حكمة تحديد مدة الرضاعة بحولين كاملين من منظور علمي

ابوفوزانابوفوزان تم التحقق من .

:: مراقب عام ::
طاقم الإدارة
حكمة تحديد مدة الرضاعة بحولين كاملين من منظور علمي


د . مجاهد محمد أبو المجد
يقول تعالى (والوالدات يرضعن أولادهن حولينِ كاملين لمن أراد أن يُتمَّ الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تُضار والدةٌ بولدها ولا مولودٌ له بولده وعلى الوارث مثلُ ذلك فإن أرادا فصالاً عن تراضٍ منهما وتشاورٍ فلا جُناح عليهما وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلاجناح عليكم إذا سلّمتم ما آتيتم بالمعروف واتقوا الله وأعلموا أن الله بما تعملون بصير) [البقرة :233] .
أقوال المفسرين :
يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية : إنها إرشاد من الله تعالى للوالدات أن يرضعن أولادهن كمال الرضاعة ؛ وهي سنتان ، فلا اعتبار بالرضاعة بعد ذلك .
وذهب أكثر الأئمة إلى أنه لا يحرم من الرضاعة إلا ما كان دون الحولين ، فلو ارتضع المولود وعمره فوقهما فلا يحرم . قال الترمذي باب (ما جاء أن الرضاعة لا تحرم إلا في الصغر دون الحولين) : عن أم سلمة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء في الثدي وكان قبل الفطام]
والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم ، أن الرضاعة لا تحرم إلا ما كان دون الحولين الكاملين ، وما كان بعد الحولين الكاملين ، فإنه لا يحرم شيء ، ومعنى قوله : [إلا ما كان في الثدي] ؛ أي في مجال الرضاعة قبل الحولين ، كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم : [وإن إبراهيم ابني ، وإنه مات في الثدي ، وإن له ظئرين تكملان رضاعة في الجنة] . وفي رواية البخاري : [إن له مرضعـًا في الجنة] .
وقال صلى الله عليه وسلم ذلك ؛ لأن إبراهيم مات وله سنة وعشرة أشهر . فقال : [إن له مرضعـًا] يعني : تكمل رضاعته .
والقول بأن الرضاعة لا تحرم بعد الحولين يروى عن : علي ، وابن عباس ، وابن مسعود ، وجابر ، وأبي هريرة ، وابن عمر ، وابن سلمة ، وسعيد بن المسيب ، وعطاء ، والجمهور
ويقول القرطبي : قوله تعالى : (حولين) ؛ أي سنتين كاملتين قيد بالكمال ؛ لأن القائل قد يقول : أقمت عند فلان حولين ، وهو يريد حولاً وبعض حول آخر ، و استنبط مالك - رحمة الله تعالى عليه - ومن تابعه وجماعة من العلماء من هذه الآية أن الرضاعة المحرمة الجارية مجرى النسب إنما هي ما كان في الحولين ؛ لأنه بانقضاء الحولين تمت الرضاعة ، ولا رضاعة بعد الحولين معتبرة ، هذا قوله في موطئه .
وروى شعبة عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [لا رضاعة إلا ما كان في الحولين] . قال الدراقطني : لم يسنده عن ابن عيينة غير الهيثم بن جميل ، وهو ثقة حافظ .
ويقول الرازي في (تفسيره) : المقصود بتحديد حولين هو أن للرضاعة حكمـًا خاصـًا في الشريعة ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : [يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب] .
