى عن ثمن الدم وثمن الكلب وكسب البغي ولعن آكل الربا وموكله والواشمة والمستوشمة والمصور)).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من صور صورة في الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ)) متفق عليه. وخرج مسلم عن سعيد بن أبي الحسن قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: إني رجل أصور هذه الصور فأفتني فيها، فقال: (ادن مني) فدنا منه، ثم قال: (ادن مني) فدنا منه، حتى وضع يده على رأسه فقال: أنبئك بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفسا تعذبه في جهنم)) وقال: (إن كنت لا بد فاعلا فاصنع الشجر وما لا نفس له)وخرج البخاري قوله: إن كنت لا بد فاعلا.. إلخ في آخر الحديث الذي قبل بنحو ما ذكره مسلم. وخرجه الترمذي في جامعه وقال: حسن صحيح عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصورة في البيت ونهى أن يصنع ذلك وعن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وقد سترت سهوة لي بقرام فيه تماثيل فلما رآه هتكه وتلون وجهه وقال ((يا عائشة أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله)) قالت عائشة فقطعناه فجعلنا منه وسادة أو وسادتين رواه مسلم.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر وقد سترت بقرام لي على سهوة لي فيه تماثيل فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم هتكه وقال ((أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله)) قالت فجعلناه وسادة أو وسادتين خرجه البخاري ومسلم، وزاد مسلم بعد قوله: (هتكه): (وتلون وجهه). اهـ.
وعنها قالت: قدم النبي صلى الله عليه وسلم من سفر وعلقت درنوكا فيه تماثيل فأمرني أن أنزعه فنزعته رواه البخاري، ورواه مسلم بلفظ: وقد سترت على بابي درنوكا فيه الخيل ذوات الأجنحة فأمرني فنزعته وعن القاسم بن محمد عن عائشة أيضا قالت: اشتريت نمرقة فيها تصاوير فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخل فعرفت في وجهه الكراهية قالت يا رسول الله أتوب إلى الله وإلى رسوله ما أذنبت ؟ قال ((ما بال هذه النمرقة ؟)) فقالت اشتريتها لتقعد عليها وتوسدها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم أحيوا ما خلقتم)) وقال: ((إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة)) رواه البخاري ومسلم،
زاد مسلم من رواية ابن الماجشون قالت: فأخذته فجعلته مرفقتين، فكان يرتفق بهما في البيت.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة)) متفق عليه واللفظ لمسلم. وخرج مسلم عن زيد بن خالد عن أبي طلحة مرفوعا قال:((لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا تماثيل)) وفي صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أن جبريل عليه السلام قال ((إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة)) وخرج مسلم عن عائشة وميمونة مثله.
وخرج مسلم أيضا عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي رضي الله عنه (ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تدع صورة إلا طمستها ولا قبرا مشرفا إلا سويته) وخرج أبو داود بسند جيد عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمر بن الخطاب زمن الفتح وهو بالبطحاء أن يأتي الكعبة فيمحو كل صورة فيها، فلم يدخلها النبي صلى الله عليه وسلم حتى محيت كل صورة فيها.
وخرج أبو داود الطيالسي في مسنده عن أسامة قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكعبة ورأى صورا، فدعا بدلو من ماء فأتيته به فجعل يمحوها ويقول: ((قاتل الله قوما يصورون ما لا يخلقون)) قال الحافظ: إسناده جيد. قال: وخرج عمر بن شبه من طريق عبد الرحمن ابن مهران عن عمير مولى ابن عباس عن أسامة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة فأمرني فأتيته بماء في دلو فجعل يبل الثوب ويضرب به على الصور ويقول: ((قاتل الله قوما يصورون ما لا يخلقون)) اهـ.
وخرج البخاري في صحيحه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يترك في بيته شيئا فيه تصاليب إلا نقضه. ورواه الكشميهني بلفظ تصاوير وترجم عليه البخاري رحمه الله بـ باب نقض الصور وساق هذا الحديث. وفي الصحيحين عن بسر بن سعيد عن زيد بن خالد عن أبي طلحة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة)) قال بسر: ثم اشتكى زيد فعدناه فإذا على بابه ستر فيه صورة، فقلت لعبيد الله الخولاني ربيب ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: ألم يخبرنا زيد عن الصور يوم الأول ؟ فقال عبيد الله: ألم تسمعه حين قال: إلا رقما في ثوب ؟ وفي رواية لهما من طريق عمرو بن الحارث عن بكير الأشج عن بسر: فقلت لعبيد الله الخولاني: ألم يحدثنا في التصاوير ؟ قال إنه قال: إلا رقما في ثوب ألم تسمعه ؟ قلت: لا. قال بلى قد ذكر ذلك. وفي المسند وسنن النسائي عن عبيد الله بن عبد الله أنه دخل على أبي طلحة الأنصاري يعوده فوجد عنده سهل بن حنيف، فأمر أبو طلحة إنسانا ينزع نمطا تحته، فقال له سهل: لم تنزع ؟ قال: لأنه فيه تصاوير وقد قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد علمت. قال: ألم يقل إلا رقما في ثوب ؟ قال بلى ولكنه أطيب لنفسي. اهـ وسنده جيد، وأخرجه الترمذي بهذا اللفظ وقال: حسن صحيح.
وخرج أبو داود والترمذي والنسائي بإسناد جيد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أتاني جبريل فقال لي أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل وكان في البيت كلب فمر برأس التمثال الذي في البيت يقطع فيصير كهيئة الشجرة ومر بالستر فليقطع فليجعل منه وسادتان منبوذتان توطآن ومر بالكلب فليخرج)) ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا الكلب لحسن أو لحسين كان تحت نضد لهما فأمر به فأخرج هذا لفظ أبي داود، ولفظ الترمذي نحوه. ولفظ النسائي: استأذن جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال ((ادخل)) فقال: ((كيف أدخل وفي بيتك ستر فيه تصاوير ؟ فإما أن تقطع رءوسها أو تجعل بساطا يوطأ فإنا معشر الملائكة لا ندخل بيتا فيه تصاوير)) اهـ. وفي الباب من الأحاديث غير ما ذكرنا كثير.
وهذه الأحاديث وما جاء في معناها دالة دلالة ظاهرة على تحريم التصوير لكل ذي روح، وأن ذلك من كبائر الذنوب المتوعد عليها بالنار. وهي عامة لأنواع التصوير سواء كان للصورة ظل أم لا، وسواء كان التصوير في حائط أو ستر أو قميص أو مرآة أو قرطاس أو غير ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفرق بين ما له ظل وغيره، ولا بين ما جعل في ستر أو غيره، بل لعن المصور، وأخبر أن المصورين أشد الناس عذابا يوم القيامة، وأن كل مصور في النار، وأطلق ذلك ولم يستثن شيئا.
ويؤيد العموم أنه لما رأى التصاوير في الستر الذي عند عائشة هتكه وتلون وجهه وقال: ((إن أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله))
وفي لفظ أنه قال عندما رأى الستر: ((إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم أحيوا ما خلقتم)) فهذا اللفظ ونحوه صريح في دخول المصور للصور في الستور ونحوها في عموم الوعيد.
وأما قوله في حديث أبي طلحة وسهل بن حنيف: إلا رقما في ثوب فهذا استثناء من الصور المانعة من دخول الملائكة لا من التصوير، وذلك واضح من سياق الحديث، والمراد بذلك إذا كان الرقم في ثوب ونحوه يبسط ويمتهن، ومثله الوسادة الممتهنة كما يدل عليه حديث عائشة المتقدم في قطعها الستر وجعله وسادة أو وسادتين. وحديث أبي هريرة وقول جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم: ((فمر برأس التمثال الذي في البيت يقطع فيصير كهيئة الشجرة ومر بالستر فليقطع فليجعل منه وسادتان منبوذتان توطآن)) ففعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ولا يجوز حمل الاستثناء على الصورة في الثوب المعلق أو المنصوب على باب أو جدار أو نحو ذلك. لأن أحاديث عائشة صريحة في منع مثل هذا الستر، ووجوب إزالته أو هتكه كما تقدم ذكرها بألفاظها. وحديث أبي هريرة صريح في أن مثل هذا الستر مانع من دخول الملائكة، حتى يبسط أو يقطع رأس التمثال الذي فيه فيكون كهيئة الشجرة، وأحاديثه عليه الصلاة والسلام لا تتناقض بل يصدق بعضها بعضا، ومهما أمكن الجمع بينها بوجه مناسب ليس فيه تعسف وجب وقدم على مسلكي الترجيح والنسخ كما هو مقرر في علمي الأصول ومصطلح الحديث، وقد أمكن الجمع بينها هنا بما ذكرناه فلله الحمد.
وقد رجح الحافظ في الفتح الجمع بين الأحاديث بما ذكرته آنفا وقال: (قال الخطابي: والصورة التي لا تدخل الملائكة البيت الذي هي فيه ما يحرم اقتناؤه، وهو ما يكون من الصور التي فيها الروح مما لم يقطع رأسه أو لم يمتهن). اهـ. وقال الخطابي أيضا رحمه الله تعالى: (إنما عظمت عقوبة المصور لأن الصور كانت تعبد من دون الله؛ ولأن النظر إليها يفتن وبعض النفوس إليها تميل). اهـ. وقال النووي رحمه الله في شرح مسلم: باب تحريم تصوير صورة الحيوان وتحريم اتخاذ ما فيه صورة غير ممتهنة بالفرش ونحوه، وإن الملائكة عليهم السلام لا يدخلون بيتا فيه صورة أو كلب.
