أسباب النصر والتمكين، بُشرى للمؤمنين

أبوفارس يونس

مراقب قسم مسلمو أراكان
بسم الله الرحمن الرحيم

أسباب النصر والتمكين ... بشرى للمؤمنين

الحمد لله الملك الجبار المتكبر القوي المتين ، والصلاة السلام على سيد ولد عدنان والعالمين ، قائد الصحابة المجاهدين.. محمد الأمين وعلى آله وصحبه وأتباعه أجمعين .. أما بعد:


إخوتي الأحبة:

أزُفُّ إليكم هذه النّسَمات بعد ما لمست من بعض الإخوة من العبرات ... والحزن المرتسم على صفحات الوجوه الطاهرات ... وعبرات الحروف الحزينة المكتوبة في المنتديات .. فهَمسَ هامسٌ: العزاء ... العزاء هلك المؤمنون ، فقلتُ: بل بُشْراكَ ... بُشْراك .. "فصبرٌ جميل والله المستعان على ما تصفون"
أحببت أن أزُف لكم هذه البُشرى لتطمئن قلوب المؤمنين .. وأغيظ بها الكافرين ، وأسميتها "أسباب النصر والتمكين"


أيها الأحبة :
"ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين" .. لقد ذكر الله أسباب النصر في كتابه ، فإن تمسك بها جنده فهم الغالبون، وإن أخلّوا بها فالله غالبٌ على أمره سبحانه لا معقب لكلماته ، ولا يُسألُ عما يفعل وهم يُسألون..


وهاكم الأسباب استخلصتُها كلامِ مُسبِّب الأسباب:

1- إخلاص النية ووضوح الهدف.
ودليله قوله تعالى: " وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ"
2- الصبر على العبادات
3- ومصابرة الأعداء
4- والمرابطة بالمداومة على العبادة والثبات
5- وتقوى الله في جميع الأُمور والأحوال
ودليله قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تُفلـحون"
6- الثبات عند اللقاء
7- والإكثار من الذكر والدعاء
8- وطاعة الله ورسوله في الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة
9- والإبتعاد عن النزاع والإختلاف
ودليله قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين "
10- الإعداد حسب الإستطاعة
11- والإنفاق في سبيل الله
والدليل قوله تعال: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوفَّ إليكم وأنتم لا تُظلَمون"
12- محبة الله ورسوله
13- وخفض الجناح للمؤمنين والتواضع لهم
14- وإبداء العزة وتحقير أعداء الله (فعلى المؤمن أن يكون ضحوكاً مع أولياء الله ، قَتّالاً لأعدائه)
15- وعدم الخوف أو التردد للإمتثال لأوامر الله (وتطبيق شرع الله ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر). ودليله قوله تعالى: " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ"
16- عدم الإرتياب في دين الله ، وكمال الثقة بنصره
17- والجهاد بالمال والنفس
ودليله قوله تعالى: " إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ"
18- الغلظة على الكفار والمنافقين ومجاهدتهم (بالنفس ، والمال ، واللسان ، والدعاء ...)
ودليله قوله تعالى: " يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ"


أيها المؤمنون:
أُقسم بالله الذي رفع السماء بلا عمد ليس النصر بالقنابل والصواريخ وحاملات الطائرات، إنما النصر بالثبات واليقن بوعد الله "وما النصر إلا من عند الله"
وأُقسم بالذي رفع السماء بلا عمد: إن صَدَق المؤمنون الأراكانييون ربَّهم ينصرُهم بإذنه سبحانه "إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم" ...


أقول لإخواني المسلمين أعدّوا وتوكلوا وإياكم والتعلق بالإسباب دون المسبِّب .. أو التعلُّق بالمُسبب وإهمال الأسباب ، فالتعلق بالمُسبِّب لا يتحقق إلا بإتيان الأسباب ... فالفهم .. الفهم ..

إخوة الإيمان:
إن من حق إخوانكم عليكم نصرتهم بالتضرع إلى الله والدعاء والإلحاح عليه والتذلل بين يديه سبحانه وسؤاله لإخوانكم النصر والثبات والتمكين ، فرُبَّ دعوة خرجت من قلبِ مؤمنٍ صادقٍ في جوف الليل يُدمّر الله سبحانه وتعالى لها جحافل الكفر والنفاق ويمزق شملهم قبل أن يرتد إليهم طرفهم.

