فريد بخيت
كاتب مميز
- إنضم
- 25 أكتوبر 2009
-
- المشاركات
- 198
-
- مستوى التفاعل
- 0
مقيَّدون في الأصفاد .. محبوسون داخل نفوسهم ..
ينتظرون مصيرهم المحتوم بعد أن رأوا أصنامهم تتساقط ووتتناثر ، فأصبحت كذرات الغبار في الهواء .. بعد أن كانت صخورا ثابتة بالعراء ..
فرأوا ذلك الرجل يقف أمامهم ينظر إليهم .. فيرى حالة الذل فيهم .. إنه النبي الأعظم صلى الله عليه وسلَّم ..
فسمعوا ذلك السؤال الذي أداروا من خلاله ذكريات أليمة في نفوسهم ..
- يا معشر قريش ، ما ترون أني فاعل بكم ؟
عندها أدركوا أنَّ الموتَ لا مفر منه .. فينظروا إلى وجوه أصحابه تشتعل غضباً من أذيتهم لهذا النبي الكريم ..
يرمقونَ سيوفهم المخبأة في ثيابهم التي تلمع نوراً ساطعاً ، ستكونُ مُنْطَفِئَةٌ بلونِ الدماء التي ستسيل ..
يا لهذا الخزي ، ويا لهذا العار .. بالتأكيد إنه الحق الذي سبق وأن حدَّثهم به الرسول عليه الصلاة والسلام ..
إلا أنهم تذكروا أن هذا الكريم ابن الكريم يحملُ قلباً لا يعرف للحقْدِ لوناً ، ولا يعرف للغضب مكاناً.. فلم يترددوا يتسابقون في قولهم ..
- خيراً ، أخٌ كريم وابن أخٍ كريم .
عندها لم يعد للانتظار وقت، فخرجت كلمات النبوة تغسل العار والخزي من وجوه أولئك القوم ..
- إني لا أقول لكم إلاكما قال يوسف لإخوته .. ( لَا تَثْرِيبَ عَليْكُمُ اليَوْمَ اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءْ ) ..
فلم يتمالكوا آثار الدهشة المرسومة على وجوههم ، لم يوقنوا بأنهم يسمعون ذلك
- اذهبوا فأنتم الطلقاء !! .
ليتهم يدركوا بأنهم سمعوا ذلك ، يريدون أن يتناثرون من الفرحة ، لكنهم وجلون من هذا النبي الأعظم ؛ ليشاهدوا نظرة من الرسول تجاه أبي سفيان مطأطأ الرأس ، ينظر إلى الأرضِ وذلك التراب الذي سيوارى فيه جسده .. نظر إليه النبي نظرة الملوك ، بأنه ما جاء منتقماً ، بل جاء داعياً إلى الله ، جاء معطياً لنا دروساً في تاريخ الأخلاق ، وأن المقامات والرتب تبقى لأصحابها ، فأطلق نداءه ..
- من دخل دار أبي سفيان فهو .. آمن.
عندها أنظر إلى سحائب الفرحة تغمر محياهم أخذوا يحتضنون بعضهم ، أخذوايتجولون في ذكريات بعيدة نحو ذلك التاريخ المظلم في حياتهم ، كيف لم يعرفوا بأن لهم نبيٌّ متسامحٌ عظيم ، يدعو إلى التسامح ، وإلى العفو .. نبيٌّ لا يعرف قلبه الحقد ولا الانتقام ، بل جاء وهو يبني الأخلاق ويؤسِّسُها من جذورها .
ينتظرون مصيرهم المحتوم بعد أن رأوا أصنامهم تتساقط ووتتناثر ، فأصبحت كذرات الغبار في الهواء .. بعد أن كانت صخورا ثابتة بالعراء ..
فرأوا ذلك الرجل يقف أمامهم ينظر إليهم .. فيرى حالة الذل فيهم .. إنه النبي الأعظم صلى الله عليه وسلَّم ..
فسمعوا ذلك السؤال الذي أداروا من خلاله ذكريات أليمة في نفوسهم ..
- يا معشر قريش ، ما ترون أني فاعل بكم ؟
عندها أدركوا أنَّ الموتَ لا مفر منه .. فينظروا إلى وجوه أصحابه تشتعل غضباً من أذيتهم لهذا النبي الكريم ..
يرمقونَ سيوفهم المخبأة في ثيابهم التي تلمع نوراً ساطعاً ، ستكونُ مُنْطَفِئَةٌ بلونِ الدماء التي ستسيل ..
يا لهذا الخزي ، ويا لهذا العار .. بالتأكيد إنه الحق الذي سبق وأن حدَّثهم به الرسول عليه الصلاة والسلام ..
إلا أنهم تذكروا أن هذا الكريم ابن الكريم يحملُ قلباً لا يعرف للحقْدِ لوناً ، ولا يعرف للغضب مكاناً.. فلم يترددوا يتسابقون في قولهم ..
- خيراً ، أخٌ كريم وابن أخٍ كريم .
