عالم المخدرات عالم عجيب .. مليء بالأحداث والمواقف المؤثرة

إسماعيل نور

:: عضو نشيط ::
[FONT=ae_Ouhod]:patch_no: "في ليلة واحدة !!!! ":patch_no:
[/FONT]
[FONT=ae_Ouhod]عالم المخدرات عالم عجيب .. مليء بالأحداث والمواقف المؤثرة التي يعجز عن وصفها لسان أو قلم .هذه صفحة من صفحات هذا العالم .. تحكي قصة معاناة عاشتها أسرة بريئة ابتليت بأبٍ ظالم .. قد شُغف قلبه بالمتاجرة في المخدرات ، وثقل سمعه عن آهات البنين والبنات .في يومٍ من الأيام ، إبّان عملي في إحدى إدارات مكافحة المخدرات ، كلفت بالقبض على أحد مروجي المخـــدرات الذين - مع كل أسف - تلاعبت بهم شياطين الإنس والجن ، واتخذت منهم معاول هدم في كيان هذا البلد الطاهر .يمر شريط أحداث القضية بسرعة .. يتم اتخاذ الإجراءات التحضيرية للإطاحة بالهدف ، ومن ثم تحديد ساعة الصفر لتنفيذ المهمة .انتقلنا إلى الموقع ، وتمركزنا في المواقع المحددة . بعد ساعة .. حضر المروج ومعه كمية من الحبوب المخدرة .. وبعد قيامه بالترويج مباشرة انقضت عليه الفرقة قبل أن يتمكن من الهرب .وبتوفيق من الله تعالى يتم القبض على هذا الرجل متلبساً بترويج كمية من الحبوب المخدرة .لم ينته مسلسل الأحداث .. بل بقي فيه لحظات لا تنسى .لقد ثبت أن هذا الرجل يتخذ منزلـه موقعاً لإخفاء المخدرات التي يقوم بترويجها وتعاطيها .. كان هذا الموقف يستلزم ضرورةً ضبط هذه الكمية وفق الإجراءات الأمنية المتبعة حمايةً للمجتمع من خطر هذه السموم القاتلة .تقوم الفرقة بالانتقال مع المتهم إلى منـزلـه .. بالوصول إلى المنزل يترجل الجميع وقوفاً أمام باب المنـزل وقد نصب الصمت أطنابه على أفواههم ، وكأنه الهدوء الذي يسبق العاصفة .. يتقدم المتهم نحو منزلـه .. يطرق الباب ، فتنطلق على الفور نبراتٌ من الفـــرح والسرور تملأ أفواه مجموعة من البراعــم الأبرياء وراء الباب : هيــه .. (جا بابا .. جا بابا) .. بينما تداعب إحدى الصغيرات أباها بكل رقة وحنان : بابا لن أفتح لك الباب .. وتالله ما علمت المسكينة ما الذي يكمن وراء الباب .أما المشهد في الخارج، فألم وحزن يخيم على وجوه الحاضرين .. يتبادلون نظرات الأسى .. بينما أرخى بعضهم لرؤوسهم العنان وهم يهزونها يميناً وشمالاً حتى اتكأت على صدورهم من شدة الموقف .لم تمض سوى لحظات حتى فتح الأطفال الباب ، وفي مخيلتهم ذلك الأب الحبيب الذي ربما يحمل في يديه لعبة ، أو حلوى .. أو على الأقل يحمل على وجهه ابتسامة مشرقة .. لكنهم يفاجئون به مجرمًا محاطاً برجال الأمن ، فتنقلب النبرات إلى آهات .. والأفراح إلى أتراح .. والآمال إلى آلام ، فلو رأيتهــم وهذا يحتضن رجل أبيه .. وهذه تتعلق بثيابه .. وأخرى في عمر الزهور تحدق بعينيها عاجزة عن تفسير الحدث .أقول : لو رأيتهم لبكيت بكاءً جماً .. ولتفطر قلبك ألماً . بعد هذا المشهد المؤلم يؤدي رجال الأمن واجبهم في مشهد آخر من مشاهد الألم والشقاء ، تمثّله صورة شاحبة لبيت البؤس الذي تستظل به هذه الأسرة .. تدخل غرفة الجلوس فلا ترى إلا أثاثاً متهالكاً ، وفرشاً مبعثرة .. أما غرفة الطعام فمسرح للقذى ومرتع للأوساخ .. وأما المؤنة وما أدراك ما المؤنة فما هي إلا بقايا من الحبوب والمعلبات المعدودة .. لا تكاد تسمن ولا تغني من جوع . ضَنْك في المعيشة .. وشَظَف في الحياة .. ومع هذا .. فالأب غارق في غفلته .. متمادٍ في إهماله لأسرته .وفي نهاية المشهد يتم العثور على كمية من المخدرات في المنزل .. ثم يغلق الستار بمغادرة المنزل وسط عاصفة مدوية من بكاء الأبرياء الذين وقفوا على باب المنزل ..يودّعون إنساناً كانوا يتربون في كنفه .. ويتراكضون إلى حضنه .. ينادونه : ( بـابا ) .