(قال أصحابنا وغيرهم من العلماء: تصوير صورة الحيوان حرام شديد التحريم، وهو من الكبائر. لأنه متوعد عليه بهذا الوعيد الشديد المذكور في الأحاديث وسواء صنعه بما يمتهن أو بغيره فصنعته حرام بكل حال؛ لأن فيه مضاهاة لخلق الله تعالى، وسواء ما كان في ثوب أو بساط أو درهم أو دينار أو فلس أو إناء أو حائط أو غيرها، وأما تصوير صورة الشجرة ورحال الإبل وغير ذلك مما ليس فيه صورة حيوان فليس بحرام. هذا حكم نفس التصوير. وأما اتخاذ المصور فيه صورة حيوان فإن كان معلقا على حائط أو ثوبا ملبوسا أو عمامة ونحو ذلك مما لا يعد ممتهنا فهو حرام، وإن كان في بساط يداس ومخدة ووسادة ونحوها مما يمتهن فليس بحرام... إلى أن قال: ولا فرق في هذا كله بين ما له ظل وما لا ظل له. هذا تلخيص مذهبنا في المسألة، وبمعناه قال جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وهو مذهب الثوري ومالك وأبي حنيفة وغيرهم. وقال بعض السلف: إنما ينهى عما كان له ظل، ولا بأس بالصور التي ليس لها ظل، وهذا مذهب باطل، فإن الستر الذي أنكر النبي صلى الله عليه وسلم الصورة فيه لا يشك أحد أنه مذموم، وليس لصورته ظل، مع باقي الأحاديث المطلقة في كل صورة). اهـ.
قال الحافظ بعد ذكره لملخص كلام النووي هذا: (قلت: ويؤيد التعميم فيما له ظل وما لا ظل له ما أخرجه أحمد من حديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أيكم ينطلق إلى المدينة فلا يدع بها وثنا إلا كسره ولا صورة إلا لطخها)) أي طمسها. الحديث. وفيه: ((من عاد إلى صنعة شيء من هذا فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم))) اهـ.
قلت: ومن تأمل الأحاديث المتقدمة تبين له دلالتها على تعميم التحريم، وعدم الفرق بين ما له ظل وغيره كما تقدم توضيح ذلك. فإن قيل: قد تقدم في حديث زيد بن خالد عن أبي طلحة أن بسر بن سعيد الراوي عن زيد قال: ثم اشتكى زيد فعدناه، فإذا على بابه ستر فيه صورة، فظاهر هذا يدل على أن زيدا يرى جواز تعليق الستور التي فيها الصور. فالجواب: أن أحاديث عائشة المتقدمة وما جاء في معناها دالة على تحريم تعليق الستور التي فيها الصور وعلى وجوب هتكها، وعلى أنها تمنع دخول الملائكة، وإذا صحت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تجز معارضتها بقول أحد من الناس ولا فعله كائنا من كان، ووجب على المؤمن اتباعها والتمسك بما دلت عليه، ورفض ما خالفه كما قال تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا[1]،وقال تعالى: قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ[2]، فقد ضمن الله سبحانه في هذه الآية الهداية لمن أطاع الرسول، وقال تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[3]، ولعل زيدا رضي الله عنه لم يعلم الستر المذكور، أو لم تبلغه الأحاديث الدالة على تحريم تعليق الستور التي فيها الصور، فأخذ بظاهر قول النبي صلى الله عليه وسلم:((إلا رقما في ثوب)) فيكون معذورا لعدم علمه بها.
وأما من علم الأحاديث الصحيحة الدالة على تحريم نصب الستور التي فيها الصور فلا عذر له في مخالفتها. ومتى خالف العبد الأحاديث الصحيحة الصريحة اتباعا للهوى، أو تقليدا لأحد من الناس استوجب غضب الرب ومقته، وخيف عليه من زيغ القلب وفتنته، كما حذر الله سبحانه من ذلك في قوله تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ[4] الآية. وفي قوله تعالى: فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ[5] وقوله تعالى: فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ[6] الآية.
وتقدم في حديث أبي هريرة الدلالة على أن الصورة إذا قطع رأسها جاز تركها في البيت؛ لأنها تكون كهيئة الشجرة، وذلك يدل على أن تصوير الشجر ونحوه مما لا روح فيه جائز، كما تقدم ذلك صريحا من رواية الشيخين عن ابن عباس موقوفا عليه. ويستدل بالحديث المذكور أيضا على أن قطع غير الرأس من الصورة كقطع نصفها الأسفل ونحوه لا يكفي ولا يبيح استعمالها، ولا يزول به المانع من دخول الملائكة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بهتك الصور ومحوها وأخبر أنها تمنع من دخول الملائكة إلا ما امتهن منها أو قطع رأسه، فمن ادعى مسوغا لبقاء الصورة في البيت غير هذين الأمرين فعليه الدليل من كتاب الله أو سنة رسوله عليه الصلاة والسلام. ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الصورة إذا قطع رأسها كان باقيها كهيئة الشجرة، وذلك يدل على أن المسوغ لبقائها خروجها عن شكل ذوات الأرواح ومشابهتها للجمادات، والصورة إذا قطع أسفلها وبقي رأسها لم تكن بهذه المثابة لبقاء الوجه، ولأن في الوجه من بديع الخلقة والتصوير ما ليس في بقية البدن، فلا يجوز قياس غيره عليه عند من عقل عن الله ورسوله مراده. وبذلك يتبين لطالب الحق أن تصوير الرأس وما يليه من الحيوان داخل في التحريم والمنع؛ لأن الأحاديث الصحيحة المتقدمة تعمه، وليس لأحد أن يستثني من عمومها إلا ما استثناه الشارع. ولا فرق في هذا بين الصور المجسدة وغيرها من المنقوشة في ستر أو قرطاس أو نحوهما، ولا بين صور الآدميين وغيرها من كل ذي روح، ولا بين صور الملوك والعلماء وغيرهم، بل التحريم في صور الملوك والعلماء ونحوهم من المعظمين أشد؛ لأن الفتنة بهم أعظم ونصب صورهم في المجالس ونحوها وتعظيمها من أعظم وسائل الشرك وعبادة أرباب الصور من دون الله، كما وقع ذلك لقوم نوح، وتقدم في كلام الخطابي الإشارة إلى هذا.
وقد كانت الصور في عهد الجاهلية كثيرة معظمة معبودة من دون الله حتى بعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم فكسر الأصنام، ومحا الصور وأزال الله به الشرك ووسائله، فكل من صور صورة أو نصبها أو عظمها فقد شابه الكفار فيما صنعوا، وفتح للناس باب الشرك ووسائله، ومن أمر بالتصوير أو رضي به فحكمه حكم فاعله في المنع واستحقاق الوعيد؛ لأنه قد تقرر في الكتاب والسنة وكلام أهل العلم تحريم الأمر بالمعصية والرضا بها كما يحرم فعلها وقد قال الله تعالى: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ[7]، وقال تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ[8] فدلت الآية على أن من حضر المنكر ولم يعرض عن أهله فهو مثلهم. فإذا كان الساكت عن المنكر مع القدرة على الإنكار أو المفارقة مثل من فعله، فالأمر بالمنكر أو الراضي به يكون أعظم جرما من الساكت، وأسوأ حالا، وأحق بأن يكون مثل من فعله. والأدلة في هذا المعنى كثيرة يجدها من طلبها في مظانها. وبما ذكرناه في هذا الجواب من الأحاديث وكلام أهل العلم يتبين لمريد الحق أن توسع الناس في تصوير ذوات الأرواح في الكتب والمجلات والجرائد والرسائل خطأ بين ومعصية ظاهرة يجب على من نصح نفسه الحذر منها وتحذير إخوانه من ذلك، بعد التوبة النصوح مما قد سلف.
ويتبين له أيضا مما سلف من الأدلة أنه لا يجوز بقاء هذه التصاوير المشار إليها على حالها بل يجب قطع رأسها أو طمسها ما لم تكن في بساط ونحوه مما يداس ويمتهن فإنه لا بأس بتركها على حالها كما تقدم الدليل على ذلك في أحاديث عائشة وأبي هريرة، وأما اللعب المصورة على صورة شيء من ذوات الأرواح فقد اختلف العلماء في جواز اتخاذها للبنات وعدمه.
وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة قالت كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم وكان لي صواحب يلعبن معي فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل يتقمعن منه فيسربهن إلي يلعبن معي قال الحافظ في الفتح: (استدل بهذا الحديث على جواز اتخاذ صور البنات واللعب من أجل لعب البنات بهن، وخص ذلك من عموم النهي عن اتخاذ الصور، وبه جزم عياض، ونقله عن الجمهور، وأنهم أجازوا بيع اللعب للبنات لتدريبهن من صغرهن على أمر بيوتهن وأولادهن، قال: وذهب بعضهم إلى أنه منسوخ، وإليه مال ابن بطال، وحكى عن ابن أبي زيد عن مالك أنه كره أن يشتري الرجل لابنته الصور، ومن ثم رجح الداودي أنه منسوخ. ((ما هذا يا عائشة))؟ قالت: بناتي، قالت ورأى فيها فرسا مربوطا له جناحان، فقال: ((ما هذا))؟ قلت: فرس له جناحان، قلت ألم تسمع أنه كان لسليمان خيل لها أجنحة؟ فضحك... إلى أن قال: قال الخطابي: في هذا الحديث أن اللعب بالبنات ليس كالتلهي بسائر الصور التي جاء فيها الوعيد، وإنما أرخص لعائشة فيها لأنها إذ ذاك كانت غير بالغة. قلت: وفي الجزم به نظر، لكنه محتمل. لأن عائشة كانت في غزوة خيبر بنت أربع عشرة سنة، إما أكملتها أو جاوزتها أو قاربتها، وأما في غزوة تبوك فكانت قد بلغت قطعا، فيترجح رواية من قال: في خيبر ويجمع بما قال الخطابي؛ لأن ذلك أولى من التعارض). انتهى المقصود من كلام الحافظ.
إذا عرفت ما ذكره الحافظ رحمه الله تعالى فالأحوط ترك اتخاذ اللعب المصورة. لأن في حلها شكا لاحتمال أن يكون إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة على اتخاذ اللعب المصورة قبل الأمر بطمس الصور، فيكون ذلك منسوخا بالأحاديث التي فيها الأمر بمحو الصور وطمسها إلا ما قطع رأسه أو كان ممتهنا كما ذهب إليه البيهقي وابن الجوزي، ومال إليه ابن بطال، ويحتمل أنها مخصوصة من النهي كما قاله الجمهور لمصلحة التمرين، ولأن في لعب البنات بها نوع امتهان، ومع الاحتمال المذكور والشك في حلها يكون الأحوط تركها، وتمرين البنات بلعب غير مصورة حسما لمادة بقاء الصور المجسدة، وعملا بقوله صلى الله عليه وسلم: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) وقوله في حديث النعمان بن بشير المخرج في الصحيحين مرفوعا: ((الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه والله أعلم)).
وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.