فالله الله إخوة الإيمان .. الله الله في إخوانكم .. الدعاء الدعاء ... الدعاء الدعاء .. الدعاء الدعاء .. " وَإِذَا سَأَلَك عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ"

ومن الدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحرب والنزال وعند القتال: اللَّهُمَّ إنا ننْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ
‏اللَّهُمَّ أنْجِزْ لنا ما وَعَدْتَنا ، اللَّهُمَّ آتِ ما وَعَدْتَنا
اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، ومُجْرِيَ السَّحابِ، وَهازِم الأحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ‏ اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكتابِ، سَرِيعَ الحِسابِ، اهْزِمِ الأحْزَابَ، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ
اللَّهُمَّ أنْتَ عَضُدنا وَنَصيرنا ، بِكَ نحُولُ وَبِكَ نَصُولُ، وَبِكَ نُقاتِلُ
اللَّهُمَّ إنَّا نَجْعَلُكَ في نُحُورِهِمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ
اللَّهُمَّ أنْتَ رَبُّنا وَرَبُّهُمْ، وَقُلُوبُنا وَقُلُوبُهُمْ بِيَدِكَ، وإنَّمَا يَغْلِبُهُمْ أنْتَ
اللهم أرنا ما وعدتنا في أعدائنا
اللَّهُمَّ أَنْزِلْ نَصْرَكَ
اللَّهُمَّ لَوْلا أنْتَ ما اهْتَدَيْنا .............. وَلا تَصَدَّقْنا وَلا صَلَّيْنا
فأنْزِلَننْ سَكِينَةً عَلَيْنا ................... وَثَبِّتِ الأقْدَام إنْ لاقَيْنا
إنَّ الأُلى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنا ................. إذَا أرَادُوا فِتْنَةً أبَيْنــا

أبشروا أيا المسلمون :
"سيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ‏.‏ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأمَرُّ"
"ألا إن نصر الله قريب" ، "ألا إن نصر الله قريب" ، "ألا إن نصر الله قريب" ، "وبشِّر الصابرين"
إنَّا إذَا نَزَلْنا بِساحَةِ قَوْمٍ فَساءَ صَباحُ المُنْذَرِينَ
والله أكبر .. والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين .. ولكن المنافقين لا يعلمون.


منقول من الموقع الشهير: صيد الفوائد:



 
لماذا لا ننتصر . . ومتى يكون النصر ؟

بسم الله الرحمن الرحيم
لماذا لا ننتصر . . ومتى يكون النصر ؟


[FONT=ae_Hor]سيد قطب[/FONT]​
{ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ * أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ } [الحج: 38-41] .

يقول رحمه الله- :
... ووعدهم النصر والتمكين، على شرط أن ينهضوا بتكاليف عقيدتهم التى بينها لهم فى الآيات ...
إن قوى الشر والضلال تعمل في هذه الأرض ، والمعركة مستمرة بين الخير والشر والهدى والضلال ، والصراع قائم بين قوى الإيمان وقوى الطغيان منذ أن خلق الله الإنسان .

والشر جامح والباطل مسلح . وهو يبطش غير متحرج ، ويضرب غير متورع ، ويمتلك أن يفتن الناس عن الخير إن اهتدوا إليه ، وعن الحق إن تفتحت قلوبهم له . فلابد للإيمان والخير والحق من قوة تحميها من البطش ، وتقيها من الفتنة وتحرسها من الأشواك والسموم .

ولم يشأ الله أن يترك الإيمان والخير والحق عزلاً تكافح قوى الطغيان والشر والباطل ، اعتماداً على قوة الإيمان فى النفوس وتغلغل الحق فى الفطر ، وعمق الخير فى القلوب . فالقوة المادية التى يملكها الباطل قد تزلزل القلوب وتفتن النفوس وتزيغ الفطر .

وللصبر حد وللاحتمال أمد ، وللطاقة البشرية مدى تنتهى إليه . والله أعلم بقلوب الناس ونفوسهم . ومن ثم لم يشأ أن يترك المؤمنين للفتنة ، إلا ريثما يستعدون للمقاومة ، ويتهيأون للدفاع ، ويتمكنون من وسائل الجهاد .. وعندئذ أذن لهم فى القتال لرد العدوان .

وقبل أن يأذن لهم بالإنطلاق إلى المعركة آذنهم أنه هو سيتولى الدفاع عنهم فهم فى حمايته :
{ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا } ..
وأنه يكره أعداءهم لكفرهم وخيانتهم فهم مخدولون حتماّ : { إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} ..
وانه حكم لهم بأحقية دفاعهم وسلامة موقفهم من الناحية الأدبية فهم مظلومون غير معتدين ولا متبطرين : { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا } ..
وأن لهم أن يطمئنوا إلى حماية الله لهم ونصره إياهم : { وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ } . .
وأن لهم ما يبرر خوضهم للمعركة فهم منتدبون لمهمة إنسانية كبيرة ، لا يعود خيرها عليهم وحدهم ، إنما يعود على الجبهة المؤمنة كلها ، وفيها ضمان لحرية العقيدة وحرية العبادة . وذلك فوق أنهم مظلومون أخرجوا من ديارهم بغير حق : { الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ } .. وهى أصدق كلمة أن تقال ، وأحق كلمة بأن تقال . ومن أجل هذه الكلمة وحدها كان إخراجهم .