في خضم ذلكم المشهد المؤلم عصفت بي مشاعرٌ من الأسى تجاه هذا المجرم : أما تخاف الله ؟ ألم تفكر في هذا المصير؟ أهكذا يرعى الأب فلذات كبده ؟ ما ذنب هؤلاء الأبرياء في هذه المأساة؟ وما جريرتهم في تحمل المعاناة ؟ . تقدمت إليه وجهاً لوجه ، سألته لعلي أجد جواباً .. لكنه لم ينبس ببنت شفة عدا كلمتين .. قال : أنا السبب ، ثم انهمك في بكاءٍ حارفي إحدى الليالي .. وعلى الطريق السريع .. كانت إحدى الدوريات الأمنية تجوب منطقة عملها كالمعتاد .غسق الليل داكن .. كل شيء ساكن .. إذ أبصر أحد أفراد الدورية حالة غير عادية .. سيارة على الطريق .. تضطرب في سيرها .. تنحرف ذات اليمين وذات الشمال .. كأنما هي خامة زرع تفيئها الريح .. أو قنبلة موقوتة تتدحرج بين سالكي الطريق .تتابع الدورية الموقف بحذر .. وما هي إلا لحظات حتى توقفت السيارة على جانب الطريق.. تقترب الدورية الأمنية من السيارة، وتتوقف بقربها للتحقق من أمرها .. يتقدم رجل الأمن إلى السيارة وإذا بالمفاجأة المدهشة .. رجل مسن يقبع خلف المقود .. فاقد الوعي .. غائب العقل .. يسبح في عالم الخيال .. تحسبه ميتاً وما هو بميت يفتح رجل الأمن الباب فتقع عينـاه على كيس أبيض بين يدي العجوز .. ينظر في الكيس فيفجع بإبر الهيروين المسمومة .تنكشف أوراق القضية .. فيقبض على العجوز ، ويقاد إلى جهة التوقيف .كنت وقتها في مكتبي ، فأحيلت إلي القضية .تصفحت الأوراق ثم قمت باستدعاء المتهم .. بعد لحظات تم إحضاره .. رفعت رأسي .. نظرت إلى المتهم .. حملقت بعيني في وجهه .. ويا لهول المنظر !!! .شيخ كبير .. ابيض شعره.. وعبس وجهه.. وتساقطت أسنانه .. وانسدلت حواجبه على عينيه .رُحماك ربي .. ما هذه القضية التي بُليت بها ؟على كل حال ، بدأت الأسئلة :[/FONT]
[FONT=ae_Ouhod]- اسمك ؟[/FONT]
[FONT=ae_Ouhod]- .. .. ..[/FONT]
[FONT=ae_Ouhod]- الحالة الاجتماعية ؟[/FONT]
[FONT=ae_Ouhod]- متزوج .[/FONT]
[FONT=ae_Ouhod]- عدد أولادك ؟[/FONT]
[FONT=ae_Ouhod]- سبعة أطفال !!! [/FONT]
[FONT=ae_Ouhod]إجابات مرّة .. أحدثت في قلبي عاصفة من الدهشة والأسف .. ولكن .. كان التحقيق يفرض علي أن أتمالك نفسي في هذه اللحظة .واستمرت جلسة التحقيق ، وفي النهاية كان الشيخ قد اعترف بكل ما نسب إليه .[/FONT]
[FONT=ae_Ouhod]لم يبق إلا السؤال المحير : ما قصة هذا الرجل ؟سألته .. فأجابني بمسلسل محزن من الأحداث المؤلمة .يقول : قبل سنوات طويلة .. عشت أيام الصبا .. نزيهاً عن المنكرات .. بعيداً عن الترهات .. ثم تزوجت بامرأ ة رزقت منها بعدة أولاد .وبعد سنوات .. وجـدت نفسي بين ثلة من الشباب .. كنت أجلس معهم وأثق بهم لأني لم أر فيهم ما يثير الريبة .ومع ظروف الحياة .. احتجت يوماً إلى بعض المال .. ضاقت بي السبل فلم أجد بداً من عرض سيارتي للبيع .ويعلم أحد رفاقي بحالي ، فيطلب مني شراء السيارة .. اتفقنا على البيع .. ودفع إلي الثمن عدا عشرة آلاف ريال طلب مني تأجيلها إلى أجل قريب .. أجبته لذلك مراعاة لحق الصحبة .مضت الأيام .. والصديق المزعوم يماطل يوماً بعد يوم . وفي ليلة حمراء .. كان صاحبي يتعاطى الحشيش المخدر مع أحد رفاقه .. لم أكن أتصور أني سأتعاطى الحشيش معهم بأي حال من الأحوال .وبعد لحظات معدودة .. إذ بالصديق يعرض علي بكل جرأة أن أجرّب الحشيش !!ترددت في باديء الأمر .. لكن مع إلحاح صديقي وضعف إرادتي بدأت أتعاطى الحشيش .. وبعد عدة جلسات دخلت عالم الإدمان .وليت الأمر توقف عند الحشيش .. إذاً لهانت المصيبة .. بل لا زال بي سدنة المخدرات حتى أوقعوني في شراك الهيروين .