ويقول الشوكاني في (تفسيره) : (لمن أراد أن يُتم الرضاعة) أي : ذلك لمن أراد أن يتم الرضاعة ، وفيه دليل على أن إرضاع الحولين ليس حتمـًا ، بل هو التمام ، ويجوز الاقتصار على ما دونه .
حكمة جعل مدة الرضاعة سنتين
إذا علمنا أن مدة الرضاعة المعتبرة شرعـًا هي ما كان في الحولين ، فهل لذلك من حكمة أو علة طبية ؟
ذكر كتاب (نلسون) - وهو أحد المراجع المشهورة في طب الأطفال - في طبعته عام 1994م : أن الأبحاث الحديثة أظهرت وجود علاقة ارتباطية قوية بين عدد ومدة الرضاعة من ثدي الأم وبين ظهور مرض السكري من النوع الأول في عدد من الدراسات على الأطفال في كل من النرويج والسويد والدنمارك ، وعلل الباحثون ذلك بأن لبن الأم يمد الطفل بحماية ضد عوامل بيئية تؤدي إلى تدمير خلايا بيتا البنكرياسية في الأطفال الذين لديهم استعداد وراثي لذلك ، وأن مكون الألبان الصناعية وأطعمة الرضع تحتوي على مواد كيميائية سامة لخلايا بيتا البنكرياسية ، وأن ألبان البقر تحتوي على بروتينات يمكن أن تكون ضارة لهذه الخلايا ، كما لوحظ أيضـًا في بعض البلدان الأخرى أن مدة الرضاعة من الثدي تتناسب عكسيـًا مع حدوث مرض السكري ؛ لذلك ينصح الباحثون الآن بإطالة مدة الرضاعة من ثدي الأم للوقاية من هذا المرض الخطير ، وللحفاظ على صحة الأطفال في المستقبل ، وبناءً على الحقائق برزت في السنوات الأخيرة نظرية مفادها أن بروتين لبن البقر يمكن أن يحدث تفاعلاً حيويـًا مناعيـًا يدؤي إلى تحطيم خلايا بيتا البنكرياسية التي تفرز الأنسولين ، ويعضد هذه النظرية وجود أجسام مضادة بنسب مرتفعة لبروتين لبن البقر في مصل الأطفال المصابين بداء السكري بالمقارنة مع الأطفال غير المصابين بالمرض كمجموعة مقارنة .
وفي دراسة حديثة منشورة في مجلة السكري في يناير 1998م استخلص الباحثون أن البروتين الموجود في لبن الأبقار يعتبر عاملاً مستقلاً في إصابة بعض الأطفال بمرض السكري بغض النظر عن الاستعداد الوراثي .
وفي دراسة حديثة منشورة في فبراير 1998م في جريدة (المناعة) أشار المؤلفون إلى أن تناول لبن الأبقار وبعض الألبان الصناعية كبديل للبن الأم يؤدي إلى زيادة نسبة الإصابة بمض السكري في هؤلاء الأطفال ، وقد أجريت هذه الدراسة على أطفال صغار السن حتى الشهر التاسع من العمر ، ولهذا نصح المؤلفون بإطالة مدة الرضاعة الطبيعية .
وفي دراسة مشابهة منشورة في مجلة (السكري) في يناير 1994م أوضح الباحثون وجود ارتباط قوي بين تناول منتجات الألبان الصناعية (خاصة لبن الأبقار) في السن المبكرة حتى العام الأول من العمر وازدياد نسبة الإصابة بمرض السكري .
وفي دراسة أجريت بقسم الباطنية سنة 1995م تحت إشرافي وجدنا أن الأجسام المناعية المضادة للبن الأبقار وجدت في مصل الأطفال الذين تناولوا لبن الأبقار حتى نهاية العام الثاني ، أما الأطفال الذين تناولوا لبن الأبقار بعد عامين من العمر فلم يتضح فيهم وجود هذه الأجسام المناعية ، مما يظهر جليـًا حكمة القرآن الكريم للرضاعة بعاملين كاملين .