فهو البغى المطلق الذى لا يستند إلى شبهة من ناحية المعتدين . وهو التجرد من كل هدف شخصى من ناحية المعتدي عليهم إنما هى العقيدة وحدها من أجلها يخرجون ، لا الصراع على عرض من أعراض هذه الأرض ، التى تشتجر فيها الأطماع ، وتتعارض فيها المصالح ، وتختلف فيها الاتجاهات وتتضارب فيها المنافع !

ووراء هذا كله تلك القاعدة العامة .. حاجة العقيدة إلى الدفع عنها : { وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا } ..
والصوامع أماكن العبادة المنعزلة للرهبان ، والبيع للنصارى عامة وهى أوسع من الصوامع ، والصلوات أماكن العبادة لليهود . والمساجد أماكن العبادة للمسلمين .

وهى كلها معرضة للهدم على قداستها وتخصيصها لعبادة الله لا يشفع لها فى نظر الباطل أن اسم الله يذكر فيها ، ولا يحميها إلا دفع الله الناس بعضهم ببعض . أى دفع حماة العقيدة لأعدائها الذين ينتهكون حرمتها ، ويعتدون على أهلها . فالباطل متبجح لا يكف ولا يقف عن العدوان إلا أن يدفع بمثل القوة التى يصول بها ويجول ولا يكفى الحق أنه الحق ليقف عدوان الباطل عليه ، بل لابد من القوة تحميه وتدفع عنه . وهى قاعدة كلية لا تتبدل ما دام الإنسان هو الإنسان !
ولابد من وقفة أمام هذه النصوص القليلة الكلمات العميقة الدلالة ، وما وراءها من أسرار فى عالم النفس وعالم الحياة .

إن الله يبدأ الإذن بالقتال للذين قاتلهم المشركون ، واعتدى عليهم المبطلون ، بأن الله يدافع عن الذين آمنوا ، وأنه يكره المعتدين من الكفار الخائنين:
{ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ } ..
فقد ضمن للمؤمنين إذن أنه هو تعالى يدافع عنهم . ومن يدافع الله عنه فهو ممنوع حتماً من عدوه ، ظاهر حتما على عدوه .. ففيم إذن يأذن لهم بالقتال ؟ وفيم إذن يكتب عليهم الجهاد ؟ وفيم إذن يقاتلون فيصيبهم القتل والجرح ، والجهد والمشقة ، والتضحية والآلام ... والعاقبة معروفة ، والله قادر على تحقيق العاقية لهم لا جهد ولا مشقة ، ولا تضحية ولا ألم ، ولا قتل ولا قتال ؟
والجواب أن حكمة الله فى هذا هى العليا ، وأن لله الحجة البالغة .. والذى ندركه نحن البشر من تلك الحكمة ويظهر لعقولنا ومداركنا من تجاربنا ومعارفنا أن الله سبحانه لم يرد أن يكون حملة دعوته وحماتها من ( التنابلة ) الكسالى ، الذين يجلسون فى استرخاء ، ثم يتنزل عليهم نصره سهلاً هيناً بلا عناء ، لمجرد أنهم يقيمون الصلاة ويرتلون القرآن ويتوجهون إلى الله بالدعاء ، كلما مسهم الأذى ووقع عليهم الاعتداء !
نعم إنهم يجب يجب أن يقيموا الصلاة ، وأن يرتلوا القرآن ، وأن يتوجهوا إلى الله بالدعاء فى السراء والضراء . ولكن هذه العبادة وحدها لا تؤهلهم لحمل دعوة الله وحمايتها ، إنما هى الزاد الذى يتزودونه للمعركة . والذخيرة التى يدخرونها للموقعة ، والسلاح الذى يطمئنون إليهم وهم يواجهون الباطل بمثل سلاحه ويزيدون عنه سلاح التقوى والإيمان والاتصال بالله .

لقد شاء الله تعالى أن يجعل دفاعه عن الذين آمنوا يتم عن طريقهم هم أنفسهم كى يتم نضجهم هم فى أثناء المعركة . فالبنية الإنسانية لا تستيقظ كل الطاقات المذخورة فيها كما تستيقظ وهى تواجه الخطر ، وهى تدفع وتدافع ، وهى تستجمع كل قوتها لتواجه القوة المهاجمة .. عندئذ تتحفز كل خلية بكل ما أودع فيها من استعداد لتؤدى دورها ، ولتتساند مع الخلايا الأخرى فى العلميات المشتركة ، ولتؤتى أقصى ما تملكه وتبذل آخر ما تنطوى عليه ، وتصل إلى أكمل ما هو مقدور لها وما هى مهيأة له من الكمال .

