هنا في الجواب الشافي، نحاول جمع الأجوبة المفصلة لبرنامج فتوى، والتقريرات والتحريرات المهمة لكثير من المسائل الخلافية.
المسألة (1): التفصيل في صلاة المسافر للشيخ د.عبدالله ناصر السلمي الرابعة مساء 22/2/1431 قال الشيخ: المسافر متى يصدق عليه أنه مسافر؟ ذهب عامة أهل العلم, وحكى أبو عمر ابن عبد البر الإجماع على ذلك ونفى أن يكون لمن خالف ذلك أثر: أنه إذا كان لا زال في بلده فإنه لا يجوز له أن يقصر الصلاة, ولكنه إذا خرج مسافة تقصر لمثلها الصلاة, مثل أربعة بُرُد, نحن نسميه ثمانين كيلو, نوى أن يسافر ثمانين كيلو: فإنه له أن يقصر من حين أن يفارق عامر قريته, عامر بلدته. فإذا كنا من أهل الرياض مثلا وأردنا أن نخرج إلى المطار, ونريد أن نذهب إلى جدة أو إلى مكة أو إلى الطائف أو على غيرها: فإننا بمجرد خروجنا من عامر قرية البنيان فإننا لنا أن نقصر في المطار, المطار الذي نحن نسميه مطار الملك خالد؛ لأنه مفارق للبنيان, وأنا سوف أسافر سفرا يُقصر لمثله الصلاة. ولا يقال أن المطار فيه مدارس لمدينة الرياض؛ لأن العبرة ليست في الدارس والسكن, هذا خارج عامر القرية المعروفة, فالعبرة بوجود البنيان. فلو وجدت حوائط ومزارع واستراحات فالعبرة ليست بها, العبرة بالسكن. وقد ذكر أبو عمر بن عبد البَرّ وكذلك ابن قدامة الإجماع على ذلك. وعلى هذا: فإذا سافر الإنسان وخرج من عامر قريته إلى مسافة تقصر لمثلها الصلاة فإنه يشرع له أن يقصر الصلاة. هذه المسألة الأولى. المسألة الثانية: هل له إذا دخل وقت الظهر وهو ما زال في مدينته في الرياض, فهل له أن يؤخرها لأجل أن يخرج من عامر قريته فيصلي الظهر والعصر قصرا وجمعا؟ سؤال وارد. المذهب عند الحنابلة يقولون: يجب عليه أن يتم لأنه دخل عليه الصلاة وهو ما زال مقيما. وذهب عامة أهل العلم, ونقل ابن المنذر الإجماع على ذلك, وهو مذهب الشافعية والمالكية والحنفية: أن الراجح أن له أن يقصر. لماذا؟ لأن العبرة حال أداء العبادة, وليس حال دخولها. وعلى هذا فنقول للإنسان إذا دخل عليه وقت الظهر, أذن الظهر وقال أنا أريد أن أصلي في الطريق أو أريد أصلي في المطار: فلهم ذلك, ولهم أن يقصروا, ولهم أن يجمعوا. الحالة الثالثة: متى يقصر الصلاة؟ هل يقصرها إذا أراد أن يسافر مسافة أربعة بُرُد, نسميها نحن ثمانين كيلو؟ الراجح والله أعلم وهو مذهب الجمهور: أن العبرة بقطع المسافة, فمتى قطع المسافة ثمانين كيلو فله أن يقصر الصلاة. وعلى هذا: فالذين يذهبون من الرياض إلى روضة خِريم, وهي مسافة تسعين كيلو: فإن لهم أن يقصروا ولو جاؤوا إلى آخر الليل. هذا هو الراجح وهو قول الجمهور خلافا لأبي العباس بن تيمية رحمه الله, وروي عن ابن عباس كما رواه ابن حزم في كتابه المحلى؛ لأن العبرة حال السفر, فنحن نقول: هذا هل يُعد مسافرا في عُرْف الصحابة وليس في عرف عامة الناس؟ عُرْف الصحابة كما يقول ابن عباس: "يا أهل مكة لا تقصروا من مكة وعرفة, ولا من مكة ومنى, ولكن من مكة والطائف". وفي رواية عن ابن عمر أنه قال: أربعة برد. وهذا عُرْف الصحابة, وما زال عندنا 80 كيلو مسافة متعارف عليها. فعلى هذا: فإذا قطع مسافة مثل ثمانين كيلو فله أن يقصر, فإن كانت أقل من ذلك مثل الذين يذهبون من الرياض إلى ثمامة مثلا: فإن هذا أقل, وعلى هذا: فليس لهم أن يقصروا. وهذا قول عامة أهل العلم. أما إذا لم يكونوا قد عزموا البيتوتة, مثلا يذهبون في الصباح ويأتون في الليل, فقول عامة أهل العلم, بل نُقِل الإجماع على أنهم ليس لهم أن يقصروا, خلافا لابن حزم.