[/frame]
 
رد: حكم التصوير

[frame="2 10"]
حكم التصوير الفوتوغرافي
ما رأيكم فيمن يقول: إن التصوير الفوتوغرافي للإنسان جائز أما التصوير الذي يكون برسم اليد فهو الحرام وما نصيحتكم للأخوات اللآتي يتقدمن للفتوى بغير علم؟[1]
التصوير لا يجوز لا باليد ولا بغير اليد التصوير كله منكر والرسول عليه الصلاة والسلام لعن المصورين وقال صلى الله عليه وسلم: ((أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون))[2] وقال: ((كل مصور في النار))[3] والمصور: يعذب بكل صورة صورها لنفسه في نار جهنم.
ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم صورة في قرام لعائشة قبضه ومزقه وقال: ((إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم أحيوا ما خلقتم)) فالواجب على كل مسلم أن يحذر التصوير وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه لعن آكل الربا ولعن موكله ولعن المصور ولعن الواشمة والمستوشمة يعني الحذر من هذا فآكل الربا والواشمة وتصوير ذوات الأرواح كتصوير حمام أو دجاج أو بعير أو إنسان أو عصفور أو غيره كل هذا فيه روح لا يجوز تصويره لا في الأوراق ولا في الخرق ولا في الخشب ولا في غيره ولا مجسم كذلك لا يجوز.
ويجب الحذر من الفتوى بغير علم على الرجال والنساء جميعاً يجب على كل إنسان أن يتقي الله وعلى كل امرأة أن تتقي الله وألا يفتي كل منهما إلا بعلم فلا يجوز أن يقول على الله بغير علم الواجب على كل مسلم أن يحذر من ذلك لأن الفتوى بغير علم خطرها عظيم الواجب على المؤمن أن يحذر ذلك وألا يقول إلا بعلم وأن يستغفر الله على ما سلف منه.

المصدر: موقع سماحة الشيخ بن باز رحمه الله
http://www.binbaz.org.sa/mat/4206
[/frame]
 