لكن لماذا يسبب لبن الأبقار هذا الضرر قبل العام الثاني ، بينما يزول بعد هذه المدة ؟
في دراسة أجريت بفنلندا عام 1994م منشورة في مجلة (المناعة الذاتية) .
يقول المؤلفون : إن بروتين لبن الأبقار يمر بحالته الطبيعية من الغشاء المبطن للجهاز الهضمي نتيجة عدم اكتمال نمو هذا الغشاء من خلال ممرات موجودة فيه ، حيث إن أنزيمات الجهاز الهضمي لا تستطيع تكسير البروتين إلى أحماض أمينية ، ولذلك يدخل بروتين لبن الأبقار كبروتين مركب ، مما يحفز على تكوين أجسام مناعية داخل جسم الطفل .
وتشير المراجع الحديثة إلى أن الإنزيمات والغشاء المبطن للجهاز الهضمي وحركية هذا الجهاز وديناميكية الهضم والامتصاص لا يكتمل عملها بصورة طبيعية في الأشهر الأولى بعد الولادة ، وتكتمل تدريجيـًا حتى نهاية العام الثاني .
ومجموع هذه الأبحاث يشير إلى أنه كلما اقتربت مدة الرضاعة الطبيعية من عامين كلما قل تركيز الأجسام المناعية الضارة بخلايا بيتا البنكرياسية التي تفرز الأنسولين ، ولكما بدأت الرضاعة البديلة ، وخاصة بلبن الأبقار في فترة مبكرة بعد الولادة كلما ازداد تركيز الأجسام المناعية الضارة في مصل الأطفال .
وفي إشارة علمية دقيقة أخرى للقرآن الكريم نراه يحدد مدة الرضاعة بما يقرب من الحولين ، كما جاء في الآية رقم (14) في سورة [لقمان]: (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنـًا على وهن وفصاله في عامين) ، والآية (15) في سورة [الأحقاق] : (حملته أمه كرهـًا ووضعته كرهـًا وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) ، ويُفهم من هذا أن إرضاع الحولين ليس حتمـًا ، بل هو التمام ، ويجوز الاقتصار على ما دونه ، كما أشارت الأحكام الإسلامية الخاصة بالرضاعة إلى ذلك ، اعتماداً على قوله تعالى : (فإن أرادا فصالاً عن تراضٍ منهما وتشاورٍ فلا جناح عليهما) الآية [البقرة : 233] .
يقول ابن كثير ، رحمه الله ، أي فإن اتفق والدا الطفل على فطامه قبل الحولين، ورأيا في ذلك مصلحة له وتشاورا في ذلك وأجمعا عليه ، فلا جناح عليهما في ذلك ، فيؤخذ منه أن انفراد أحدهما بذلك دون الآخر لا يكفي ، ولا يجوز لواحد منهما أن يستبد بذلك من غير مشاورة الآخر . قاله الثوري وغيره .
وهذا فيه احتياط للطفل والتزام للنظر في أمره ، وهو من رحمة الله بعباده ، حيث حجر على الوالدين في تربية طفلهما ، وأرشدهما إلى ما يصلحهما ويصلحه .
وهكذا يتضح جليـًا حكمة تحديد الرضاعة بحولين كاملين في إشارة علمية دقيقة من القرآن الكريم ، وجاءت الأبحاث العلمية الحديثة لتؤكد ولتبرهن على صدق وإعجاز ما أخبر به القرآن الكريم ، منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام . قال تعالى : (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد) [فصلت: 53] .