والأمة التى تقوم على دعوة الله فى حاجة إلى استيقاظ كل خلاياها ، واحتشاد كل قواها ، وتوفر كل استعدادها ، وتجمع كل طاقاتها ، كى يتم نموها ويكمل نضجها ، وتتهيأ بذلك لحمل الأمانة الضخمة والقيام عليها .

والنصر السريع الذى لا يكلف عناء ، والذى يتنزل هيناً ليناً على القاعدين المستريحين ، يعطل تلك الطاقات عن الظهور ، لأنه لا يحفزها ولا يدعوها .
وذلك فوق أن النصر السريع الهين اللين سهل فقدانه وضياعه . أولاً لأنه رخيص الثمن لم تبذل فيه تضحيات عزيزة . وثانياً لأن الذين نالوه لم تدرب قواهم على الاحتفاظ به ولم تشحذ طاقاتهم وتحشد لكسبه . فهى لا تتحفز ولا تحشد للدفاع عنه .
وهناك التربية الوجدانية والتربية العملية تلك التى تنشأ من النصر والهزيمة ، والكر والفر ، والقوة والضعف ، والتقدم والتقهقر . ومن المشاعر المصاحبة لها .. من الأمل والألم . ومن الفرح والغم ، ومن الاطمئنان والقلق .. ومن الشعور بالضعف والشعور بالقوة .. ومعها التجمع والفناء فى العقيدة والجماعة والتنسيق بين الاتجاهات فى ثنايا المعركة وقبلها وبعدها وكشف نقط الضعف ونقط القوة ، وتدبير الأمور فى جميع الحالات .. وكلها ضرورية للأمة التى تحمل الدعوة وتقوم عليها وعلى الناس .

من أجل هذا كله ، ومن أجل غيره مما يعلمه الله .. جعل الله دفاعه عن الذين آمنوا يتم عن طريقهم هم أنفسهم ؛ ولم يجعله لقية تهبط عليهم من السماء بلا عناء ( هناك هامش فى أصل الظلال فليراجعه من أراد ).

والنصر قد يبطىء علي الذين ظُلموا وأُخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا : ربنا الله . فيكون هذا الإبطاء لحكمة يريدها الله .
قد يبطئ النصر لأن بنية الأمة المؤمنة لم تنضج بعد نضجها ، ولم يتم بعد تمامها ، ولم تحشد بعد طاقاتها ، ولم تتحفز كل خلية وتتجمع لتعرف أقصى المذخور فيها من قوى واستعدادات . فلو نالت النصر حينئذ لفقدته وشيكاً لعدم قدرتها على حمايته طويلاً !
وقد يبطئ النصر حتى تبذل الأمة المؤمنة آخر ما فى طوقها من قوة وآخر ما تملكه من رصيد فلا تستبقى عزيزا ولا غالباً ، لا تبذله هنيئأ رخيصاً فى سبيل الله .

وقد يبطئ النصر حتى تبذل الأمة المؤمنة آخر ما فى طوقها من قوة ، وآخر ما تماكه من رصيد ، فلا تستبقى عزيزاً ولا غالياً ، لا تبذله هيناً رخيصاً فى سبيل الله .

وقد يبطئ النصر حتى تجرب الأمة المؤمنة آخر قواها ، فتدرك أن هذه القوى وحدها بدون سند من الله لا تكفل النصر . إنما يتنزل النصر من عند الله عندما تبذل آخر ما فى طوقها ثم تكل الأمر بعدها إلى الله .

وقد يبطئ النصر لتزيد الأمة المؤمنة صلتها بالله ، وهى تعانى وتتألم وتبذل ، ولا تجد لها سندا إلا الله ، ولا متوجهاً إلا إليه وحده فى الضراء . وهذه الصلة هى الضمانة الأولى لاستقامتها على النهج بعد النصر عندما يتأذن به الله . فلا تطغى ولا تنحرف عن الحق والعدل والخير الذى نصرها به الله .

وقد يبطئ النصر لأن الأمة المؤمنة لم تتجرد بعد فى كفاحها وبذلها وتضحياتها لله ولدعوتها فهى تقاتل لمغنم تحققه ، أو تقاتل حمية لذاتها ، أو تقاتل شجاعة أمام أعدائها . والله يريد أن يكون الجهاد له وحده وفى سبيله ، بريئاً من المشاعر الأخرى التى تلابسه . وقد سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم الرجل يقاتل حمية والرجل يقاتل شجاعة والرجل يقاتل ليرى .
فأيها فى سبيل الله فقال : (( من قاتل لتكون كلمة الله هى العليا فهو فى سبيل الله )) [رواه الشيخان] .
كما قد يبطئ النصر لأن فى الشر الذى تكافحه الأمة المؤمنة بقية من خير ، يريد الله أن يجرد الشر منها ليتمحض خالصاً ، ويذهب وحده هالكاً ، لا تتلبس به ذرة من خير تذهب فى الغمار!