عندها لم يعد للانتظار وقت، فخرجت كلمات النبوة تغسل العار والخزي من وجوه أولئك القوم ..
- إني لا أقول لكم إلاكما قال يوسف لإخوته .. ( لَا تَثْرِيبَ عَليْكُمُ اليَوْمَ اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءْ ) ..
فلم يتمالكوا آثار الدهشة المرسومة على وجوههم ، لم يوقنوا بأنهم يسمعون ذلك
- اذهبوا فأنتم الطلقاء !! .
ليتهم يدركوا بأنهم سمعوا ذلك ، يريدون أن يتناثرون من الفرحة ، لكنهم وجلون من هذا النبي الأعظم ؛ ليشاهدوا نظرة من الرسول تجاه أبي سفيان مطأطأ الرأس ، ينظر إلى الأرضِ وذلك التراب الذي سيوارى فيه جسده .. نظر إليه النبي نظرة الملوك ، بأنه ما جاء منتقماً ، بل جاء داعياً إلى الله ، جاء معطياً لنا دروساً في تاريخ الأخلاق ، وأن المقامات والرتب تبقى لأصحابها ، فأطلق نداءه ..
- من دخل دار أبي سفيان فهو .. آمن.
عندها أنظر إلى سحائب الفرحة تغمر محياهم أخذوا يحتضنون بعضهم ، أخذوايتجولون في ذكريات بعيدة نحو ذلك التاريخ المظلم في حياتهم ، كيف لم يعرفوا بأن لهم نبيٌّ متسامحٌ عظيم ، يدعو إلى التسامح ، وإلى العفو .. نبيٌّ لا يعرف قلبه الحقد ولا الانتقام ، بل جاء وهو يبني الأخلاق ويؤسِّسُها من جذورها .
* * * * *
العفو والتسامح ، أعظمُ المعاني التي جسَّدها النبي عليه الصلاة والسلام ، وكأنَّه انتظر يوم فتح مكة ؛ ليعطينا درساً مهماً في تفعيلِ الأخلاق ، ودرساً في مكارم الأخلاق ..
( العفو والتسامح ) ، ليست كلمةٌ تقال باللسان ، بل تُترجمُ بالأفعال ، ومن الصعوبة أن يتسم المرء بهذه الصفة النبوية العريقة ؛ لأن من يتسم بها عليه أن يكابد ويصابر على ما سيجد بعض آثارالحقد في نفسه ، فتبقى فيه ولو الشيء القليل ، وقد يقول قائل بأن الانسان سيكون في قلبه شيء مما يحمله من أثر الغضب والغل ، ولا يتسم بحقيقة العفو والتسامح إلا الأنبياء والصالحون ..
لكن النبي عليه الصلاة والسلام أراد أن يبين بأن هذه الصفة لا يتسم بها إلا من يتحلى بها ويبغي رضوان ربه ؛ وذلك من إعطاء حقيقة حيّة لأصحابه ، حينما قال لهم وهم جلوسٌ عنده بالمسْجدِ ذاتَ يومٍ ..
- يدخل عليكم رجل من أهل الجنة..
فصرفوا بأعينهم تجاه الباب ، ووضعوا من أهم أحق بذلك .. فتصوَّروا أبا بكر أوعمر أوعثمان أوعلي أوخالد بن الوليد أوأبا عبيدة .. وغيرهم من كبار الصحابة ممن يُذكر في مجالسهم ، لكن توقعاتهم عادت إليهم ؛ لأنَّ جميع من تصوَّرتْهم أذهانهم يجالسونهم بالمسجد !! .. فدخل عليهم رجلٌ لا يكاد يُذكر في مجالسهم ، ولا يُرى منه أثر الجهاد ولا الشخصية ؛ دخل المسجد ولحيته تقطر ماءًا ،ونعاله تحت ابطه .. فمكث ملياً ثم ذهب إلى حال سبيله ..
لكن رجلاً من الصحابة حلَّ ضيفاً على ذلك الرجل .. يريد أن يرى عملاً عظيماً يجعل من نبي الأمة يشهد له بجنة عرضها السماوات والأرض ..، فلم يرى ذلك الصحابي غير وضوءٍ وقراءةِ قرآن ثم النوم .. عندها بادره الصحابي بسؤالٍ عن شيء يجعلُ منه عظيماً في نظر النبي عليه الصلاة والسلام ليشهد له بالجنة !!
فقال له الرجل كلماتٌ تُكتب وتدرَّس في مدارس الأخلاق ..
( الأمر كما ترى .. غير أنّي لا أبيتُ أو أنام ـ وأنا أحمل شيئاً في قلبي على أحد ) يا لهذا الخلق النبيل بعملٍ أجهد وصارعَ فيه قلبه ؛ جوزي بجنَّةٍ عرضها السماوات والأرض ، إنها بالفعل مكارم نبوية انتقلت وتوارثت بين الأجيال لتستقر في الرجال وفي المجتمعات ، فالعفو التسامح في ذلك الذي ينتصر على نفسه وغضبه ، فلم يدع مجالاً للانتقام والأخذ بقوة اليد ، فالعفو والتسامح صفة يتصف بها من يستحقها .