وذات يوم طلبت من صاحبي أن يسدد المبلغ الذي في ذمته .. فاعتذر لي بقلة الحال .. ولما رأى إصراري على التسديد عرض علي أن يعطيني كمية من الهيروين مقابل جزء من المبلغ .. وافقت بلا تردد .. فقد كنت أنفق المال الذي بيدي هباءً منثوراً في مقابل الهيروين .. فكيف بما في يد غيري ؟ .وبمرور الأيام .. كان صاحبي يمدني بالهيروين .. والرصيد يتناقص يوماً بعد يوم ، حتى انقلبت الآية .. فجرعات الهيروين استنفدت الدَّين وزيادة ، حتى صار الدائن مديناً .لقد تحطمت حياتي .. وافتقرت أسرتي .. ولم يمهلني الله طويلاً حتى قُبضَ عليّ .. فهاأنذا اليوم مسلسل بالقيود .. مكبل بالهموم .انفجرت في وجهه و قلت لـه : أنت رجل كبير ، و ذو سبعة عيال فكيف رضيت لنفسك أن تتعاطى هذه السموم ؟ !! ألا تتقي الله ؟ .أيسرك أن يأتي إليك أحد أولادك الصغار ويقول : يا والدي .. أقلِع عن المخدرات ؟.نظرت إليه وإذا دموعه تسيل على خديه المتجعدين .ثم قال بنبرة حزينة متقطعة : والله يا سامي إني أذهب أحياناً لتعاطي إبرة الهيروين .. فأتذكر أولادي .. والإبرة في يدي .. فأبكي بكاءً شديداً .لكن ماذا أفعل وقد تمكّن الهيروين من جسدي ؟ وفي هذه اللحظات المحزنة .. كنت أحاول إقناع الشيخ بالعلاج وحتمية الإقلاع عن المخدرات والإنابة إلى الله تعالى . من الذي يحول بينك وبين الله .. تب إلى الله .. انكسر بين يديه .. عسى الله أن يختم لك بخاتمة حسنة ، تكفر عنك ما سلف من العصيان .( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم )أحيل الشيخ إلى السجن العام وقضى محكوميته هناك .. ثم أفرج عنه ومضى إلى سبيله .وبعد سنوات انتقلت من عملي في تلك المدينة إلى فرع آخر من فروع مكافحة المخدرات في مدينة أخرى .وبعد مضي سنة في هذه المدينة ، قام أحد مدمني المخدرات باقتحام أحد المنازل ، وأخذ يهدد أهله بالسلاح ، إلا أن لُطف الله حالَ دون إضراره بهم ، وسرعان ما تم القبض عليه ، وأحيلت قضيته إلى أحد زملائي المحققين في القسم الذي أعمل فيه .وفي صبيحة ذلك اليوم دخلت المكتب .. وإذا بالمتهم ماثل أمام زميلي في جانب الغرفة .. لم أحفل بالنظر في وجه المتهم .. تقدمت صوب زميلي وهو يناقش المتهم حول قضيته .. وفجأة .. لم أشعر إلا وصوت أرعن لا يمكن أن أنساه يقرع سمعي .. التفتّ سريعاً .. حملقت بعيني في وجه المتهم الجديد .. فإذا هو الشيخ القديم .. مدمن الهيروين .لقد دارت به الدنيا وانتقل إلى هذه المدينة .. لكنه لا زال على تمرده وإجرامه .لم أتمالك نفسي عندما رأيته .. ذكّرته بأيامه الماضية .. عاتبته على إصراره وتمرده .ومع حرارة الموقف وشدة التأنيب ، لم يكن هذا العجوز لينتصح أو يزدجر ، بل أخذته العزة بالإثم .. فأزبد وأرعد ، وقال بكل جرأة : أنا بريء .. وأنتم الذين تظلمونني .عرفت حينها أن الرجل قد انحرفت فطرته وفسد قلبه ، حتى أخذ يبرر أفعاله الشنيعة ، ويتنصل منها ..خرجت من المكتب وكلي أسف على هذا الشيخ الكبير الذي غلبه هواه ، واستهواه شيطانه ، على تقدم في عمره ، وقرب من أجله .. [/FONT]
[FONT=ae_Ouhod]بقلم إسماعيل نور[/FONT]
 

we3rb-64f734067d.gif


قصة عجيبة
مع كبره لم يتب إلى الله
بارك الله فيك يا أخوي إسماعيل على طرح القصة

we3rb-d71f13db10.gif
 
قصتك أثرت فيا جدا , الأدمان ليس مشكلة الشباب فقط , الأدمان حقا ليس له عمر .
حفظك الله من كل شر و حفظ شباب المسلمين و أبعد عنهم كيد المكيدين .
جزاك الله خيرا
 
[font=ae_ouhod]شكرا لمروركم[/font][font=ae_ouhod]
[/font][font=ae_ouhod]على موضوعي
وهذا شرف لي
[/font][font=ae_ouhod]
[/font][font=ae_ouhod] ووسام على صدري [/font]​
 
عودة
أعلى