وقد يبطئ النصر لأن الباطل الذى تحاربه الأمة المؤمنة لم ينكشف زيفه للناس تماماً . فلو غلبه المؤمنون حينئذ فقد يجد له أنصاراً من المخدوعين فيه ، لم يقنعوا بعد بفساده وضرورة زواله ، فتظل له جذور فى نفوس الأبرياء الذين لم تنكشف لهم الحقيقة . فيشاء الله أن يبقى الباطل حتى يتكشف عارياً للناس ، ويذهب غير مأسوف عليه من ذى بقية !

وقد يبطئ النصر لأن البيئة لا تصلح بعد لاستقبال الحق والخير والعدل الذى تمثله الأمة المؤمنة . فلو انتصرت حينئذ للقيت معارضة من البيئة لا يستقر لها معها قرار . فيظل الصراع قائماً حتى تتهيأ النفوس من حوله لاستقبال الحق الظافر ، ولاستبقائه ! ( قلت : وهذا هو سبب الإختيارلمنهج التربية ودعوة الناس ، دون مناهج التغيير الأخرى كالإنتخابات أو قلب أنظمة الحكم أو غيرها .. راجع مقال : " التربية " ) .
( قلت : وقد يبطئ النصر أيضاُ حين تجرب الأمة السلام العالمى وقرارات الامم المتحدة ومجلس الأمن! وحين تتسول على أبواب البيت الأبيض والأحمر والأسود ! وحين تجرب الإنقياد تحت رايات علمانية تنحى الإسلام عن المعركة ! وحين وحين وحين ! )
من أجل هذا كله ، ومن أجل غيره مما يعلمه الله ، قد يبطئ النصر، فتتتضاعف التضحيات ،
وتتضاعف الآلام . مع دفاع الله عن الذين آمنوا وتحقيق النصرؤ لهم فى النهاية .

وللنصر تكاليفه وأعباؤه حين يتأذن الله به بعد استيفاء أسبابه وأداء ثمنه ، وتهيؤ الجو حوله لاستقباله واستقبائه :
{ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ } ..
فوعد الله المؤكد الوثيق المتحقق الذى لا يتخلف هو أن ينصر من ينصره .. فمن هم هؤلاء الذين ينصرون الله ، فيستحقون نصر الله ، القوى العزيز الذى لا يهزم من يتولاه ؟ إنهم هؤلاء :
{ الذين إن مكناهم فى الأرض } .. فحققنا لهم النصر ، وثبتنا لهم الأمر .. { أَقَامُوا الصَّلَاةَ أَقَامُوا الصَّلَاةَ } .. فعبدوا الله ووثقوا صلتهم به ، واتجهوا إليه طائعين خاضعين مستسلمين .. { وَآتَوُا الزَّكَاةَ } .. فأدوا حق المال ، وانتصروا على شح النفس ، وتطهروا من الحرص ، وغلبوا وسوسة الشيطان ، وسدوا خلة الجماعة ، وكفلوا الضعاف فيها والمحاويج ، وحققوا لها صفة الجسم الحى كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (( مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى )) .. { وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ }.. فدعوا إلى الخير والصلاح ، ودفعوا إليه الناس .. { وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ }.. فقاوموا الشر والفساد ، وحققوا بهذا وذاك صفة الأمة المسلمة التى لا تبقى على منكر وهى قادرة على تغييره ، ولا تقعد عن معروف وهى قادرة على تحقيقة ..

هؤلاء هم الذين ينصرون الله ، إذ ينصرون نهجه الذى أراده للناس فى الحياة ، معتزين بالله وحده دون سواه ، وهؤلاء هم الذين يعدهم الله بالنصر على وجه التحقيق واليقين .
( قلت : راجع كلام الشيخ رحمة الله عليه- فى سورة محمد ، إن شئت) .
فهو النصر القائم على أسبابه ومقتضياته والشروط بتكاليفه وأعبائه .. والأمر بعد ذلك لله ، يصرفه كيف يشاء : فيبدل الهزيمة نصراً ، والنصر هزيمة ، عندما تختل القوائم ، أو تهمل التكاليف : { وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ }..