المقدم: حتى لو كانت ثمانين كيلو؟
الضيف: لا, نحن نقول: أقل من ثمانين كيلو, الثمانين فما زاد انتهينا منها, لكن أقل من ثمانين, مثل خمسة وأربعين كيلو أو غير ذلك: فإنه ليس لهم أن يقصروا الصلاة, ويجب عليهم أن يتموا, ولا يجمعون إلا إذا كان هناك مطر أو مرض ونحو ذلك. المسألة الرابعة: شخص سافر إلى مسافة تقصر لمثلها الصلاة, فهل له أن يقصر أو لابد أن ينوي أقل من أربعة أيام أو أكثر؟ المدة, نحن نسميه المدة, إذا وصل إلى البلد هل له أن يقصر الصلاة لأنه مازال مسافرا؟ أو إذا نوى أربعة أيام فأكثر فإنه يتم؟ أو غير ذلك؟ نقول: اختلف العلماء في ذلك: فذهب الحنابلة والشافعية والمالكية على تفصيل عندهم: على أنه يجلس أربعة أيام, فإن كان نوى أربعة أيام فأقل فله أن يقصر, وإن نوى أربعة أيام فأكثر فإنه يجب عليه أن يتم. هذا مذهب من؟ الجمهور.
المقدم: أصبح مقيما؟
الضيف: أصبح مقيما. وذهب ابن عباس, وهو قول أبي العباس ابن تيمية, وهو رواية عند الإمام أحمد, وهو قول كثير من أهل الحديث: على أنه إذا لم يُجمع إقامة فإنه له أن يقصر, فإن أجمع إقامة فإنه يُتم. ومعنى أجمع إقامة: وهو أنه ذهب إلى هذا البلد وهو ناوٍ أن يجلس مثلما يجلس أهل البلد, يعني مثل شخص في الرياض عنده دراسة في جدة وأخذ شقة في جدة, فنقول: هذا أجمع إقامة, فحينئذ يجب عليه أن يتم الصلاة. وشخص من أهل جدة ذهب إلى الرياض لإتمام دراسته: فهذا نوى أجْمَعَ إقامة. يجلس سنة, سنتين, ثلاث: فحينئذ يجب عليه أن يتم الصلاة. أو شخص من أهل الرياض أو من السعودية ذهب إلى بريطانيا أو إلى أمريكا أو إلى أستراليا أو إلى غير ذلك من دول العالم يريد أن يكمل دراسته: فنقول: أنت الآن صرت من أهل هذا البلد وأجمعت إقامة فيجب عليك أن تتم الصلاة, كما ثبت ذلك عن نافع عن ابن عمر: أنه كان يقصر الصلاة ما لم يُجمع إقامة. وهذا هو رأي أبي العباس ابن تيمية خلافا لمن فهم خلاف ذلك. بعض الناس يقول: كيف أَجْمَعَ إقامة؟ مثال: شخص ذهب إلى مكة يقول: أنا أريد أن أجلس في رمضان شهرا كاملا, أريد أن أصلي. هذا لم يُجْمِع إقامة, فله أن يقصر ولو بقي شهرا, وإن كان الأفضل أن يصليها مع الناس, يصليها مع الجماعة إذا كان عنده جماعة. وأما إذا لم يكن عنده جماعة بل صار وحده فيجب عليه أن يصلي في المسجد, لا لوجوب المسجد في حق المسافر, ولكن لوجوب الجماعة في حق المسافر. إذ أن ثَمة فرقا بين الصلاة في المسجد في حق المسافر وبين الصلاة جماعة. فالصلاة جماعة تجب, ولا تترك في حضر ولا في سفر, وأما الصلاة في المسجد فإنها سنة في حق المسافر, فرض كفاية في حق المقيم, والله أعلم. http://idaleel.tv/daleel/articles.php?action=show&id=904
المسألة (2): زكاة الحلي للشيخ د.عبدالله السلمي 19/2/1431 يقول الشيخ: هذه المسألة معروفة عند العلماء بحكم زكاة الحلي. ذهب أبو حنيفة-رحمه الله- وهو قول بعض أهل الكوفة، وبعض أهل الرأي إلى أنه فيه الزكاة، على أن الحلي فيه زكاة، وهو رواية عند الإمام أحمد. وذهب عامة أهل العلم، وغالب فقهاء الأمصار، من المالكية، والشافعية، والحنابلة، وهو رأي أهل الحديث، وهو رأي أكثر الصحابة كما حكى ذلك ابن عبدالبر في كتابه (الاستذكار) وفي كتاب (التمهيد) أنه قول جمهور الصحابة، وهو قول عائشة، وهو قول