فتوى لشيخنا العلامة ابن جبرين في التصوير مفيدة جدا

[frame="3 10"]
head_img1_06.jpg

وبقي أن يقال: ما حكم هذا التصوير بالآلات التي هي آلة ما يسمى بالأجهزة الجديدة التي تختطف الصور؛ الكاميرا وما أشبهها؟
فمثل هذه كان مشائخنا الأولون يدخلونها في عموم النهي، وقد أفتى شيخنا الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله- في أنها من الصور المنهي عنها، وأنها لا تجوز. ولما اشتهرت فتواه اعترض عليه أحد المعترضين، ورد عليه في كتيب بعنوان الرد على فضيلة المفتي محمد بن إبراهيم في منعه للتصوير.
كان التصوير في ذلك الوقت يحتاج إلى عمليات؛ ما يسمى بالتحميض وما أشبهه؛ فذكر نحو اثني عشر عملية في التصوير، ومع ذلك يقول: إنه خلق الله، وإن هذا التصوير إنما هو من فعل الله ليس هو من فعل الإنسان، فرد عليه كثير من العلماء.
وأبطلوا قوله وكان من جملة من أنكروا عليه الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ثم كتب في ذلك أيضا الشيخ ابن باز -رحمه الله- رسالة له في التصوير: البيان المفيد في حكم التصوير، أو نحو هذا العنوان -رسالة مطبوعة- مفردة طبعت أيضا مع رسائله، فأفصح بأن جميع أنواع التصوير لا تجوز. وكتب في ذلك أيضا الشيخ حمود التويجري -رحمه الله- رسالة توسع فيها بعنوان إعلان النكير على المفتونين بالتصوير، وكلهم أجمعوا على أنه لا يجوز بقاء الصور.
وقبلهم العلماء المتقدمون؛ فإن الإمام مسلما -رحمه الله- روى الأحاديث التي في التصوير التي أشرنا إلى بعضها، وشرحها الإمام النووي في شرح صحيح مسلم وبالغ في شرحها، وبين أنه لا يجوز التصوير لا في أوراق، ولا في ثياب، ولا في حيطان، ولا في كتب، ولا في غيرها، وأن الأدلة ظاهرة في النهي عنه.
وتعرض لذلك كثير من العلماء في مؤلفاتهم؛ عندما يذكرون باب اللباس يذكرون أنه قد يوجد صور في بعض الأكسية: في العمائم، أو في القمص، أو في السراويلات، أو في المشالح، أو ما أشبه ذلك؛ فيبالغون في إنكارها.
ثم يظهر أن التصوير في ذلك الوقت كان تصويرا يدويا؛ كانوا يصورون باليد؛ بحيث أنه يأخذ ورقة، ثم يأخذ مدادا وقلما أو نحوه، ثم يرسم صورة إنسان أو صورة حيوان، ويرسم وجهه أو ما أشبه ذلك إلى أن يتم جمع أو إكمال هذه الصورة، فهذه هي الصور التي تكلم عليها هؤلاء المشائخ.
ولما تكلم شيخنا -رحمه الله- ابن باز مرة بعد العصر في المسجد الجامع على التصوير في سنة خمس وسبعين؛ سئل بعد ذلك عن حمل كثير منهم للصور في البطاقات والجوازات؛ لأنها أصبحت ضرورية، فعند ذلك عذرهم، فاعتذر في اليوم الثاني، وقال: لعله يستثنى ما يقع في هذه الجوازات والبطاقات الشخصية وما أشبهها. وكأنه جعل ذلك مما يستثنى للحاجة والضرورة.
وفي كتابه الذي في التصوير -لما أورد هذه الأحاديث، وتكلم عليها بما نقله عن العلماء- أورد حديثا موجودا في بعض الأحاديث الصحيحة، وفيه قصة أن أحد الصحابة حدث بهذا الحديث الذي فيه:
h2.gif
من صور صورة كلف أن ينفخ فيها الروح ثم زاروه وإذا هو قد نشر ثوبا على أحد الحيطان، وإذا فيه صورة في ذلك الثوب، فاستنكر ذلك أحد الذين سمعوا منه ذلك الحديث، فقال الآخر: إنه قد قال:
h2.gif
إلا رقما في ثوب .
فهذه الكلمة
h2.gif
إلا رقما في ثوب ظن بعضهم أنها عذر، وأنه يباح أن يكون الصورة التي في الثوب؛ يعني: العادة أنها لا تكون كاملة. إذا كان في الثوب شيء مما يتساهل فيه أن ذلك مما يعفى عنه؛ فالعادة أنها لا يكون فيها كمال الوجه وما أشبه ذلك، ولا كمال الحواس ونحوها.
وكذلك أيضا يعترض بعض الذين أنكروا ما اشتهر في هذه الأيام بأن عائشة كانت تتخذ صورا تتلهى بها. وقد أورد ابن باز الأحاديث عن عائشة التي فيها أنها كانت تتخذ لعبا، وكانت طفلة صغيرة، فكأنه لم يجزم بتحريم اللعب؛ ولكن ذكر أنها مكروهة.
ولما تكلم عليها الشيخ حمود -رحمه الله- ذكر أنها لا تسمى صورا؛ فإن الأطفال لا يزالون يعملون هذه الصور؛ الطفلة مثلا- تأخذ لها عودا كهيئة الذراع، وتجعل في وسطه عودا معترضا وتشده بخيط، ثم تأتي بخرقة فتلفها على أعلاه كهيئة الرأس، وعلى العود المعترض كهيئة اليدين، وقد تجعل أيضا عودين من الأسفل وتلف عليهما أيضا خرقا كهيئة الرجلين، فتتلهى بذلك، وهذا لا يسمى صورة؛ فليس فيه كمال الصورة، ليس له وجه ولا قفا، وليس فيه حواس؛ لا أعين ولا أنف ولا شفتان ولا أذنان ولا وجه ولا شعر ولا غير ذلك؛ فلأجل ذلك لا تعد هذه من الصور التي ورد النهي عنها.
ثم يقال أيضا: إن هذه الصور الموجودة الآن في الأسواق التي تسمى الدمية أو نحوها -هذه الدمى نرى أنها صور، وأنه لا يجوز شراؤها؛ بل يجب إتلافها. الذين يصورونها معلوم أنهم يقصدون بذلك جذب الأموال أخذ الأموال من المسلمين، فيوردون شيئا كثيرا وجما غفيرا من هذه الصور، يصنع في بلاد الكفار، ويأخذون عليه أموالا، ويتهافت عليه الناس، ويقولون: إنما هي لعب وملاه نتلهى بها، ونشغل بها أولادنا، وما أشبه ذلك.
فنقول: إن هذه داخلة في المنهي عنه؛ وذلك لأنها صور مجسمة كاملة الصور حتى أنهم قد يضغطونها فتصيح؛ يظهر لها صوت كأنه صوت الطفل، ولها أصابع ولها أنامل وأظفار، ولها رأس ولها شعر على الرأس، وأعين وأهداب وحاجبان ومنخران -وإن لم يكونا داخلان- وشفتان، يحمرون الشفتين، وكذلك بقية الجسد. فنقول: إن مثل هذه داخلة في النهي عن الاقتناء. الاقتناء ورد النهي عنه؛ ورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
h2.gif
لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة وحملت الصورة على ما لها جرم، وما لها هيكل؛ هذا على وجه التساهل.
وأما الصور التي انتشرت في هذه الأزمنة، وعمت بها البلوى بحيث أنها انتشرت في كل المعلبات، في بعض المناديل وفي العلب وفي الكراتين وما أشبه ذلك -عمت بها البلوى. فمن الناس من يقول: إنها لا تدخل في النهي.
رخص في ذلك بعض المشائخ منهم الشيخ ابن عثيمين رحمه الله- وقال: إنها ليست من الصور التي ينهى عنها؛ وذلك لأنها ممتهنة، ولأنها غير مجسدة، ولأنها غير كاملة، ولأنها تؤخذ بهذه الآلة التي تقتطفها وتختطفها وترسمها، فهي باقية على خلق الله تعالى، ولأنها أصبحت من الضروريات بحيث أن كل طالب لا يسجل إلا وقد أخذت له صورة حتى في المرحلة الابتدائية، أنها ترسم أيضا على المؤهلات والشهادات وما أشبهها، وعلى البطاقات الشخصية وما أشبه ذلك؛ فرأوا عدم تحريمها، وإن كانوا بذلك قد خالفوا المشائخ الأولين كالشيخ محمد بن إبراهيم وحمود التويجري وغيرهم في أنها داخلة في النهي، ولكن اعتذروا بأنها فيها مصلحة ونحو ذلك.
كذلك أيضا أفتى بعض المشائخ بجواز اقتناء الصحف والمجلات التي فيها شيء من هذه الصور، والتي قد يتسلى بها بعض الأطفال، وينشغلون بها عما لا فائدة فيه أو عما فيه مضرة؛ فأجازوا السماح باقتناء هذه المجلات التي يقصد الذين نشروها والذين طبعوها -كمجلة الشباب والأسرة وما أشبهها- يقصدون بذلك إشغال الأطفال عما هو ضار عليهم، فلعل ذلك يُتسامح لما في ذلك من المصلحة، وارتكاب أدنى المفسدتين بتفويت أعلاهما. فهكذا أفتوا، ولكل اجتهاده، ولكل نظره.
وبكل حال.. أباح بعض العلماء الصور التي على الفرش إذا كانت ممتهنة، وممن أباح ذلك الشيخ ابن باز -رحمه الله- إذا كانت توطأ بالأقدام ويجلس عليها. استدلوا بأن عائشة لما نصبت ذلك القرام على السهوة -يعني على النافذة- وكان فيه صورة؛ عند ذلك نزعته بأمر النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فشققته وجعلت منه وسادتين منبوذتين؛ فيدل على أنها إذا كانت مهانة منبوذة لا غنى في ذلك أن ذلك لا يدخل في النهي، وأن الأمر فيه سعة.
وبكل حال نقول: إن الأصل هو طمس الصور التي يُخاف أن تعبد من دون الله وأن تعظم -سيما إذا كانت مجسدة؛ أي لها ظل ولها جرم- وإبعاد الصور المجسدة.
وأما الأطفال فإنه يمكن أن يعوضوا عن تلك الدمى بصور ما ليس بحيوان: صور سيارات، وصور أسلحة، وصور طائرات وما أشبه ذلك من الصنائع؛ ففيها ما يكفيهم ويتلهون به عن أن تجلب إليهم تلك الصور المجسدة التي هي صور حيوانات سواء من صور إنسان، أو صور خيل، أو صور طيور، أو ما أشبه ذلك. الأولى بالمسلم أن يبتعد ويبعد عن بيته كل شيء فيه مضرة، وفيه مفسدة على عقله وعلى دينه وعلى أمانته.
وأما الصور التي تلتقط بواسطة أفلام الفيديو فالظاهر أيضا جوازها؛ وذلك لأنها ليست ثابتة، وإن كانت متحركة بحيث أنهم يلتقطونها فيصورونها في ذلك الفيلم، ثم يعرضونها في هذا الجهاز الذي تنظر إليه وراء هذه الشاشة وهي متحركة، فإذا كانت مفيدة؛ يعني أنها مشتملة على فوائد كصور محاضرات، أو صور حروب تجري على المسلمين ويحدث فيها شيء من الاعتداء وما أشبه ذلك، أو صور مجاعات تمثل ما يقع فيه بعض أولئك المسلمين؛ مما يحصل به رقة القلوب لهم أو ما أشبه ذلك؛ فلعل هذا مما يتسامح فيه.
نكتفي بهذا، ونجيب على الأسئلة بعد الأذان، والله أعلم، وصلى الله على محمد .
الأسئلة
بسم الله الرحمن الرحيم
حقيقة وردت كثير من الأسئلة ولكن في عمومها تدور حول التصوير، وقد ذكرها الشيخ؛ لكن هناك جمع من الأسئلة نقولها باختصار.
س: السؤال الأول يقول: الصور التي في الجرائد أو المجلات وهي في البيت -سواء كانت الصورة في الغلاف أم في الداخل- فهل يلزم طمس الصورة؟ وهل تمنع من دخول الملائكة؟
ذكرنا أن بعض المشائخ رخصوا في هذه الصور التي في الأوراق، والتي تلتقط بالماكينة أو بالكاميرا وترسم، وقالوا: إنها لا تدخل في النهي. وحيث أنها كثرت وتمكنت في كل الوسائل نقول: لعلها لا تدخل في عموم النهي، ولكن يحاول الإنسان بقدر ما يستطيع أن يزيل الظاهر منها؛ إذا كانت في باطن الصحيفة أو باطن المجلة؛ فلعل ذلك يعفى عنه لكونها غير بارزة. وإن كانت في الغلاف ونحوه؛ فاحرص على طمس الصور؛ طمس الوجه ونحوه.
س: يقول: رسم الكاريكاتير المعروف في الجرائد هل يجوز؟
لا شك أن الرسوم هذه أنها رسوم جديدة ما كانت معروفة من قبل. الرسم القديم إنما هو بالقلم وباليد ونحو ذلك، وأما هذه الرسوم بهذه الأجهزة وبهذه الآلات فهي شيء جديد، ما تكلم عليه المشائخ ولا العلماء المتقدمون، فهو داخل في الرسم أو التصوير بالكاميرا وما أشبهها.