إنه النصر الذى يؤدى إلى تحقيق المنهج الإلهى فى الحياة . ومن انتصار الحق والعدل والحرية المتجهة إلى الخير والصلاح . المنظور فيه إلى هذه الغاية التى يتوارى فى ظلها الأشخاص والذوات ، والمطامع والشهوات ..
وهو نصر له سببه . وله ثمنه . وله تكاليفه . وله شروطه . فلن يعطي لأحد جزافاً أو محاباة ولا يبقى لأحد لا يحقق غايته ومقتضاه .
المصدر: من كتاب " صراعنا مع اليهود فى ظلال القرآن" -جمع وإعداد: أنس عبد الرحمن نشر: مكتبة دار البيان بالكويت ... وأصله : " فى ظلال القرآن" المجلد الرابع صفحة 2424-2428 .



منقول من نفس الموقع: صيد الفوائد





 
أسباب الهزيمة وعوامل النصر: الطاعة والمعصية

بسم الله الرحمن الرحيم

أسباب الهزيمة وعوامل النصر: الطاعة والمعصية
المعصية من غير ستار يسترها عارية مفضوحة، نتنة الرائحة، خبيثة المنظر ينفر منها كل أحد ولا يستسيغها أحد، لكنها حين تحف بالشبهة وتأتي إليك وهي تنطق كلمات الله فإنها تتزين للناظرين، وهذا هو مكمن قوتها وسر قبولها ولذلك صدق من قال: كم يخيفني الشيطان حين يأتيني ذاكرا اسم الله.

العلم الصحيح القائم على الحق المطلق (الكتاب والسنة)، وترك التقليد، ونبذ التعصب، ومتابعة السنة، والاهتداء بمن ماتوا على خير، وترك التعلق بالغرائب والشذوذات، كل هذه محصنات للمسلم من أن تمرر عليه ألاعيب أهل الباطل من السدنة الكاذبين، وعلماء اللسان والسلطان، وخطباء الفتنة.
قال تعالى: {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفى الله عنهم إن الله غفور رحيم}(آل عمران).

هذه الآية من سورة آل عمران في عرضها لذكر المصاب الجلل في غزوة أحد، وهذه الآية جامعة لكل معوقات النصر وموانع وقوعه: وإنما هي الذنوب.
{إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا} وبعيدا عما قاله أهل التفسير رحمهم الله تعالى حيث أكثروا فيها القول فإنما أقوالهم تعود إلى أمر واحد، وهو أن الشيطان لا يكون له على المسلم سبيل في تحقيق مراده منه حتى يعطي المسلم الحجة لها.
{استزلهم الشيطان}: أي أوقعهم في الزلل، والزلل هنا الهزيمة وعدم الثبات في المعركة، أي هو تعطيل النصر وعدم تحقيقه.

{ببعض ما كسبوا}: لقد كان للشيطان عليهم سبيل بأن حقق فيهم الهزيمة بسبب أعمالهم وذنوبهم. فهكذا هي سنة الله الجارية في المسلمين، وهي سنة لا تتخلف ولا تتعطل وهي أن الهزائم لا تقع إلا بسبب أعمال يصيبها المسلم فتبعد عنه النصر وتقرب إليه الهزيمة.

وهنا لا بد من أمر نذكره وهو أن هذه المعاصي (أسباب الهزيمة) لا بد أن يكون لها من ارتباط سنني مع الهزيمة. أي أنها ليست مطلق المعاصي والذنوب لكنها المعاصي التي لها علاقة الحرب والقتال مثل: ترك التدريب، والإعراض عن الجماعة، وعصيان الأمير، وترك الأخذ بالسنة القدرية كعدم تعيين صاحب الأمر المفيد في بابه، وهذا لا يعني التقليل من شأن الذنوب الأخرى لكن تأثيرها على نتيجة المعركة تأثير غير مباشر بخلاف الذنوب التي لها علاقة مباشرة بعملية الجهاد والقتال، ولذلك من إبعاد النجعة حين نبحث عن أسباب الهزيمة في معركة من المعارك وموقع من المواقع أن نذهب فنعدد معصية عدم صلة الرحم، أو معصية أكل مال اليتيم كأسباب لحصول الهزيمة ونترك الأسباب المباشرة لحصول الهزيمة، فلا بد أن ننتبه إلى العلاقة القدرية بين السبب والمسبب، بين العمل والنتيجة، بين الذنب والهزيمة.
قال تعالى: {إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين} (القصص).

في هذه الآية من سورة القصص يبين الله سبحانه وتعالى أسلوب الطاغوت في فرض ألوهيته على الخلق، وكيف حصل له العلو والإفساد، والعلو في القرآن مقارن للفساد: قال تعالى: {وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا} (الإسراء).
قال تعالى: { علا في الأرض وجعل أهلها شيعا) فأول أمر فعله لاستتباب حكمه وإفساده هو تفريق الناس فجعلهم شيعا.