نعم قد تأتيك الفرصة الحقيقية للانتقام .. من ذلك الذي أفقدك عملك أو حياتك أو دينك ، لكن عندما تتذكر عظمة الخالق في آياته ( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس ) عندها ستعرف أنك أنت من يستحق هذه الصفة ، نعم قد تكون العقوبة هي ردع الظالم عن ظلمه في محلها ، لكن الإسلام أراد أن يسموا بالنفس البشرية إلى معالي الأمور ، ويكرمها بأن الدخول إلى قلوب الناس هي بالتحلي بمحاسن الأخلاق .
فلننظر حولنا ، وإلى مجتمعنا ، وننظر إلى موقعنا نحن داخل مجتمعنا الجميل حينما يغرد فيه بلابل الأخلاق، عندها نعلم بأننا أنشأنا دوحة غناءة غنية بأطايب الثمار.
( العفو والتسامح ) ، ليست كلمةٌ تقال باللسان ، بل تُترجمُ بالأفعال ، ومن الصعوبة أن يتسم المرء بهذه الصفة النبوية العريقة ؛ لأن من يتسم بها عليه أن يكابد ويصابر على ما سيجد بعض آثارالحقد في نفسه ، فتبقى فيه ولو الشيء القليل ، وقد يقول قائل بأن الانسان سيكون في قلبه شيء مما يحمله من أثر الغضب والغل ، ولا يتسم بحقيقة العفو والتسامح إلا الأنبياء والصالحون ..
لكن النبي عليه الصلاة والسلام أراد أن يبين بأن هذه الصفة لا يتسم بها إلا من يتحلى بها ويبغي رضوان ربه ؛ وذلك من إعطاء حقيقة حيّة لأصحابه ، حينما قال لهم وهم جلوسٌ عنده بالمسْجدِ ذاتَ يومٍ ..
- يدخل عليكم رجل من أهل الجنة..
فصرفوا بأعينهم تجاه الباب ، ووضعوا من أهم أحق بذلك .. فتصوَّروا أبا بكر أوعمر أوعثمان أوعلي أوخالد بن الوليد أوأبا عبيدة .. وغيرهم من كبار الصحابة ممن يُذكر في مجالسهم ، لكن توقعاتهم عادت إليهم ؛ لأنَّ جميع من تصوَّرتْهم أذهانهم يجالسونهم بالمسجد !! .. فدخل عليهم رجلٌ لا يكاد يُذكر في مجالسهم ، ولا يُرى منه أثر الجهاد ولا الشخصية ؛ دخل المسجد ولحيته تقطر ماءًا ،ونعاله تحت ابطه .. فمكث ملياً ثم ذهب إلى حال سبيله ..
لكن رجلاً من الصحابة حلَّ ضيفاً على ذلك الرجل .. يريد أن يرى عملاً عظيماً يجعل من نبي الأمة يشهد له بجنة عرضها السماوات والأرض ..، فلم يرى ذلك الصحابي غير وضوءٍ وقراءةِ قرآن ثم النوم .. عندها بادره الصحابي بسؤالٍ عن شيء يجعلُ منه عظيماً في نظر النبي عليه الصلاة والسلام ليشهد له بالجنة !!
فقال له الرجل كلماتٌ تُكتب وتدرَّس في مدارس الأخلاق ..
( الأمر كما ترى .. غير أنّي لا أبيتُ أو أنام ـ وأنا أحمل شيئاً في قلبي على أحد ) يا لهذا الخلق النبيل بعملٍ أجهد وصارعَ فيه قلبه ؛ جوزي بجنَّةٍ عرضها السماوات والأرض ، إنها بالفعل مكارم نبوية انتقلت وتوارثت بين الأجيال لتستقر في الرجال وفي المجتمعات ، فالعفو التسامح في ذلك الذي ينتصر على نفسه وغضبه ، فلم يدع مجالاً للانتقام والأخذ بقوة اليد ، فالعفو والتسامح صفة يتصف بها من يستحقها .
نعم قد تأتيك الفرصة الحقيقية للانتقام .. من ذلك الذي أفقدك عملك أو حياتك أو دينك ، لكن عندما تتذكر عظمة الخالق في آياته ( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس ) عندها ستعرف أنك أنت من يستحق هذه الصفة ، نعم قد تكون العقوبة هي ردع الظالم عن ظلمه في محلها ، لكن الإسلام أراد أن يسموا بالنفس البشرية إلى معالي الأمور ، ويكرمها بأن الدخول إلى قلوب الناس هي بالتحلي بمحاسن الأخلاق .
فلننظر حولنا ، وإلى مجتمعنا ، وننظر إلى موقعنا نحن داخل مجتمعنا الجميل حينما يغرد فيه بلابل الأخلاق، عندها نعلم بأننا أنشأنا دوحة غناءة غنية بأطايب الثمار.
اسم الموضوع : العفو والتسامح
|
المصدر : أقلام الأعضاء