س: يقول: رسم صورة الآدمي أو تصويره، ثم إلغاء الوجه، أو تبييض اللون؛ هل يكفي ذلك؟
لعله يكفي إذا طمس الرأس والوجه، أو طمس الوجه وأصبح كأنه القفا؛ فلعل ذلك يكون كافيا.
س: يقول: بعض الناس يصور بكاميرا الفيديو حفلات الزواج في القسم الرجالي، فهل يصح ذلك؟
نرى أن هذا لا يجوز؛ وذلك لأنه تصوير لنساء قد يكن غافلات أو متكشفات أو ما أشبه ذلك. أما تصوير شيء فيه فائدة كمحاضرات أو وقائع أو تمثيليات مباحة؛ فلعل ذلك جائز.
س: يقول: ثناؤكم -فضيلة الشيخ- على حركة طالبان في عملها؛ هل يدل على إقرار لها في منهجها؟
أقرها فيما كان صوابا؛ هذا الفعل -الذي هو إزالة هذه الصور وتحطيمها- مما يمدحون عليه؛ لأنه إزالة لآثار شركية، أو وسائل من وسائل الشرك.
س: يقول: مسألة التصوير على الخلاف فيها هل يسوغ الإنكار فيها؟
ينكر إذا كان لا فائدة فيه أو ليس هناك ضرورة. أما إذا كان فيه ضرورة كالصور التي لأجل الشهادات أو الجوازات أو البطاقات؛ هذه كأنها أصبحت ضرورية. وأما إذا كانت غير ضرورية، ولا حاجة إليها، ولا فائدة فيها؛ فننصح بعدمها، ومن ذلك ما يسمى بالصور التذكارية؛ حيث أنهم يصورون الطفل. يرسمون الأطفال ونحوهم وبعد ذلك يقولون: هذه صورتك وأنت طفل، هذه صورتك وأنت ابن عشر، وأشباه ذلك. أرى عدم الاقتناء لهذا.
كذلك أيضا كثير من الأموات تبقى صورهم بغير حاجة. إذا كانوا بحاجة إلى إبقاء حفيظته، فلا بأس أن تبقى وفيها صورته، فإذا لم يكونوا بحاجة فإنهم يتلفون ما عندهم.
س: يقول: وضع خط فاصل في موضع الرقبة؛ هل يكفي؟ وأيضا....وأيضا ترك فراغ للرقبة لا يوصله هل يكفي ذلك؟
لا يكفي إذا كان مرسوم الوجه -الوجه بكماله- فإنه يطمس الوجه. أما كونهم يقطعونه بهذا الخيط أو نحوه نرى أن هذا لا يكفي.
س: يقول: تصوير الجسم بدون الرأس هل يجوز أم لا يجوز؟
قد يقال..: إن الجسم شبيه بالشجرة؛ ولذلك لما سئل ابن عباس أفتى بأنه قال: عليك أن تصور هذه الشجرة وما لا روح فيه. إذا كنت فاعلا وأن هذه صنعتك؛ فإذا رسمت يد مثلا أو صدر، أو رسم باطن الإنسان بما في ذلك الرئتان والقلب والأمعاء وما أشبه ذلك لأجل الاستفادة من ذلك، فهذا لا مانع منه.
س: يقول: الصور التي على الملابس سواء كانت صورة آدمي، أو صورة مرسومة، أو صورة حيوان؛ هل تعتبر ممتهنة؟ وكيف التصرف بها مع بقاء اللباس؟
أولا: ننصح الذين يستوردونها، سوف يجدون غيرها ما يقوم مقامها.
وثانيا: ننصح الذين يشترونها؛ نقول: ابتعدوا عنها، وسوف تجدون غيرها ما يقوم مقامها.
وثالثا: إذا حصل أنها اشتريت؛ فإن الأولى أن الإنسان عليه -في هذه الحال- أن يحرص على طمس ما يستطيع منها. يمحو الوجه أو نحوه بمزيل أو ما أشبه ذلك، أو يجعلها خفية؛ يعني يجعلها في اللباس الذي يلي الجسد؛ حتى تكون غير ظاهرة، ولعل ذلك يكفي في الامتهان.
س: يقول: تصوير رحلات الشباب وهم يلبسون ملابس الرياضة ومثل ذلك. هل تؤيدونه؟
لا حاجة إلى ذلك. الرحلات مثلا هذه يلتقطون صورة وهم يلعبون، وصورة وهم متجردون من لباسهم العادي، ومرتدون للباس اللعب وما أشبه ذلك، لا أؤيد هذا.
س: يقول: التصوير بكاميرا الفوتوغراف.. لأجل التعليم؛ هل يسوغ ذلك أو لا؟
إذا كانت من وسائل التعليم؛ الوسائل لها أحكام المقاصد؛ فينظر إلى ذلك العلم؛ هل يتوقف على ذلك الرسم؛ فيقال: لا بأس به. وأما إذا لم يتوقف، بل يمكن التعليم بدون هذا الرسم، فنرى أنه لا يجوز.
س: يقول: ترغب بعض الجمعيات والمدارس التصوير بالفوتوغراف أو بكاميرا الفيديو وذلك لإثبات الأنشطة؛ لأن الصورة تفعل ما لا تفعله الكلمات، فهل يسوغ لهم ذلك؟
قد يجوز ذلك في بعض الحالات التي إذا شاهد الناس تلك الصورة رقت قلوبهم؛ سواء الصور المتحركة بكاميرا الفيديو، أو الصور المرسومة بغير ذلك؛ لا شك أنها -والحال هذه- تحرك القلوب.
هناك مثلا يصورون مجاعات في بعض البلاد يرسمونها في هذه الأشرطة -أشرطة الفيديو- وكذلك أيضا يصورون حروبا طاحنة يقعون فيها المسلمون؛ يقعون فيها مع أعدائهم؛ يكون في ذلك أيضا ما يحرك القلوب لنجدتهم ولنصرتهم، ويعرف المسلمين بأحوالهم، فإذا كان فيها مصلحة فلا مانع منها.
س: يقول: ينكر بعض الإخوة على المسئولين في المراكز الصيفية في قضية الصور الصغيرة -هذه- بحجة أنها لا داعي لها، فكيف الإنكار؟ وكيف الجواب؟
نعرف بعد.. ما سبب الإنكار؛ فإذا كان لا داعي لها كما يقول ولا حاجة إليها فالإنكار صحيح. إذا كان هناك داع فلعل ذلك مما يسوغ ذلك. هناك مثلا- يعتذرون في الاختبارات أنه قد يدخل إنسان باسم غيره، ويكتب الجواب باسم ذلك الذي كان غائبا وهو ضعيف؛ فيحصل بذلك الاشتباه؛ فلذلك رأوا من المصلحة أن كلا يكون معروفا، وترسم صورته على شهادته أو على مكانه، وهذا قد رأوه ضروريا وإن لم يكن إلزاميا.
س: يقول: الاحتفاظ بالصورة الفوتوغرافية ليس لأجل التعظيم ولكن لأجل الذكرى هل يجوز؟
لا. أرى أنه لا حاجة إليه إذا كان لمجرد الذكرى؛ لكونه مثلا- يحتفظ بذكر الميت عشرات السنين بصورته أو ما أشبه ذلك. لا حاجة إلى ذلك؛ فأرى كراهية ذلك.
س: يقول: وجود الصورة لأجل ترقيق مشاعر الناس، هل يجوز؟
ذكرنا أنه يجوز ترقيق مشاعر الناس. عندنا مثلا- مجاعات تحصل في كثير من البلاد فيصورون ما هم فيه؛ وترق القلوب إذا عرضت، وغير ذلك من الصور المفيدة.
س: طيب يا شيخ، هل يجوز تصوير المرأة من أجل ترقيق المشاعر؟
نرى أنه لا يجوز، لكن إذا كان النساء في تلك البلاد متكشفات كأنه لا فرق بينهن وبين الرجال كما في بعض الدول -ولو كانت تتسمى بالإسلام-؛ فيلتقطون الصور، ويدخل فيها صور نساء -يعني عن طريق التبع- كما ذلك واقع في حروب البوسنة والهرسك وكوسوفا وغيرها. صورت لهم أفلام كثيرة، وظهر فيها كثير من صور النساء في تلك المعارك وفي تلك الأماكن؛ وحصل بعرضها شيء من الرقة في قلوب الناس كان لها تأثير. وإذا كانت تبعا فلا بأس، وأما استقلالا أن يقصد تصوير المرأة فلا يجوز.
س: يقول: دخول المصلي للمسجد ومعه صور في جيبه هل يجوز أم لا؟
إذا كانت مخفية كالصور التي في النقود، أو بطاقة الأحوال أو ما أشبهها- إذا كانت مخفية؛ فإنهم معذورون بحملها، هذا من الضروريات.
س: يقول: شخص صور أناسا وهم غير راضين عنه، فهل يجب عليه تمزيقها، أو عدم عرضها على الناس؟
عليهم أن يطالبوه بأن يمكنهم من تمزيقها إذا كانوا لا يريدون ذلك؛ فلا يجوز له أن يصورهم وهم لا يريدون ذلك، ولا أن يعرض صورهم وهم لم يرغبوا ذلك.
س: يقول: وضع صورة الآدمي على الجدار، هل يجوز؟
لا يجوز؛ وذلك لأنها تعتبر صورة ظاهرة.
س: يقول: شاب مغترب عن أهله ووطنه، ويريد منه أبواه إرسال صورة يطمئنون عليه والشاب متحير في جواز ذلك.
لعل ذلك جائز؛ أن يرسل لهم صورة من بطاقته الشخصية، أو من جوازه؛ أنهم قد يعوزهم رؤيته ليطمئنوا على صحته، ولعل هذه الصورة تطمئنهم، ويفضل أن تكون صورة في أشرطة فيديو أو ما أشبه.
س: يقول: يا شيخ، ظهرت في الآونة الأخيرة بكثرة- ما تسمى بالأفلام الكرتونية المدبلجة، فما حكم شرائها للأطفال؟
نرى كراهيتها، لكن إذا كان الأطفال لا بد أنهم إما أن يجلسوا أمام الشاشات التي فيها صور عارية، وما يكون في ذلك من الأفلام الخليعة فيفتتنون، وإما أن ينشغلوا بهذه الأفلام الكرتونية كما تسمى، فبعض الشر أهون من بعض؛ إذا كان لا بد من شغلهم بأحد الأمرين اختير ما هو أسهل.
س: هل يجوز مشاهدة المباريات الرياضية في التلفزيون مع عدم النظر للعورة؟
نرى عدم الحاجة إلى هذه المباريات سواء حضورها ومشاهدة اللاعبين وهم يلعبون، أو رؤيتها في الشاشات وفي التلفزيون؛ ماذا يستفيد الناظر إليهم سواء ظهر شيء من عوراتهم -كالركبة أو الفخد- أو لم يظهر، كأن كان لباسهم ساترا للركبة وما تحتها؟! فما فائدة الذين ينظرون في ذلك؟! لا يجنون من ذلك فائدة سواء فاز هذا الفريق أو غلب هذا الفريق. ما الفائدة من وراء ذلك؟! الفوز لهم أو عليهم، ولا يستفيد غيرهم من هذا.
س: يقول: بعض الشباب هداهم الله- يضع صورة لأحد المغنيين في سيارته، فماذا أفعل وكيف أنصحه؟
لا شك أن في هذا تشجيع لأولئك المغنيين والمطربين والفنانين ونحوهم، وأن في ذلك نشر لسمعتهم، وكذلك أيضا ترغيب للناس، وإعلان عن أسمائهم؛ فعليك أن تنصح من رأيته يفرح بذلك أو ينشر لهم صورا، أو كذلك أيضا يشجعهم أو يثني عليهم أو يذكر مآثرهم، أو يستشهد بشعرهم أو بغنائهم، فكل ذلك مساعدة على هذا المنكر.
س: يقول: هل وضع الصورة بهيئتها الحقيقية دون الرأس أو ملامح الوجه كالعين والأنف لا تعتبر صورة استدلالا بحديث: ألا إن الصورة الرأس ؟
الأصل في الصورة أنها الوجه؛ وذلك لأنه الذي يتميز به. فأنت لا تميز إنسانا إلا إذا رأيت وجهه، وإن كانت الرِّجل أيضا قد تميز الأثر ونحوها. فأما اليد والصدر والظهر ونحو ذلك فإنه لا يحصل به التميز؛ فلذلك قال كثير من العلماء: إن الصورة هي الوجه الحقيقي، فإذا لم يكن هناك وجه؛ فلعله لا يسمى صورة حقيقية.
س: يقول: الرسم الذي في المدارس -مادة الرسم- إذا كان فيها رسم لآدمي، هل يسوغ للطالب الرسم؟
إذا كان هذا مادة مدرسة فيحرص على ألا يرسم الوجه؛ العينين، والمنخرين، والشفتين، والحاجبين، والأذنين، وصورة الوجه. إذا رسم شيئا من داخل الجسد أو من ظاهره كالأصابع والأنامل، ومن باطن الجوف، وما أشبه ذلك؛ فإن ذلك مما يتسامح فيه.
س: يتحرج كثير من الطلاب في دخول كتاب الإنجليزي إلى المسجد بحجة أن هذه الصور غير مقصودة؛ فما حكم ذلك؟
ننصحهم بألا يدخلوا بهذه الصور سواء في مادة أو في كتب إنجليزي، أو في غيرها- لا يدخلوا بها المساجد؛ لحرمة المساجد. إذا احتاجوا إلى ذلك فيطمس وجوهها.
س: يقول -السؤال الأخير- الخروج في التلفزيون، هل هو يجوز أو لا يجوز؟
لا شك أن التلفاز وما أشبهه -وكذلك أشرطة الفيديو- أنها من الأشياء الجديدة، وأن التصوير فيها إنما هو التقاط لهذه الصور، ثم نشر لها، ثم بث لها في هذه الأجهزة التي تلتقطها وتتلقاها. هذا لا شك أنه يحصل فيه خير وشر. وإذا كان لا بد منه، وأن كثيرا من الناس يقابلونه ويتلقونه في بيوتهم ولا بد لهم منه؛ فكونه ينشغل بشيء من الحق أولى من كونه يكون كله باطلا.