واللفظ القرآني (جعل أهلها شيعا) فيه من الدلالات العميقة والتي تحتاج إلى كشف وبيان: فقول الله تعالى: (شيعا) دل على أن فرعون لم يستخدم كثيرا من القهر في تحزيبهم وتشتيتهم وتفرقهم، بل استخدم شيئا من المكر والدهاء في إثارة عوامل التفرق الكامنة في نفوسهم، فالتشيع هو التناصر على شيء، فشيعة الرجل أتباعه وأنصاره، هذا التشيع حصل بإثارة كوامن ذاتية في النفوس، فيها القبول الذاتي بحصول التشيع أي الأتباع والأنصار، فصارت كل فرقة تتبع وتناصر شيئا فيه الدافع الذاتي من المحسن الخارجي، وإلا فلو كان فقط القهر الخارجي هو الذي صنع الفرقة لما جاء لفظ (شيعا) ولجاء لفظ غيره. ولكنهم صاروا شيعا بعامل ذاتي فيه القبول الذاتي والرضوخ النفسي لهذا المحرض الخارجي وهو فساد فرعون.
وقد ذكر الله تعالى عقب هذا قوله: { يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم} وهنا لم يذكر الله تعالى شأن الذين اتخذهم فرعون ليمارسوا القهر والذبح والسبي، فحيث اتخذ طائفة للاستضعاف فإنه ولا بد اتخذ طائفة أخرى للاستكبار والاستعلاء.

والحديث هنا في ذكر القرآن لقصة موسى عليه السلام مع بن إسرائيل، ولكن الحديث القرآني عنه في جعل الناس شيعا جاء عاما { إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا}.

هكذا هي سنة الطاغوت في استتباب ملكه وتجذير شره في الناس: أن يكون الناس شيعا، التفرق والتنازع والتعدد.

والقران لا يذم التفرق على أساس الحق حيث يتعدد الناس إلى فرق بحسب أديانهم، بل هذا هو الواجب في دعوة الأنبياء، فإن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين الناس، فالمؤمنون ينزعون أنفسهم من بين الكافرين ويتفرقون عنهم ويتشيعون دونهم على حقهم، وأهل السنة ينزعون أنفسهم من بين أهل البدع ويتشيعون دونهم على السنة، وهذا من أسباب تحقيق الرفعة لهم والعزة لدينهم ولسنة النبي صلى الله عليه وسلم.

أما الذنب الذي لا يجبر في هذه الدنيا فهو التشيع على الباطل، والتحزب على غير الحق، والتفرق على أسس الجاهلية، فهذا الذي يجعل لزلل الشيطان فيهم موضعا.

وكذلك من الذنب الذي تعجل به العقوبة وتحصل به الهزيمة الاجتماع على غير الحق، والالتفاف على الباطل.
 
أنت من يؤخر النصر عن هذه الأمة

بسم الله الرحمن الرحيم

أنت من يؤخر النصر عن هذه الأمة


عبدالكريم الكاتب
بينما كنت مهموما أتابع أخبار المسلمين وما أصابهم من مصائب، خاطبتني نفسي قائلة: يا هذا، أنت من يؤخر النصر عن هذه الأمة، بل وأنت سبب رئيس في كل البلاء الذي نحن فيه !

قلت لها: أيا نفسي كيف ذاك وأنا عبد ضعيف لا أملك سلطة ولا قوة، لو أمرت المسلمين ما ائتمروا ولو نصحتم ما انتصحوا ..

فقاطعتني مسرعة، إنها ذنوبك ومعاصيك التي ملّ وكلّ ملك الشمال في تدوينها، إنها معاصيك التي بارزت بها الله ليل نهار .. إنه زهدك عن الواجبات وحرصك على المحرمات ..
قلت لها: وماذا فعلت أنا حتى تلقين عليّ اللوم في تأخير النصر ..

قالت: يا عبدالله والله لو جلست أعد لك ما تفعل الآن لمضى وقت طويل، فهل أنت ممن يصلون الفجر في جماعة؟
قلت: نعم أحيانا، ويفوتني في بعض المرات ..

قالت مقاطعة: هذا هو التناقض بعينه، كيف تدّعي قدرتك على الجهاد ضد عدوّك، وقد فشلت في جهاد نفسك أولا، في أمر لا يكلفك دما ولا مالا، لا يعدو كونه دقائق قليلة تبذلها في ركعتين مفروضتين من الله الواحد القهار ..كيف تطلب الجهاد، وأنت الذي تخبّط في أداء الصلوات المفروضة، وضيّع السنن الراتبة، ولم يقرأ ورده من القرآن، ونسي أذكار الصباح والمساء، ولم يتحصّن بغض البصر، ولم يكن بارّا بوالديه، ولا واصلا لرحمه ؟

واستطردت: كيف تطلب تحكيم شريعة الله في بلادك، وأنت نفسك لم تحكمها في نفسك وبين أهل بيتك، فلم تتق الله فيهم، ولم تدعهم إلى الهدى، ولم تحرص على إطعامهم من حلال، وكنت من الذين قال الله فيهم: "يحبون المال حبا جما"، فكذبت وغششت وأخلفت الوعد فاستحققت الوعيد ..