ابن عمر، وهو قول جابر وغير ذلك من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- على أنه ليس في الحلي زكاة. وقال بعضهم، كالحنابلة والمالكية في بعض أقوالهم على أن زكاته عاريته، أنك إذا استغنيت عنه أنك تعطيه الغير. ولعل هذا القول هو الأظهر؛ وذلك أن الأصل أن ما أعد للاستعمال فهو من باب القنية، وباب القنية ليس فيه زكاة كما جاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة) لأن العبد في حكم السلع، وهو يستخدمه، وكذلك الخيل، فما أعد للاستعمال فليس فيه زكاة. وأما إذا أعد للنماء، أو أعد للتجارة، أو أعد للبيع والشراء، مثل من يكون أصله ذهباً وفضة نقود، فهذا يجب فيه الزكاة. ولعلي أقول: أن الأموال تنقسم إلى ثلاثة أقسام: أموال معدة للنماء بأصل الخلقة، وهي الدراهم والدنانير، ومن ذلك الدولار والريال، والجنيه، وغيره، فهذه يجب فيها الزكاة، سواء نواها صاحبها للنماء أو لم ينوها. القسم الثاني: أموال لم تعد للنماء، ولم يقصد بها صاحبها، وهي ما يملكها الإنسان من عقارات في بيته، ومن استراحات، ومن ثياب، ومن سيارات، وغير ذلك، فهذه ليس فيها زكاة إجماعا عند أهل العلم. القسم الثالث: أموال ليست ذهباً ولا فضة، ولكنها أعدها صاحبها للبيع والشراء، وزيادة النماء، فهذه ذهب الأئمة الأربعة، وهو قول الصحابة-رضي الله عنهم- على أن فيه الزكاة؛ لما روى أبو داود والإمام أحمد من حديث سمرة أنه قال: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمرنا أن نزكي فيما أعددناه للتجارة) أو قال: (للبيع)، وهذا الحديث وإن كان في سنده ضعف إلا أن أهل العلم أجمعوا عليه، وقد ذكره عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- كما رواه البيهقي، وأجمع أهل العلم عليه خلافاً لابن حزم-رحمه الله- هذه الأموال الثلاثة. أما الذهب، فإن الصحيح أن الأحاديث الواردة في زكاة الحلية ضعيفة. أولاً: حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وجد امرأة ومعها مسكتان من ذهب قال: (أتؤدين زكاته؟) قالت: لا، قال: (أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من النار) هذا الحديث، نحن نقول: عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، حسن الحديث إذا لم يخالف، وقد خالف، حيث إنه رواه خالد الحذاء، ورواه المثنى بن الصباح، وابن لهيعة، كلهم رووه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وابن لهيعة والمثنى ضعيفان، وخالد ثقة، لكنه رواه المعتمر بن سليمان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيكون هذا مرسل، وهذا الذي ذكره أهل العلم أن حديث عمرو بن شعيب في هذا الحديث ضعيف، وهو مرسل، والصواب إرساله، وليس رفعه. وأما حديث أم سلمة: (أتؤدين زكاته؟) قالت: يا رسول الله، هل فيه زكاة؟ هل هو كنز؟ قال: (ما أديت زكاته فليس بكنز) وهذا في سنده أيوب الغافقي وهو ضعيف. ولهذا نعلم أن أكثر الفقهاء وأكثر الصحابة على أنه ليس فيه زكاة. وبعض الإخوة، يعني: مرة من المرات يا شيخ، أنا أفتيت في هذا، فأرسل لي بعض الإخوة رسالة، قال: لماذا نترك الدليل؟ الدليل، نحن لا نترك الدليل، وحاشا أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يتركون الدليل، وحاشا الأئمة الأربعة يتركون الدليل، بل إنهم يرون أن الأحاديث الواردة في هذا الباب ضعيفة، فهم لم يتركوا الدليل، وكل من جاءه دليل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- صحيح صريح يجب أن يؤمن به، وقد قال الإمام الشافعي-رحمه الله-: (وقد أجمع أهل العلم على أن من استبانت له سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يجوز أن يدعه لقول كائن من الناس) فإذا ثبت لأصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أو أكثر الصحابة على أنه لم يثبت عن النبي شيء -صلى الله عليه وسلم- في حديث دل ذلك على أنه ليس فيه زكاة، والله أعلم. http://idaleel.tv/daleel/articles.ph...on=show&id=865
المسألة (3): فقه حديث "ماء زمزم لما شرب له" للشيخ د.خالد المصلح 13/1/1431هـ حديث: (ماء زمزم لما شرب له), ما معناه؟
الجواب: هذا الحديث في المسند بإسناد لا بأس به, وإن كان بعض أهل العلم يضعفه, لكن الحديث إسناده جيد. ومعناه: أن ماء زمزم لما شرب له: لما قصده الشارب, فإن كان يقصد ثواب الآخرة فسينال ثواب الآخرة بشربه واتباعه لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في شربه لهذا الماء. لكن هل معنى (لما شرب له) أنه ما قصد به الإنسان من الشرب؟ فإذا شرب الماء ينوي التعلم أدرك علما؟ إذا شرب الماء ينوي الشبع شبع؟ إذا شرب الماء ينوي شفاء بدنه من الأسقام يُشفى؟ عندنا أمران جاء بهما الحديث في حديث أبي ذر في صحيح الإمام مسلم وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ماء زمزم طعام طعم, وشفاء سقم), طعام طعم: أي أنه يكف يفي الطعام, وشفاء سقم: أي تبرأ به الأبدان من الأمراض. وهذان المعنيان معالجة بقضية حسية يشعر بها الإنسان ببدنه, وهو أن يشفى ما به من مرض, كان مرضا في جلده أو كان مرضا في سائر بدنه, وكذلك الطعام يحصل به الكفاية إذا شرب من هذا الماء. هل يلحق بهذا كل المقاصد ولو كانت مقاصد معنوية وليست مقاصد حسية؟ بمعنى أنه يقصد العلم, يقصد مثلا تيسير الزواج, يقصد مثلا بلوغ منزلة معينة, هل يدخل في هذا؟ هذه للعلماء فيها قولان: جماهير العلماء من المتقدمين ومن المتأخرين على أن هذا الحديث يشمل بعمومه كل المقاصد التي يستحضرها الشارب عند شربه, وقد ذكر في هذا آثار كثيرة, من أهل العلم من يشرب للحفظ, ومنهم من يشرب للعلم, ومنهم من يشرب للتقوى, ومنهم من يشرب للفوز بالآخرة, وهلم جرا من المقاصد التي جاءت عن السلف. ومن أهل العلم من يقول إن هذا يختص فقط بما يباشره الماء من الحس, بمعنى أن هذا الماء يتخلل البدن, فحيث وصل الماء إلى البدن فإنه يؤثر فيه طيبا وما قصد الإنسان من الشفاء يدركه. وبهذا يتبين أن للعلماء في هذا قولين: منهم من يرى العموم لما شرب له. ومنهم من يراه خاصا فقط بالقضايا الحسية التي تتصل بالشفاء وبالطعام الشراب ونحو ذلك. والأقرب من هذين القولين: ما ذهب إليه الجمهور من العموم وفضل الله واسع. http://idaleel.tv/daleel/articles.ph...on=show&id=598
المسألة (4): تصنيف الناس إلى ملتزم وغير ملتزم للشيخ عبدالعزيز الفوزان 14/1/1431هـ