[/frame]
 
[frame="5 10"]
top-1.gif
السؤال: طيب جزاكم الله خيراً السائل حسن حسين يقول أنا شاب أحب التصوير والاحتفاظ بالصور
ولا تمر مناسبة إلا وأقوم بالتقاط الصور للذكرى وهذه الصورة أحفظها
داخل ألبوم وقد تمر شهور دون أن أفتح هذا ألبوم وأنظر للصور
ما حكم هذه الصور التي أقوم بتصويرها والاحتفاظ بها؟
الجواب
الشيخ: الواجب عليك أن تتوب إلى الله عز وجل مما صنعت وأن تحرق جميع الصور
التي تحتفظ بها الآن لأنه لا يجوز الاحتفاظ بالصور للذكرى فعليك أن تحرقها
من حين أن تسمع كلامي هذا وأسأل الله لي ولك الهداية والعصمة مما يكره.


[/frame]
 
[frame="8 10"]
السؤال
فضيلة الشيخ: عبدالرحمن بن ناصر البراك وفقه الله سلام عليك ورحمة الله وبركاته ... أما بعد :
فقد قرأتُ كلام الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله في التصوير في المجلد الثاني عشر من مجموع الفتاوى له،
وقد لحظتُ فيه أشياء أشكلت، مثل قوله: "إن التصوير الفوتوغرافي ليس تصويرا، ومع ذلك لا يجوز اقتناء الصور للذكرى"،
ومع تردد في بعض المواضع في حكم التصوير، وفي حكم النظر إلى بعض الصور...آمل تعليقكم على ذلك.


الإجابة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمـا بعد:
فإن من يُمعن النظر في أجوبة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في التصوير، والنظر إلى الصور واقتنائها، يلاحظ أن تصوُّره للواقع فيه تشوّش، أي: إنه لم يتصور الواقع تصوراً تاماً، ولهذا وقع في كلامه في هذا الموضوع بعض الأمور التي تستغرب من مثله، عفا الله عنه، ويمكن أن يتخذ منها أهل الأهواء والشهوات طريقاً إلى ترويج ما يهوونه من برامج الإعلام المرئية، ونشر أنواع الصور في الصحف والمجلات، وأهم ما لدينا من كلام الشيــخ رحمه الله في هـذا الموضوع أجوبته كما في مجموع الفتاوى له في ج 12 من صفحة 311 إلى 327 ومدار كلامه رحمه الله على ثلاث مسائل:
1- حكم التصوير.
2- اقتناء الصور.
3- النظر إلى الصور.


