ابن ذكير
:: عضو مميز ::
شيخ .. شروه بثمن بخس
 
إن أهل الجاه - بأطيافهم و أصنافهم - لا تميل نفوسهم لأهل العلم و الفضل ، و إلى العلماء و الدعاة والصالحين الربانيين  إلا ما رحم الله -.
 و هذا ليس سرا يذاع بل هو أمر يفرضه العقل و الفطرة إلا ما رحم ربي ، و العلة : أنه ما من أحد يحطم كبر هؤلاء و غطرستهم مثل هؤلاء !
فالعالم و المسلم الصالح حقيقة- لا يغريه مال و يشده جاه فيجعله ينافق و يقدم الزغل على النصح ، و هو وإن كان بلا كرسي يحمله إلا انه يجلس جلسة الملوك على بساط ممزق شهيقه عزة و زفيره إباء و هذا يجعل أهل النهي و الأمر في تواضع عند مجالسة مثل هؤلاء ، فما تغني عنهم الأموال و المناصب شيئا
و لا تجد أحدا يفرح من أهل الجاه بمجالسة أهل العلم إلا من كان مثلهم : ذا علم و دين و نية ، قد عرف قدرهم ، و تشوف لرأيهم ، فتراه حينئذ بعزة لا بكبر .
ورب ( شيخ ) ليس ( بشيخ ) قد التحف عباءته عند عتبة باب ذي الجاه يكنس الدراهم ليفتي و يقول ما أراد
(وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (20) ) !!
(وأي دين وأي خير فيمن يرى محارم الله تنتهك وحدوده تضاع ودينه يترك وسنة رسول الله صلى الله عليه و سلم يرغب عنها ، وهو بارد القلب ، ساكت اللسان ، شيطان أخرس ، كما أن المتكلم بالباطل شيطان ناطق ، وهل بلية الدين إلا من هؤلاء ، الذين إذا سلمت لهم مآكلهم ورياساتهم فلا مبالاة بما جرى على الدين وخيارهم المتحزن المتلمظ ولو نوزع في بعض ما فيه غضاضة عليه في جاهه أو ماله بذل وتبذل وجد واجتهد واستعمل مراتب الإنكار الثلاثة بحسب وسعه وهؤلاء مع سقوطهم من عين الله ومقت الله لهم قد بلوا في الدنيا بأعظم بلية تكون وهم لا يشعرون وهو موت القلوب فإن القلب كلما كانت حياته أتم كان غضبه لله ورسوله أقوى وانتصاره للدين أكمل ) (1)
و كانس الدراهم بعمامته و بردته ، لا ترى له مقاما إلا في المقامات النفاقية ، أما في ميادين النصح و البذل و العمل ، فهو عار منها ، و هي بريئة منه .
و لم يجن أحد على الأمة مثل هؤلاء أهل التزلف و النفاق ، و المداهنة و الغش ، الذين يغشون عباد الله ، و يسوغون لهم الباطل بدلا من محض النصح ، و إخلاص الدعاء بالتوفيق .
 و تحت مطرقة ( التيسير ) ، و مرزبة ( التسامح ) انحنت رؤوس ، و طأطأت أفكار ، و ذابت عقائد ، (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (187) )
و أبت الجبال الراسيات إلا الربانية و الرسوخ ، و البيان و التبيان ، وفاء بالميثاق ، و نظرا للآخرة ، وتعاليا على الدنيا ، و الكرسي ، و المنصب ، فخسر أولئك و فاز هؤلاء ، (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (88) )
و لايمنع أهل الجاه قبول النصح من الصادقين إلا إساءة الظن في نصحهم و غايتهم ، و هذا ما يفسده المداهنون المرتزقة ، والمنافقون الزنادقة .
فإن المداهنين المرتزقة يفسدون النصح الخالص ، بتأويل الأقوال ، و التشكيك في المسلمات الشرعية و الفطرية ، رغبة في التزلف و القربى ، ( ومن ابتغى رضى الناس بسخط الله ، سخط الله عليه و اسخط عليه الناس ) .
 
فإن زدت على هذا ما يفعله المنافقون الزنادقة من الفساق و أهل المجون و الأهواء من الوشاية بأهل الخير و الصلاح عند كل ذي سلطان فقد وضحت لك حقيقة الأمر 
 
و هل هناك برزخ يحجز الإنسان عن قبول الخير و النصح مثل برزخ : الشك في فساد النية ؟ و الظن بأن الناصح ما أراد إلا العلو في الأرض ؟
 كما اُتهم موسى وهارون : ( وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ (78))
 
اللهم أصلح الراعي و الرعية ، و رد كيد الخائنين ، من المبتدعة و المنافقين ، ربنا لا تمنع فضلك عن المخلصين ، و أنزل عقوبتك العاجلة على من باع الدنيا بالدين .
اللهم أصلح الراعي و الرعية ، و رد كيد الخائنين ، من المبتدعة و المنافقين ، ربنا لا تمنع فضلك عن المخلصين ، و أنزل عقوبتك العاجلة على من باع الدنيا بالدين .
_________________
1) من كلام ابن القيم في إعلام الموقعين 
منقول من بريدي..~
 
	 
 
		 
 
		 
 
		 
	 
	 
 
		 
	