قلت لها مقاطعا: ومال هذا وتأخير النصر؟ أيتأخر النصر في الأمة كلها بسبب واحد في المليار ؟
قالت: آه ثم آه ثم آه، فقد استنسخت الدنيا مئات الملايين من أمثالك إلا من رحم الله.. كلهم ينتهجون نهجك فلا يعبأون بطاعة ولا يخافون معصية وتعلّل الجميع أنهم يطلبون النصر لأن بالأمة من هو أفضل منهم، لكن الحقيقة المؤلمة أن الجميع سواء إلا من رحم رب السماء .. أما علمت يا عبدالله أن الصحابة إذا استعجلوا النصر ولم يأتهم علموا أن بالجيش من أذنب ذنبا .. فما بالك بأمة واقعة في الذنوب من كبيرها إلى صغيرها ومن حقيرها إلى عظيمها .. ألا ترى ما يحيق بها في مشارق الأرض ومغاربها ؟

بدأت قطرات الدمع تنساب على وجهي، فلم أكن أتصوّر ولو ليوم واحد وأنا ذاك الرجل الذي أحببت الله ورسوله وأحبببت الإسلام وأهله، قد أكون سببا من أسباب هزيمة المسلمين .. أنني قد أكون شريكا في أنهار الدماء المسلمة البريئة المنهمرة في كثير من بقاع الأرض ..

لقد كان من السهل عليّ إلقاء اللوم، على حاكم وأمير، وعلى مسؤول ووزير، لكنني لم أفكر في عيبي وخطأي أولا .. ولم أتدبّر قول الله تعالى: { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم }
فقلت لنفسي: الحمد لله الذي جعل لي نفسا لوّامة، يقسم الله بمثلها في القرآن إلى يوم القيامة .. فبماذا تنصحين ؟
فقالت: ابدأ بنفسك، قم بالفروض فصل الصلوات الخمس في أوقاتها وادفع الزكاة وإياك وعقوق الوالدين، تحبّب إلى الله بالسنن، لا تترك فرصة تتقرّب فيها إلى الله ولو كانت صغيرة إلا وفعلتها، وتذكر أن تبسّمك في أخيك صدقة، لا تدع إلى شيء وتأت بخلافه فلا تطالب بتطبيع الشريعة إلا إذا كنت مثالا حيا على تطبيقها في بيتك وعملك، ولا تطالب برفع راية الجهاد وأنت الذي فشل في جهاد نفسه، ولا تلق اللوم على الآخرين تهرّبا من المسؤولية، بل أصلح نفسك وسينصلح حال غيرك، كن قدوة في كل مكان تذهب فيه .. إذا كنت تمضي وقتك ناقدا عيوب الناس، فتوقّف جزاك الله خيرا فالنقّاد كثر وابدأ بإصلاح نفسك .. وبعدها اسأل الله بصدق أن يؤتيك النصر أنت ومن معك، وكل من سار على نهجك، فتكون ممن قال الله فيهم: { إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقداكم } ..

واعلم أن كل معصية تعصي الله بها وكل طاعة تفرّط فيها هي دليل إدانة ضدّك في محكمة دماء المسلمين الأبرياء ..
فرفعت رأسي مستغفرا الله على ما كان مني ومسحت الدمع من على وجهي ..

وقلت يا رب .. إنها التوبة إليك .. لقد تبت إليك ..
ولنفتح صفحة حياة جديدة .. بدأتها بركعتين في جوف الليل .. أسأل الله أن يديم عليّ نعمتهما ..

ملاحظة ورجاء: أرجو أن يشارك قارئ المقالة بتعليق ليخبرنا هل هو فعلا يعاني مما عانيت منه؟
وهل سيعمل على اتباع العلاج الذي وصف؟ وهل يقترح علاجا آخر؟


المصدر إذاعة طريق الإسلام

 

we3rb-43d10336d7.gif


اللهم انصر إخواننا المسلمين في كل مكان
واجعل النصر حليفهم
الله يعطيك العافية على الموضوع

we3rb-1ee103008d.gif

 
بارك الله فيك وفي مسعاك وياليتنا نحن الاركانيين نعمل بها حتى نتمكن ونسترجع بلدنا وارضنا
 
عودة
أعلى