وحاصل كلامه في حكم التصوير أنه يختلف باختلاف المصوَّر، واختلافِ الوسيلة في التصوير، وعلى هذا فالتصوير باعتبار حكمه عند الشيخ ثلاثة أنواع:
1- تصوير مباح على الصحيح، وهو تصويـر الجمادات والنباتات.
2- تصوير محرم، وهو تصوير ذات الأرواح باليد.
3- تصوير مختلف فيه، وهو تصوير ذات الأرواح بالكاميرا.
والشيخ رحمه الله في الأغلب من ظاهر كلامه يختار جواز هذا النوع مالم يُتوصل به إلى ماهو محرم فيحرم، واحتج الشيخ لما ذهب إليه:
أولاً: بأن التصوير بالكاميرا ليس هو من فعل المكلف، فلا يكون تصويرا.
ثانياً: أن التصوير الذي بالكاميرا ليس فيه مضاهاة لخلق الله، بل هو نقل للصورة التي خلقها الله بواسطة الآلة، وليس للإنسان في هذا فعل إلا توجيه الآلة وتحريكها، فنقل الصورة لا يتوقف على خبرة المحرك بالآلة ومعرفته بالرسم، وأيَّد رحمه الله ذلك بمثل، وهو أن تصوير الخط كما في الصكوك والوثائق ماهو إلا نقل لخط الكاتب، وليس خطاً لمن نقله بالآلة، فيقال: هذا خط فلان الذي هو كاتب الأصل.
هذا حاصل ما احتج به الشيخ رحمه الله، وهو مسبوق إلى هذا، وما سمَّـاه الشيخ نقلاً للصورة هو ما سمَّاه غيره من المجيزين للتصوير بحبس الظل، ويسمون التصوير بالكاميرا التصوير الضوئي.
والجواب عن الأول -وهو أن التصوير بالكاميرا ليس تصويرا لأن ذلك ليس من فعل المكلف- أن يقال: هذا غير مُسَلَّـم، فإنه تصوير لغةً وعرفاً، فإنه يقال للآلة: آلة التصوير، ولمُشغِّلها: المُصور، ولفعله: التصوير، وللحاصل بها: صورة، وهذا التصوير من فعل المكلف ولكن بالوسيلة، وهو من فعل المكلَّف، ولكن بالوسيلة الحديثة ((الكاميرا ))، ومما يدل على أنه من فعل المكلَّف أن له أحكاماً، فقد يكون مباحاً وقد يكون حراماً كما تقدم.
ويجاب عن الثاني -وهو أن التصوير بالكاميرا ليس فيه مضاهاة لخلق الله تعالـى...إلخ- بأن ذلك ممنوع؛ فالمضاهاة مقصودة للمصور وحاصلة.
وتسمية ذلك (( نقلاً )) تغيير لفظ لا يغير من الحقيقة شيئا، فلا يؤثر في الحكم.
والصورة التي خلقها الله لا تنتقل عن محلها، فإنها لو انتقلت لخلا محلُّها، ومعلوم أن الصورة عَرَض لا يقوم بنفسه، فلا يوصف بالانتقال، بل الزوال، فالصورة الحاصلة بالكاميرا تضاهي الصورة القائمة بالمصوَّر وليست إياها، ولهذا يتصرف المصوِّر في الصورة بالتصغير والتكبير والتحسين والتقبيح. ولو كانت الصورة محضَ نقل لما أمكن التصرف فيها. فتبيَّن أن التصوير بالكاميرا تصويرٌ حقيقةً، لا نقل للصورة التي خلقها الله، لأن ذلك متعذر. ولتصرف المصور في الصورة الحاصلة بالآلة.
وأما صورة الخط فلا يقال فيها: إن هذا خط فلان، بل صورة خطه، ولهذا يفرق بين الأصل والصورة، فيقال في الوثيقة: هذا أصل وهذا صورة، ولا يُعول في الإثبات على الصورة في الكثير من الأمور المهمة، بل لابُد من إحضار الأصل. والله أعلم.
وأما المسألة الثانية، وهي حكم اقتناء الصور، فقد ذهب الشيخ رحمه الله إلى تحريم اقتنائها للذكرى، وتحريم تعليقها، وقد أشار في ذلك إلى دلالة السنة على تحريم اتخاذها واقتنائها في غير ما يُمتهن. (ج 12 ص 325)
والسنة التي أشار إليها مثل حديث عائشة رضي الله عنها في قصة القرام التي سترت به سَهْوة لها، أي فُرْجة، وكان فيه تصاوير، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم هتكه وتَلَوَّن وجهه، وقال: "إن أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله" قالت عائشة: فجعلناه وسادة أو وسادتين. متفق عليه. وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "إن أصحاب هذه الصور يوم القيامة يعذبون، فيقال لهم: أحيوا ماخلقتم" ثم قال: "إن البيت الذي الصور لاتدخله الملائكة" متفق عليه.
وقد استوفى الشيخ رحمه الله ذكر الأدلة على حكم اقتناء الصور في الجواب المُطول المفصل الوارد في ج12 في الصفحات من 311 إلى 317 .
وسواء عنده أكانت الصورة كاملة أم غير كاملة إذا كان الرأس موجوداً لحديث أن جبريل عليـه السلام لما امتنع من دخول بيت النبي صلى الله عليه وسلم لوجود التمثال الذي بالباب، أمر أن يُقطع رأس التمثال حتى يكون كهيئة الشجرة، ونقل الشيخ رحمه الله عن الإمام أحمد قوله: "الصورة الرأس" ومثله عن ابن عباس رضي الله عنه.
وأكد الشيخ أنه لا يزول حكم الصورة حتى يبان الرأس إبانةً تامة، وكأنه يشير إلى ما يفعله المحتالون على تحليل الحرام من تصوير الجسم وتصوير الرأس فوقه مع الفصل بينهما بخط، وقد نص رحمه الله على جواز اقتناء الصورة أو ما فيه صورة مما تدعو إليها الحاجة أو الضرورة، كالصورة لإثبات الشخصية، والصور التي في النقود.
وبين رحمه الله أن ما يحرم اقتناؤه من الصور يتفاوت حكمه باعتبار مقصود مقتنيها، وباعتبار المصوَّر، كاقتناء صور العظماء وصور النساء، ولا سيما مع تعليقها أغلظ تحريماً من غيرها لما يتضمنه ذلك من المفاسد. وقد أجاد وأفاد رحمه الله في مسألة اقتناء الصور هذه، وإن كان تصويرها بالكاميرا.
ولكن هذا يُضعف ما ذهب إليه من جواز تصوير ذوات الأرواح بالكاميرا. فإن القول بجواز التصوير بالكاميرا مع تحريم اقتناء الصورة فيه نوع تناقض. مما يدل على أن قوله بجواز التصوير ليس هو فيه على طمأنينة.
ويؤيد ذلك أنه نص في جوابـه المفصل المشار إليه على أن التصوير بالكاميرا من المتشابهات، حيث قال بعد ذكر الخلاف: "والاحتياط الامتناع من ذلك، لأنه من المتشابهات، ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لـدينه وعرضه". (ج12/312)
وبناءً على ما تقدم يتبين أنه لا يصح إطلاق نسبة القول بجواز التصوير بالكاميرا إلى الشيخ، فإما أن يقال: (عنه في ذلك روايتان)، أو يقال: (إن قوله بالجواز لم يكن مطمئناً إليه وإن احتج له ببعض الشبهات العقلية، فقد ذكر القولين وحجج الفريقين، ومال في أغلب أجوبته إلى القول بالجواز).
وقد اشتهر عنه القول بالجواز، وأخذ بذلك كثير من طلاب العلم وغيرهم تقليدا، كما تعلق به أصحاب الأهواء الذين لا يأخذون من أهل العلم إلا ما يوافق أهواءهم، فعمت البلوى بهذا التصوير واستباحه أكثر الناس؛ جهلاً وتقليداً وهوى، وهذا كله لا يضر الشيخ، فهو علامة مجتهد متحر ٍ للحق، فأمره دائر بين الأجر والأجرين، إن شاء الله. فإن المجتهد إن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد.
والمقلدون للشيخ لم يمعنوا النظر في سائر أجوبته، لذلك لم يعرفوا حقيقة مذهبه في هذه المسألة.
وأما أصحاب الأهواء فلا يعنيهم التحقق من مذهب العالم وفتواه، بل يكفيهم أن يظفروا منه بما يوافق مرادهم ويصلح للتشبث به لترويح باطلهم
وفي كلام العلماء ما يعد من المتشابه الذي يجب رده إلى الواضح من كلامهم، وسبيل أهل الزيغ اتباع المتشابه من كل كلام، كما قال تعالى "فَأما الّذين فِي قُلُوبهمْ زيْغ فَيَتّبعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ وَابْتغاءَ تَأوِيلِه" وهذا منشأ ضلال فرق الضلال من هذه الأمة، فنعوذ بالله من سبيل الغي والضلال.
وخلاصة القول أن المبيحين للتصوير بالكاميرا أو التصوير الضوئي أصناف:
1- علماء مجتهدون في معرفة الحق بريئون من الهوى، فهم في التصوير متأولون، وهذا الصنف قليل.
2- علماء مجتهدون متأثرون في اجتهادهم بضغط الواقع وشيء من الهوى.
3- مقلدون بحسن نية.
4- مقلدون مع شهوة وهوى، وهؤلاء يكثرون في المنتسبين إلى العلم والدين.
5- متبعون لأهوائهم لا يعنيهم أن يكون التصوير حراماً أو حلالا، لكنهم يدفعون بالشبهات وبالخلاف من أنكر عليهم، والله يعلم ما يسرون وما يعلنون، فالناس في هذا المقام كما قال الله تعالى: "هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللهِ وَالله ُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُون".