 
الرضاعة الطبيعية بين الأحكام الشرعية والفوائد الطبية

الرضاعة الطبيعية بين الأحكام الشرعية والفوائد الطبية
محمد الحبال

Satellite

ثبت عليما وطبيا أن الرضاعة الطبيعية ذات أهمية بالغة وفائدة كبيرة لصحة الطفل والأم المرضع على حد سواء "بدنيا ونفسيا ووقائيا" ولم تظهر الأبحاث العلمية الحديثة هذه الحقيقة إلا منذ عهد قريب. فمنذ نهاية الأربعينيات من القرن العشرين، حتى منتصف السبعينيات منه كان يعتقد أن حليب الأبقار أفضل من حليب الأم، وكانت تتم تغذية الأغلبية العظمى من الأطفال حديثي الولادة في البلاد الغربية والولايات المتحدة الأمريكية عن طريق هذا الحليب البديل.
وأخذت هذه العدوى وهذا الاعتقاد الخاطئ ينتقل إلى البلدان النامية (دول العالم الثالث) في الوقت الذي بدأت الدول الغربية الأوروبية الأمريكية تتخلى عنه، حيث بدأ التشجيع للأمهات بأن يرضعن أطفالهن ويتخلين عن الرضاعة الصناعية كلما أمكن ذلك ولمدة لا تقل عن ستة أشهر، وكلما كانت مدة الرضاعة الطبيعية تصل إلى العامين يكون أفضل، علما بأن هذه النتيجة قد ذكرها القرآن الكريم منذ أكثر من 14 قرنا كما سنبينه لاحقا.
وسنذكر أدناه مختصرا أهم ما ورد في الشريعة الإسلامية بخصوص الرضاعة الطبيعية ونتبع ذلك بأهم فوائد حليب الأم breast feeding مقارنة باستعمال حليب البقر cow milk أو الرضاعة الصناعية bottle feeding كبديل عن الرضاعة الطبيعية من الناحية الطبية.
الرضاعة في القرآن والسنة
تكررت كلمة الرضاعة ومشتقاتها في القرآن الكريم أربع عشرة مرة في سبع سور وثمان آيات كريمات، ذكر الله فيها موضوع الرضاع وأحكامه، وفي ذلك دليل قاطع على أهمية الرضاعة الطبيعية، والحكمة الإلهية فيها، ومن هذه الآيات الكريمة قوله تعالى:
1- (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة) البقرة /233
2- (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) - الأحقاف /15.
3- (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن أشكر لي ولوالديك إليّ المصير) - لقمان /14.
4- (وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه) - القصص /7.
كذلك فإن هناك عددا لا بأس به من الأحاديث النبوية الشريفة تفصل أحكام الرضاعة وفضلها منها:
1- قوله (صلى الله عليه وسلم): "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" - [رواه الشيخان].
2- عن أم سلمة (رضي الله عنها) قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء في الثدي وكان قبل الفطام" - [صحيح الترمذي/1072].
3- وعن عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) قال: "لا رضاعة إلا ما شد العظم وأنبت اللحم" - سنن أبي داود /1763].
4- وقال (صلى الله عليه وسلم) في الرضاعة الطبيعية: "وجعل الله تعالي رزقه (أي الطفل) من ثدي أمه في أحدهما شرابه وفي الآخر طعامه" - [الوسائل ج/15، ص /176 ].
الفقهاء والرضاع
أ-حكم إرضاع الوليد:

Satellite

اتفق الفقهاء على وجوب إرضاع الطفل ما دام في حاجة إليه في سن الرضاع لكنهم اختلفوا فيمن يجب عليه على ما يأتي:
1- ذهب الشافعية والحنابلة إلى أن الأب يجب عليه استرضاع ولده ولا يجب على الأم وليس للزوج أن يجبرها عليه سواء أكانت دنيئة أم شريفة اللهم إلا إذا لم يجد الأب من ترضع له غيرها أو لم يقبل هو ثدي غيرها، فعند ذاك يجب على الأم الإرضاع.
2- ذهب المالكية إلى أن الرضاع يجب على الأم بلا أجرة إن كانت ممن يرضع مثلها، أما الشريفة التي لا يرضع مثلها فلا يجب عليها الرضاع إلا إذا تعينت الأم لذلك بأن لم يجد غيرها.
ب - حق الأم في الرضاع.
ومن حق الأم إن رغبت في إرضاع ولدها أن تجاب إلى ذلك فلا يجوز لأحد منعها من الرضاع سواء أكانت مطلقة أم غير مطلقة على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء مستدلين بقوله تعالي: (لا تضار والدة بولدها) - البقرة /233، ذلك أن الأم أكثر حنانا وشفقة على وليدها من غيرها ولبنها أنسب له في الأغلب.
ج- مدة الرضاعة:
قال تعالي: (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة) - البقرة /233 قال جمهور المفسرين: إن هذين الحولين لكل ولد، وروي عن ابن عباس (رضي الله عنهما ) أنه قال: هي في الولد يمكث في البطن ستة أشهر فإن مكث سبعة أشهر فرضاعته ثلاثة وعشرون شهرا، فإن مكث ثمانية أشهر فرضاعته اثنان وعشرون شهرا فإن مكث تسعة أشهر فالرضاعة إحدى وعشرون شهرا لقوله تعالي: (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) - الأحقاف/15. وعلى هذا تتداخل مدة الحمل ومدة الرضاع ويأخذ الواحد من الآخر - [القرطبي ج3 ص 108 ].
د- حق الأم في أجرة الرضاع:
ومن حق الأم أن تطلب أجرة المثل بالإرضاع سواء أكانت في عصمة الزوج أم لا والدليل قوله تعالي: (فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن) - الطلاق/6. وإلى ذلك ذهب الشافعية والحنابلة.
أما الحنفية فقالوا: إن كانت في عصمة الزوج أو في عدته فليس لها طلب الأجرة في ذلك إذ إن الله أوجب عليها الرضاع ديانة مقيدا بإيجاب رزق على الأب قال تعالى: (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف) -البقرة/233. وما دامت المرأة في عصمته أو في عدته فهو قائم بذلك بخلاف ما لم تكن في عصمته ولا في عدته فإن الأجرة تقوم مقام الرزق.
ولكن الأم إذا طلبت أكثر من أجرة المثل ووجد الأب من ترضع له مجانا أو بأجرة المثل جاز له أن ينتزعه منها لأنها أسقطت حقها بطلبها ما ليس لها. فدخلت في عموم قوله تعالى: (وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى) -الطلاق/6.
أما المالكية فقد قرروا أن الأم إن كانت ممن يرضع مثلها وكانت في عصمة الأب فليس لها طلب الأجرة بالإرضاع، لأن الشرع أوجبه عليها فلا تستحق على الواجب أجرة. أما الشريفة التي لا يرضع مثلها والمطلقة من الأب فلها طلب الأجرة وإن تعذرت للرضاع أو وجد من ترضع له مجانا.
التحريم بالرضاع
قال عز وجل (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة) - النساء / 23. وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب" -[رواه مسلم من حديث عائشة وابن عباس رضي الله عنهم ].
وعن زمنها ومقدارها فقد روي عن عائشة (رضي الله عنها) قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "لا تحرم المصة والمصتان" -رواه البخاري ومسلم، وعن أم سلمة قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء وكان قبل الفطام" -[رواه الترمذي وصححه، وكذلك صححه الألباني في "إرواء العليل" (ج/2ص/221).
وعبارة (فتق الأمعاء) كناية عن مقدار الحليب (اللبن) فإنه من المقدار بحيث ينتشر أو يملأ الأمعاء الفارغة للرضيع المعتمد على الرضاعة، ومنه الفتاق وهو الخميرة لأنه ينفخ العجين ويفتقه.
وأما عبارة "كان قبل الفطام" فقد اختلف الفقهاء في حكمها فمذهب كثير من السلف يقتضي تفسير العبارة بوقت الفطام الأبعد وهو حولان فكل مقدار محرم من الرضاع في الحولين يؤدي عندهم للتحريم، سواء فطم الطفل خلال الحولين أم لم يفطم، وذهب عدد من كبار السلف إلى انتهاء التحريم بحقيقة الفطام كما هو ظاهر الحديث فإن فطم الطفل بعد سنة واحدة مثلا ثم أرضعته امرأة في الحولين ولكن بعد زمن من فطامه لم يكن لهذا الرضاع بعد الفطام تأثير في التحريم (زاد المعاد لابن القيم ج/5 ص /577).