يقول الشيخ: طبعا الموضوع له جانبان الجانب الأول: وجود الفرق بين الناس, هذا ظاهر, الله تعالى قسم الناس بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان, المسلمين والكافرين, والأبرار والفجار, والصالحين والفاسقين, {أم نجعل المتقين كالفجار}, {أفنجعل المسلمين كالمجرمين - مالكم كيف تحكمون}, {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون}, يعني لا يمكن أن يستوي الصالح والطالح, والبر والفاجر, والمؤمن والكافر. هذا شيء بدهي دل عليه الشرع, وهو مشاهد في الحس, ويشاهد الإنسان هذا الأمر أحيانا في أصحابه في جيرانه في قرابته. يعني لا يستوي الإنسان الصالح التقي المحافظ على الصلاة البار بوالديه الحريص بالتخلق بأخلاق الإسلام مع الإنسان الفاجر الذي لا يتورع عن ظلم العباد ولا يتورع عن فعل الفواحش ويعق والديه ويتساهل في الصلاة. بينهما فرق, نقول: والله الناس كلهم سواء؟! هذه مغالطة, ليسوا سواء, لا يستوي الصحيح والعليل, والطيب والخبيث, كما قال الله عز وجل: {قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث}, يعني لا يستويان, {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون} والعلم هو الخشية كما قال ابن مسعود رضي الله عنه. إذن لا يستويان, لا في ميزان الله عز وجل ولا في ميزان العقلاء من البشر. الجانب الثاني: وهو الذي يبدو لي أن الأخ السائل -وفقه الله- يرمي إليه: أن اعتداد بعض الصالحين, أو بمن لا أجزم بأنه صالح, لكن مظاهرهم تدل -إن شاء الله- على صلاح وخير, ويكون عندهم التزام بالسنة والحرص على الصلاة والتخلق بالأخلاق الطيبة, وإن شاء الله على خير, نسأل الله أن يصلح نياتنا ونياتهم. أحيانا بعض هؤلاء مع الأسف يكون عنده اعتداد بنفسه وغرور وإعجاب, وينظر لمن ابتلوا بالمعاصي والسيئات نظرة ازدراء واحتقار, وربما يتقزز منهم ويتأفف أمامهم, فيكون -والعياذ بالله- من الصادّين عن سبيل الله. بدل يا أخي- أن يحمد الله عز وجل من أعماق قلبه أن هداه للإسلام ووفقه للاستقامة على الدين, وأن يجعل من شكر هذه النعمة أن يتعب نفسه, ويبذل وقته وجهده ويتعاطى كل الوسائل المشروعة لإصلاح هؤلاء الناس وإسعادهم, وانتشالهم من حمأة المعاصي المعاصي والفسوق إلى واحة الطاعة والاستقامة. بدل هذا يتكبر عليهم ويسعى لتنفيرهم عن دين الله وصدهم عن الإسلام. هذا من الظلم العظيم يا أخي. بل يخشى على صاحبه أحيانا أن يحرم نعمة الإسلام والاستقامة, وأن يكون أشد ضلالا من هؤلاء ووقوعا في حمأة المعاصي. ونحن نعرف قصة ذلك الرجل من بني إسرائيل الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم: كان له جار عاص مسرف على نفسه بالمعاصي, فكان كلما مر عليه ناصحه ووعظه, ولكن هذا والعياذ بالله كان مطبوعا على قلبه, فلم يكن يرعوي ولا يستفيد من هذا النصح والوعظ, مع كثرة وعظه ونصحه رأى أن هذا الرجل لا حيلة فيه, بكل أسف قال هذا الرجل كلمة نسأل الله أن يغفر له ويتوب عليه -وقد ذهب-, قال: والله لا يغفر الله لفلان, يعني هذا إنسان لا خير فيه ولا يرجى منه خير, وهذا أيضا كما يدل على يأس من رحمة الله يدل على نوع من الغرور والعجب بالنفس. من أنت يا أخي حتى تتألى على الله ألا يغفر لفلان أو يصلح فلانا ويضلك أنت؟ فماذا قال الله؟ يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (فقال الله: من ذا الذي يتألى علي؟ فإني قد غفرت له وأحبطت عملك). إذن ليحذر -يا أخي- الإنسان من الغرور ومن التعالي على عباد الله. والذي أضل هذا الإنسان وأوقعه في رجس المعاصي والمنكرات قد يضلك أنت إذا لم تشكر الله على هذه النعمة. ولهذا يقول الله عز وجل لأكرم الخلق عليه وأتقاهم له وأكثرهم جهادا في سبيل الله وبلاء في خدمة البشرية جمعاء, يقول الله له, لرسوله الكريم عليه الصلاة والسلام: {ولا تمنن تستكثر}, لا تمنن, إياك أن تستكثر ما تبذله في سبيل دينك, إياك أن تستكثر طاعاتك وأعمالك ودعوتك وجهادك, فالله عز وجل هو صاحب المن والفضل أولا وآخرا. هو الذي هداك للإسلام, هو الذي شرح صدرك لهذا الدين, هو الذي شرع لك هذه الطاعات والعبادات ودلّك عليها, هو الذي يثيبك عليها الجزاء الكبير والثواب العظيم مع أنه هو الهادي, والفضل كله منه وإليه, هو الذي وفقك وأضل غيرك, فكيف يا أخي تمن على الله؟! وكيف تتكبر على عباد الله؟! وهذا مدخل من أكبر مداخل الشيطان على الأخيار وأهل الدين والصلاح. فليحذروا ألا يداخل إيمانهم وأعمالهم الصالحة شيء من العجب والإدلاء على الله والمن عليه؛ فإن هذا من أكبر أسباب حبوط العمل. وأذكر كلمة عظيمة للإمام المربي وطبيب القلوب رحمة الله عليه, الإمام ابن القيم, أنعم وأكرم بهذا الرجل وبكتبه, أذكر في مقدمة كتابه الوابل الصيب, قال: إن الشيطان قد خبر بني آدم -خبرته طويلة منذ آدم عليه الصلاة والسلام إلى أن تقوم الساعة-, قال: فيأتي إلى قلب العبد فيُشامُّه ويختبره, فإن وجد فيه تقصيرا وميلا إلى المعاصي واتباع الأهواء والشهوات المحرمة أخذه من هذه الخطة, وجره من هذا الباب حتى يهلك في باب المعاصي, وإن وجد فيه خيرا وجدا وتشميرا ورغبة في الطاعة والمسارعة إلى الخيرات جاءه من باب الغلو وباب العجب والغرور, ولا يزال يملأ قلبه بالعجب والغرور, وربما يصل إلى حد المنّ على الله وأنه يجب على الله أن يعطيه كذا وأن يمنع عنه كذا وأن يجعله في الدرجات العلى من الجنة, غرور وعجب! نسأل الله العافية, وينسى أن الفضل كله من الله سبحانه وتعالى أولا وآخرا, قال: حتى يصل القمة ثم يخر على أم رأسه هالكا, فلربما ينزع إيمانه. ولهذا يصدق هذا بالإضافة إلى الواقع قول النبي عليه الصلاة والسلام: (إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة, حتى لا يكون بينه وبين الجنة إلا ذراع): تخيل مقدار ذراع, نصف متر أو ربع متر, قال: (فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها). وهذا الذي -والله- قطع ظهور الصالحين: الخوف من سوء الخاتمة, الخوف من سوء الخاتمة, لكثرة الفتن وخشيتهم أن يداخل إخلاصهم شيء من العجب أو الرياء أو الكبر والغرور فيحبط عملهم. http://idaleel.tv/daleel/articles.ph...on=show&id=600
يقول الشيخ: هذه اللحوم المستوردة إن كانت من بلاد إسلامية، أو بلاد نصرانية، أو يهودية، فالأصل فيها: هو الحل والإباحة، لأن الله سبحانه وتعالى أباح لنا طعام أهل الكتاب وذبائحهم كما أباح ذبائح المسلمين، وأما إن كانت من بلاد غير كتابية ولا غير إسلامية فالأصل فيها هو التحريم حتى نتيقن يقينا أن الذي ذبحها مسلم أو كتابي؛ لكن يبقى الإشكال في هذه اللحوم المستوردة من بلاد كتابية أن طريقة الذبح في بعض تلك البلاد قد تكون طريقة غير شرعية، وهذا كتب حوله الكثير وأثير حوله الكثير من الكلام، والذي تبين لي من