وأما المسألة الثالثة، وهي حكم النظر إلى الصحف والمجلات والتلفاز فقد فصّل فيه الشيخ من جهة نوع المصوَّر ومن جهة أثر النظر:
فعنده أن الصورة إذا كانت لحيوانات، أي لغير آدمي جاز النظر إليها، لكن لا يجوز اقتناء الصحف من أجلها وإن كانت لآدمي ففيه تفصيل، وهذا نص كلامه:
"وإن كانت صور آدمي، فإن كان يشاهدها تلذذاً أو استمتاعاً بالنظر فهو حرام، وإن كان غير تلذذ ولا استمتاع، ولا يتحرك قلبه ولا شهوته بذلك، فإن كان ممن يحل النظر، كنظر الرجل إلى الرجل، ونظر المرأة إلى المرأة أو إلى الرجل أيضا،ً على القول الراجح فلا بأس به، لكن لا يقتنيه من أجل هذه الصور"
وهذا تفصيل حسن لا إشكال فيه، ولكنه رحمه الله قال بعد ذلك: (( وإن كان ممن لا يحل له النظر إليه، كنظر الرجل إلى المرأة الأجنبية فهذا موضوع شك وتردد )). (ج 12/326)
وقد ذكر بعد ذلك منشأ هذا الشك والتردد عنده وهو أمران:
الأول: تردده في دلالة حديث "لا تباشر المرأةُ المرأةَ فتنعتها لزوجها حتى كأنه ينظر إليـها" هل النهي عن نعت صورتها الظاهرة كمحاسن وجهها، أو النهي عن نعت ما تحت الثياب من العورة؟
والشيخ يميل إلى الاحتمال الثاني، من أجل لفظ المباشرة ومن أجل زيادة النسائي في الحديث ولفظه: "لا تباشر المرأةُ المرأةَ في الثوب الواحد".
فيقال: هب أن المراد من الحديث المعنى الثاني، فتحريم النظر إلى المرأة الأجنبية لا يتوقف على دلالة هذا الحديث، فقد جاء في الكتاب والسنة ما يدل على تحريم النظر إلى المرأة الأجنبية، قال تعالى: (( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم )) وقال صلى الله عليه وسلم: "لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة" رواه الإمام أحمد وغيره عن علي رضي الله عنه، وهو صحيح بمجموع طرقه. وفي صحيح مسلم عن جرير بن عبدالله رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري.
الأمر الثاني -مما أوجب التردد في تحريم النظر إلى صورة المرأة الأجنبية بغير شهوة- : ما ذكره من الفرق العظيم في التأثير بين الحقيقة والصورة.
فيقال: أولاً: هذا لا يُسلم على الإطلاق، فقد تكون الصورة أعظم تأثيراً لما يجري فيها من التحسين والتلوين، والعناية في تحديد مواضع الفتنة.
وثانياً: دعوى الفرق في التأثير بين الحقيقة والصورة -وإن سُلِّم في الجملة- فإنه يرد على ما قرره رحمه الله في الاحتجاج لجواز التصوير بالكاميرا، حيث ذكر أن التصوير بالكاميرا نقلٌ للصورة التي خلقها الله، وهذا يقتضي أن تكون الصورة كالحقيقة في التأثير.
نعم؛ إذا كانت المرأة الأجنبية حاضرة يُطمع في الوصول إليها، فهي من هذه الجهة أعظم تأثيراً على الناظر من الصورة.
وبهذا يتبين أن النظر إلى صورة المرأة الأجنبية كالنظر إلى المرأة الأجنبية في التأثير والتحريم، وإن وُجد تفاوت بينها، فما كان أعظم تأثيراً كان النظر إليه أشد تحريـما.
هذا كله في النظر إلى المرأة الأجنبية أو صورتها بغير شهوة، أما إذا كان بشهوة فقد تقدم نص الشيخ على التحريم مطلقاً.
وذكر رحمه الله في هذا المقام شيئاً من الفرق في النظر إلى صورة المرأة الأجنبية بين المعينة وغير المعينة فإن كان النظر بشهوة وتلذذ فهو حرام، وإن كان بغير شهوة؛ فإن كانت الصورة لامرأة معينة، فالقول بتحريم النظر حينئذ قال فيه الشيخ: ((فيه نظر)) جزء 12 ص 327 وإن كانت الصورة لغير معينة وبغير شهوة، ولا يخشى أن تجر إلى محظور شرعي، فالنظر في هذه الحال جائز. وهذا التفصيل من الشيخ رحمه الله لم يذكر عليه دليلا.
وحاصل ما تقدم أن رأي الشيخ في حكم التصوير بالكاميرا ليس مستقراً ولا محررا، وإن كان الغالب على كلامه ظاهرُه القول بالجواز، وما ذكره من الأدلة على ذلك ضعيفة ومنقوضة كما تقدم، وكذلك ما ذكره من التفصيل في مسألة النظر إلى صور الآدميين فيه ما لا يتجه، كالفرق في النظر إلى صور المرأة الأجنبية بين المعينة وغير المعينة.
وكذلك تردده في حكم نظر الرجل إلى صورة المرأة الأجنبية بناءً على الفرق في تأثير النظر بين الحقيقة والصورة.
وهذا التفصيل وهذا التردد يمكن أن يكون شبهة لأصحاب الأهواء والشّهوات، من مطالعي الصّحف والشّاشات بإطلاق أبصارهم فيما يُعرض ويُنشر.
وإذا كان معظم ما ينشر ويعرض من صور النساء يقصد منه الإغراء وجذب الأنظار وإشباع الشهوات، والدعاية إلى ترويج الصور والمجلات والمبيعات.
فلا متمسك لأهل الباطل في كلام الشيخ رحمه الله. فإن النظر إلى ما يُعرض وينشر في وسائل الإعلام من صور النساء الفاتنات لإمتاع القراء والمشاهدين كله حرام عند الشيخ.
وأما ما قرره الشيخ في مسألة اقتناء الصور فهو واضح بيّن لا إشكال فيه.
والذي أراه صواباً هو تحريم التصوير بالكاميرا، وأنه داخل في عموم أدلة تحريم التصوير، وتحريم اقتناء الصور، وتحريم النظر إلى صور ما يحرم النظر إليه من الرجال والنساء، وأن الصورة كالحقيقة في ذلك، ويحسُن هنا ذكر جملة من الأحاديث الوردة في حكم التصوير:
فعن أبي هـريرة رضـي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله تعالى: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة" متفق عليه، وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله"، ولهما عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل مصور في النار، يجعل له بكل صورة صورها نفس يعذب بها في جهنم"، ولهما عنه مرفوعاً: "من صور صورة في الدنيا كُلِّف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ"، وفي صحيح البخاري عن أبي جحيفة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَعَن المصورين".
والأحاديث الدالة على تحريم تصوير ذوات الأرواح وأنه من كبائر الذنوب وتحريم اقتناء الصور كثيرة مشهورة محفوظة في دواوين السنة.
وإذا كان من المعلوم بالضرورة أن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم عامة وباقية إلى قيام الساعة، لعموم رسالته وختم النبوة به صلى الله عليه وسلم، فأحكام شريعته وخصوصها لا تختص بزمانه بل هي دائمة إلى أن يأتي أمر الله تبارك وتعالى، ولا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة، فنصوص تحريم التصوير شاملة لكل تصوير بأي وسيلة مما كان في عهده صلى الله عليه وسلم أو يكون بعده، والله الذي أنزل هذه الشريعة يعلم ما سيحدث من وسائل التصوير، فيجب تحكيم نصوص الكتاب والسنة وإعمال عُموماتها وإطلاقاتها، مالم يثبت ما يوجب التخصيص أو التقييد، كما يجب التحاكم إليها عند التنازع كما قال تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله و الرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا)).
وبعد؛ فعلـى الجميع أن يتقوا الله ويلتمسوا رضاه، ويجتنبوا ما حرم عليهم وما يقرب إلى الحرام من المشتبهات.
هذا ونسأل الله أن يلهمنا الصواب، ويهدينا سبيل الرشد في القول والعمل. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمـعين.
[/frame]
 
طـــرح موفق وجهــد مبذول
لاحرمك الله الأجــر والمثوبة
وبيض الله وجهك ويرفع قدرك
ويسعدك دنيا وآخــرة
اجمل التحايا..
 
عودة
أعلى