الحكمة من التحريم
يلاحظ من الآية السابقة أن الله تعالى قال: (وأخواتكم من الرضاعة) ولم يقل (في الرضاعة) فلو قيل (في الرضاعة) لتبادر إلى الذهن أنهم اشتركوا في مجرد الرضاعة وأما قوله تعالى: (من الرضاعة) فيحتمل أنهم اشتركوا في أمر آخر بسبب الرضاعة وهذا كقولك: هؤلاء إخوة في الصلاح من عهد الشباب فلو حذفت عبارة "في الصلاح" فإنه لا يعني أنهم مجرد إخوة في الشباب ولكنهم إخوة في صفة منذ عهد الشباب.
فكذلك القول في الآية الكريمة فإن الرضاعة منشأ الأخوة في صفة أو مصدرها أو مبدؤها فلو قال قائل مثلا إنهم صاروا إخوة في بعض الصفات الوراثية أو المناعية أو النفسية أو غيرها التي أحدثتها الرضاعة لكان قولا محتملا وليس في الآية ما يمنع منه، وكذلك فإن لفظ الأخ يدل على الاشتراك في صفة أو أمر.
إن هذه النصوص الشرعية تفتح مجالا واسعا لبحوث طبية تطبيقية جديدة في غاية الأهمية والفائدة باستعمال الرضاعة الطبيعية من غير الأم خلال فترة الرضاعة وقد أباح الله ذلك لقوله تعالى: (وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم) - البقرة /233. وقوله تعالي: (وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى) - الطلاق /6.
ونستنتج أن الحكمة من التحريم بالرضاعة قد تكون بسبب أن لها تأثيرا مشابها في انتقال الصفات الوراثية كما هو الحال في انتقالها عن طريق صلة النسب ولذلك ورد النهي عن الزواج من المحارم التي ذكرتها الآية الكريمة لاحتمال انتقال الأمراض الوراثية بنسب كبيرة في حالة حصول ذلك فضلا عن أن الفطرة البشرية تنفر من هذا الأمر.
ومن الممكن توظيف هذه المعلومة القرآنية علاجيا في الطب الحديث في معالجة الأمراض الوراثية عند تشخيصها بعد الولادة مباشرة، أو في الحياة الجنينية للطفل أثناء الرعاية الطبية للأم الحامل، بأن نعمد إلى إرضاع الطفل المصاب من مرضعة غريبة عنه ولكنها سليمة وصحيحة بدلا من أمه أو إحدى قريباتها اللاتي قد يكن حاملات للعوامل الوراثية المرَضية وهذا تطبيق لقوله عز وجل: (وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى) - "الطلاق" /6.
وقد جاء في تفسير القرطبي/ الجامع لأحكام القرآن 18/169 في قوله تعالى: (وإن تعاسرتم) أي بمعنى (وإن تضايقتم وتشاكستم فليسترضع لولده غيرها، وهو خبر في معنى الأمر). أي لترضع والتعاسر هنا (ولو أنه ورد في موضوع الطلاق) ولكن كما يقول الفقهاء: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
وهذه إشارة طبية دقيقة من كتاب الله تعالى تدفعنا للبحث والتقصي والتوصل إلى الطرق العملية الفطرية السليمة لعلاج الأمراض الوراثية بدلا من الطرق المعقدة باهظة الثمن غير مأمونة النتائج.
الرضاعة الطبيعية في العلوم الطبية
لقد أثبت العلم الحديث فوائد جمة للرضاعة الطبيعية، ذلك لأن حليب الأم محفوظ بصورة طبيعية وبدرجة حرارة الجسم نفسها، وخال من الجراثيم الممرضة (معقم وغير ملوث) وجاهز للإعطاء في أي وقت يحتاج إليه الطفل الرضيع.
كذلك فإنه يحتوي على جميع المواد الغذائية الأساسية المطلوبة لنمو الطفل وبصورة متناسبة حسب عمره ووزنه ومقدرته على الهضم والامتصاص، وهو يتغير يوميا بل بالساعات حسب متطلباته.. والأمثلة بهذا الخصوص متعددة يعلمها أهل الاختصاص.
وبالنسبة للأم فإن الرضاعة الطبيعية تمثل لها حصنا من مجموعة كبيرة من الأمراض، وتجعل أجهزتها أكثر قدرة على استعادة وضعها على ما كان عليه قبل الحمل والولادة.
وخلاصة القول ونظرا إلى الأهمية القصوى للرضاعة الطبيعية من الناحيتين الشرعية والطبية، فإننا يجب أن ننظر إلى الرضاعة الصناعية كحالة استثنائية تلجأ إليها الأم في ظروف محددة فقط وباستشارة المختصين كما يلجأ المريض إلى تناول الدواء في حالة مرضه.
(إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) "الإسراء/9".