خلال اطلاعي على ما يحصل في أمريكا وبعض الدول الأوروبية أن أولئك القوم ظلوا أزمانا متطاولة يبيحون أكل الميتة، وكانت المسالخ تحرص على عدم الذبح لأن بقاء الدم في الذبيحة يزيد في وزنها يبيعونها بالوزن، وسبحان الله بعد هذه الأزمان المتطاولة أدركوا الأضرار الشنيعة التي تترتب على أكل الميتة، والميتة هي التي لم تذكى ذكاة شرعية، كل ما لم يذكى ذكاة شرعية فهو ميتة، سواء صعق بالكهرباء، أو رمي بالمسدس، أو نطح بآلة ثقيلة قتلته، أو قتل في غير مقتل يعني في غير الرقبة، كل هذا يعتبر ميتة، أو صعق بالكهرباء كما هو يحصل بالنسبة للدجاج ونحوه من الطيور، فهم أدركوا أن بقاء الدم في هذه الذبائح يجعل هذا الدم المتحجر في الأوعية الدموية يتحول إلى جراثيم ميكروبات تضر ضررا بالغا بصحة الإنسان، فرجعوا ولله الحمد إلى الشريعة الإسلامية وأدركوا عظمتها من خلال تحريم الميتة، والإنسان يعجب فعلا حينما يتأمل ما ورد في القرآن الكريم من النهي عن الميتة والنص عليها، يقرنها بالخنزير وبالدم المسفوح سبحان الله - في آيات كثيرة من كتاب الله، وهذا من الإعجاز العلمي العظيم الذي ظهر في هذا العصر، الآن كما اطلعت على قوانينهم في بعض الدول الغربية يشددون تشديدا بليغا على المسالخ ومحلات بيع اللحوم في قضية الذبح وإنهار الدم، ولو اكتشفوا أن شخصا أو مسلخا لا يلتزم بهذا النظام فهو يغرم غرامات باهظة جدا، كل ذلك من أجل المحافظة على صحة الإنسان. يبقى الإشكال هل هؤلاء الكتابيون يذكرون اسم الله عز وجل على الذبيحة أم لا؟ والجواب: أن العلماء مختلفون هل التسمية شرط في ذبيحة الكتابي كما هي شرط لصحة ذبيحة المسلم أم لا؟ لأن الله سبحانه وتعالى قال في سورة المائدة: {اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم}، طعامهم يعني: ذبائحهم، ولم يذكر التسمية لم يذكر التسمية، ولهذا اختلف العلماء هل التسمية شرط في ذبيحة الكتابي كما هي في ذبيحة المسلم أو ليست بشرط، وظاهر الآية أن هذا ليس بشرط ليس بشرط ولهذا يبقى الأصل حل ذبائحهم. قد يقول بعض الناس وهذا سئلت عنه كثيرا، الكثير أو أكثر اليهود والنصارى في هذا الزمان هم في الواقع مشركون وإن كانوا ينتسبون إلى بلد نصراني أو يهودي يغلب عليه، نقول: - سبحان الله - وماذا كان حال اليهود والنصارى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ألم يكونوا مشركين أيضا ؟ ألم يكونوا النصارى يقولون: {إن الله ثالث ثلاثة} كما ذكر الله عز وجل عنهم في القرآن، ومع ذلك أباح ذبائحهم أباح ذبائحهم؛ لأن عندهم بقايا من دين موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام وبعضهم أيضا وبقية أنبياء بني إسرائيل، ولهذا أرى أن الأصل هو حل ذبائحهم كما بين الله عز وجل. هل هم يخنقونها ؟ أو يصعقونها بالكهرباء ؟ أو يقتلون مثلا البقر وما أشبهه بالمسدس أو نحوها ؟ أقول: الذي اطلعت عليه أنا بنفسي في بعض المسالخ هناك، وأيضا بسؤال عدد من المشرفين على هذه المسالخ من المسلمين في نيويورك، وواشنطن وغيرها، تبين أنه بالنسبة للدجاج يضعونها في حوض مائي ويسلط عليه تيار كهربائي خفيف بحيث يدوخ هذه الدجاجة قليلا حتى يسهل وضعها على السير تعلق ثم تذبح ذبحا شرعيا، ولو تركت يعني دقيقة أو دقيقتين لانتفضت ثم،..
