الرحّال
مراقب سابق
 
	 
	حسن عسيري
 كيف تكون سعوديا في 40 سنة بدون معلم؟
 إنها معادلة بسيطة، حتى معلمو الحساب والرياضيات في مدارسنا يستطيعون حل هذه المعادلة: صديقي الكاتب (الذي لم أعرف أنه سوداني إلا بعد سنة) علاء حمزة عاش في السعودية 13400 يوم، مقابل 900 يوم قضاها كإجازات صيف في الخرطوم، و300 يوم أخرى عاشها سائحا صيفيا في دول أخرى. مجموع طرح، جمع، تقسيم، ضرب علاء حمزة بالأيام التي عاشها هو "أربعون عاما" وهي سنين عمره التي تجعله سعوديا من الصنف الأول، هذا إذا ما أضفنا إلى أنه مولود في الرياض، ويتحدث اللهجة السعودية بطلاقة، إلى درجة جعلته كاتب الكوميديا السعودية الأول في المملكة. 
 علاء حمزة الذي عاش وما زال يعيش في السعودية منذ أربعين عاما قد يتم ترحيله من البلاد في أي لحظة يقررها كفيله، لأن النظام يسمح بذلك، دون اعتبار للحق الإنساني في أن يقوم الإنسان بامتصاص جغرافيا وتاريخ وشعب المكان الذي يعيشه طوال هذه السنين. فهل كانت حملة " من لا يرحم لا يرحم" والتي استخدم فيها شخصيات إعلانية سعودية كان المقصود بها نحن، لأننا لا ندرك معنى "العشرة" و "التعايش" دون نظرة قبلية وإقليمية. فلماذا إذن لم يتم حتى الآن تجنيس كل هؤلاء العرب الذين ولدوا في السعودية، ومازالوا يقيمون بين ظهرانينا حتى يومنا هذا منذ أكثر من ثلاثين، أو أربعين سنة؟
 حسنا، إليكم قصة أخرى: صديقي العزيز علي الأعرج الذي يعمل مدير تحرير في مجموعة mbc، حدثني هاتفيا من البحرين، حيث يعمل هناك على تقديم دورة تدريبية لمجموعة من الصحفيين البحرينيين، قال لي بالحرف الواحد:" تخيل يا أبو مجدولين. ولدت في الخبر ودرست كل مراحلي فيها، وعشت فيها 30 عاما، والآن لا أستطيع عبور الجسر إلى شاطئ العزيزية لمشاهدة والدي ووالدتي الذين يقيمان هناك منذ 45 عاما".
 والأعرج، يصول ويجول في قطر، الكويت، البحرين، لأنه يحمل إقامة إماراتية "أي خليجية" وهي كفيلة بمنح المقيم في الخليج تأشيرة إلى أي بلد خليجي، إلا السعودية، لأننا ربما نظن أنه سوف "يشفط نفطنا". 
 إن المطالبة بتجنيس كل هؤلاء العرب اللذين تعلموا في مدارسنا، ويتحدثون لهجتنا، ويعرفون عاداتنا وتقاليدنا، وكانوا يرسلون لنا من أصناف طعامهم قبل مدفع رمضان، لهو حق إنساني على كل فئات المجتمع المطالبة به وكل العالم يطبقه. حسنا، ماذا عن تجنيس الأشقاء غير السعوديين لـ"سعوديين". يا إلهي، أنا سعودي وأنا كفيل أخي الذي ينام معي في نفس الغرفة ,لم أكن أتوقع أننا ننظر إلى أنفسنا بكل هذه اللامنطقية ولا أعتقد أن الـ 20 مليون سعودي سوف يزعجهم التعداد السكاني عندما تنمو كثافتهم البشرية في يوم وليلة إلى 21 مليوناً. فالأرض لم تضق بنا بعد إلى درجة تجعل رحمتنا لا تتسع للآخرين، في وقت وسعت رحمة الله الأرض والسماء.هؤلاء سيكونون رافدا تنمويا جديدا وقويا لنا لأنهم نحن ,ويملكون في رأيي كل النقاط التي تجعلهم من السعوديين الخضر. 
  
	 
 
		 
	 
	 
 
		 
 
		