 
بدلوا الأمهات الحديثات الرضاعة الطبيعية بالرضاعة الصناعية
بدعوى الحفاظ على الجمال والأناقة
فتقطعت العلاقة الحميمية بين الأبناء والأمهات
فالحنان الذي تدره الأم مع حليب صدرها لا يمكن أن يعوض أبداً
جزاك الله خيراً على الموضوع القيم
 
الرضاعة الطبيعية



تقي الطفل من كثير من الأمراض التنفسية أهمها مرض الربو.



الرضاعة الطبيعية تقي الطفل من أمراض الأذن والتهاباتها المتكررة.



الرضاعة الطبيعية تقي الطفل من مرض الموت المفاجئ (sids).



الرضاعة الطبيعية تقي الطفل من التهاب السحايا.



الرضاعة الطبيعية تقي الطفل من أمراض السرطان خلال الأشهر الستة الأولى.



الرضاعة الطبيعية تقي الطفل من نخر العظام. يقي من الأكزيما، ويقي من تقرحات المعدة.



منافع للأم

- لقد أجريت دراسات في 30 دولة وأظهرت بأن الأم التي تغذي طفلها بحليب صدرها تكون أقل عرضة للإصابة بسرطان الثدي [5].

- إن الرحم يتوسع 20 مرة أثناء الحمل والولادة، وقد بينت الدراسات أن الإرضاع الطبيعي يساعد على عودة حجم الرحم للحدود الطبيعية، بعكس الأم التي لا ترضع طفلها فإن حجم الرحم يبقى عندها أكبر من الحدود الطبيعية. كما أن الإرضاع يقي الأم من سرطان الرحم [9].

إن الرضاعة الطبيعية تساعد الأم على إنقاص وزنها وتقيها من السمنة [6]. حتى إن الرضاعة الطبيعية تعمل كمسكن طبيعي للأم أيضاً! إن الإرضاع الطبيعي يساعد الأم على النوم، ويساعد الطفل على النوم أيضاً [9].

منافع للمجتمع

- الإرضاع الطبيعي غير مكلف بعكس الإرضاع الصناعي، وربما نذهل إذا علمنا أن الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال تؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية لو اتبعت أسلوب الرضاعة الطبيعية فإنها ستوفر كل سنة 3600 مليون دولار!! [7].

- إن الرضاعة الطبيعية تنعكس إيجابياً على البيئة أيضاً! وذلك بسبب توفير التلوث الناتج عن عمليات تصنيع زجاجات الحليب وتجفيف حليب البقر، والنفايات الناتجة عن استهلاك هذا الحليب وهذه الزجاجات [8].

****

هنالك فوائد لا يدركها الكثيرون للرضاعة الطبيعية، فالطفل الذي يتغذى على صدر أمه يكون جلده أنعم من ذلك الطفل الذي يتغذى بحليب البقر، ويكون مستوى الرؤية عنده أفضل أيضاً، إن الطفل الذي يتغذى على حليب البقر يكون بوله وبرازه ذو رائحة كريهة أكثر من الطفل الذي يتغذى على حليب أمه! [10]
وبالنتيجة فإن حليب البقر هو أفضل غذاء "للأطفال من البقر"، والحليب الإنساني هو أفضل غذاء للأطفال من البشر، هكذا خلق الله لكل نوع غذاءه وقال: (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا) [الفرقان: 2].


كل هذه النعم منحها الله إياك أيها الإنسان وأنت طفل صغير لا تعلم من الدنيا شيئاً، فهل تتذكر نعمة الله عليك، وربما ندرك هنا معنى قوله تعالى: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) [إبراهيم: 34]. فعلاً مهما عددنا نعمة الله فلن نحصيها.


***************
سلمت يمينك أخي

موضوع في غاية الأهمية

بارك الله فيك وجعلك زخراً لهذه الأمه

تقبل مروري
 
ابوفوزان
اشكرك اخوي على المشاركة الرائعة
والجميل كروعة حضورك وتواجدك
فدمت اخوي ودام ابداعك وبارك الله
في جهودك والله يعطيك الف عافيه وجزاك
الله الجنــــــــــــــــــــــة
 
عودة
أعلى