المقدم: ثم ماتت.
الضيف: لم تمت، لا يزال فيها حياة مستقرة، ولهذا فهي في الواقع وإن صعقت صعقا خفيفا بالكهرباء إلا أنها لم تُذبح أو لم تُقتل بالكهرباء، وهذه قضية مهمة جدا، بعض الناس يقولون يصعقونها بالكهرباء ويشدد في هذه القضية ويا ليته يحكي الواقع كما هو. بالنسبة للبقر نعم، هم يضربون البقر بالمسدس في موطن معين في الرأس حتى يشل حركته العصبية ثم تسقط حتى يسهل ذبحها ولا تتفلت عليهم.
المقدم: قبل أن تموت؟
الضيف: إيه، ثم يدركونها بذبح قبل الموت، لكن الذي تبين لي من خلال المشاهدة البعض وسؤال أيضا المختصين أنه بالنسبة للدجاج وكذلك بقية الطيور والأغنام هي ولله الحمد تذبح بطريقة شرعية، وبالنسبة للبقر أيضا هي تذبح في الجملة ذبحا شرعيا، اللهم إلا في نسبة 20% أو 25% من البقر قد تموت قبل أن تدرك بالذبح، ولهذا أرى أن الورع يقتضي ترك لحوم الأبقار التي ذبحوها بتلك الطريقة، وأما بالنسبة إن شاء الله - للأغنام والدجاج والطيور وما أشبهها فهي أرى أنها جائزة وإن أراد الإنسان الاحتياط الحمد لله يأخذ من محلات المجازر الإسلامية المنتشرة في الغرب بكثرة.
المقدم: أيضا هناك بعض المصانع ربما تضع من يذبحون ذبحا شرعيا إذا كانت يعني هذه الدواجن متجهة إلى بلد إسلامي.
الضيف: إيه طبعا أما الذي يأتي إلى بلد إسلامي، مثلا يأتي للسعودية على وجه الخصوص، أنا التقيت ببعض القائمين على المسالخ في البرازيل، وأيضا في أناس في فرنسا وغيرها، تجد أن الحكومة السعودية وفق الله القائمين عليها إلى كل خير يحرصون ويجتهدون فعلا بأن يكون ذبحا إسلاميا ويرسلون فعلا مندوبين للتأكد من ذلك ولهذا - إن شاء الله - فالأصل هو الجواز، ولكن يا أخي بالنسبة لنا في السعودية ولله الحمد والدول الإسلامية عموما عندك الحلال اليقين الذي ذبحه مسلمون في داخل البلد، لا شك أن النفس تطمئن إليه أكثر من غيره، فيعني ما الذي يحوجك لهذا المستورد ؟ لكن إن سألتني هل هو حلال أو حرام؟ أقول: هو حلال هذا هو الأصل إلا إن تبين لك يقينا أنه ذُبح بطريقة غير شرعية فهنا يجب تركه.
المقدم: حتى ما هو موجود عندنا خرج دحين من يقول أيضا إن الذين يذبحونها غير مسلمين كهندوس أو كذا.
الضيف: يقال لكن يا أخي ما أظن أي شركة تحترم نفسها يمكن أن تستقدم هندوسيا أو بوذيا ليذبح للمسلمين، لا يمكن، نستعمل هؤلاء لغير الذبح، لا إشكال. يعني وإن كان الأولى أن يؤتى بمسلمين، لكن في الذبح ما أظن أي شركة يمكن على الأقل من الناحية السوقية تجارية يعني تعرف أن هذا لو عرف عنها لترك الناس ذبائحهم قطعا، ولا يجوز أكلها، حتى يا أخي المسلم لو ذبح شاته أو دجاجته بطريقة غير شرعية صارت ميتة، لو جاء وخنق الدجاجة أو صعقها بالكهرباء وهو مسلم هل تحل؟ هي ميتة يا أخي، فالأمر لا يختلف، الذي ذُبح بطريقة غير شرعية سواء كان الذابح مسلما أو كتابيا يعتبر ميتة لا يجوز أكله، فكيف إذا جيء بشخص ليس بكتابي ولا بمسلم؟! http://idaleel.tv/daleel/articles-ac...how-id-956.htm