رسـ3ـالة إلى الأمة المسلمة في العالم

رسـ3ـالة إلى الأمة المسلمة في العالم

( حرمة المسلم )

الحمد لله علام الغيوب , والشكر له سبحانه مقلّب الأبصار والقلوب ... وأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له القائل في كتابه :{ والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض} , وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد :
فيا أحبائي , قال تعالى : { يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وأنتم مسلمون * واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرّقوا, واذكروا نعمت الله عليكم اذ كنتم أعداء فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخوانا}.

أيها الاخوة المؤمنون ،

لقد دعا الاسلام المسلم الى أن يعيش في مجتمعه حريصا على خير الناس محافظا على حرماتهم, مؤدّيا واجبه تجاههم في أقواله وأفعاله, رافعا يد الأذيّة عنهم, باسطا يد الرحمة والحب اليهم, جاعلا الصلاح بين الناس صبغة سلوكه, ومن أكرم شمائله. ولقد تجلّت هذه الدعوة صريحة في قوله تعالى:{وتعاونوا على البرّ والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان}, وفي قوله:{ انما المؤمنون اخوة فأصلحوا بين أخويكم}.

واعلموا أيها الاخوة المؤمنون, أن حرمة المسلم مهما كان شأنه في الناس تسمو عند الله تعالى على حرمة الكعبة التي يحج اليها المسلمون في كل عام, وتنحني عندها رقاب العباد, فلقد قال نافع: نظر عبدالل بن عمر رضي الله عنهما يوما الى البيت فقال: ( ما أعظمك وأعظم حرمتك والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك).

فيا أيها الاخوة ،

ازاء هذه المنزلة التي أولاها الله تعالى للمؤمن وجب على سائر المؤمنين في مجتمعهم أن يحرصوا على تكريمه وسعادته والمحافظة على حرمته وكف الأذى والشرّ عنه.

ومن أجل هذا حارب الاسلام الغيبة والنميمة والسخرية وفضح الأعراض والقتل بغير حق وأكل الأموال بالباطل والظلم وجميع مظاهر البغي والأذى التي تنتهك فيها حرمة المؤمن. فقال الله تعالى : { يا أيها الذين ءامنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكنّ خيرا منهن, ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب, بئس الاسم الفسوق بعد الايمان, ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون}.

فالهزء بالمسلم والسخرية منه حرام , ومن فعل ذلك فقد تعدّى حدود الله , وكان منتهكا حرمة من حرمات المسلمين, واستحق بذلك عذاب الله وسوء المصير.

وكلكم يذكر غضب رسول الله صلى الله عليهه وسلم من سيدنا أبي ذر الغفاري رضي الله عنه عندما سمعه ينادي بلالا رضي الله عنه قائلا: (يا ابن السوداء), فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:" انك امرؤ فيك جاهلية ليس لابن البضاء على ابن السوداء فضل الا بالتقوى", فلم يقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من سيدنا أبي ذر أن يعيّر أخاه المسلم بلالا بلونه, وغضب من أجل ذلك غضبا احمرّ له وجهه, فرجع سيدنا أبو ذر الى نفسه يعنّفها ووضع وجهه على الأرض وأقسم ألا يرفعه على الأرض حتى يطأه بلال بقدمه.

أيها الاخوة المؤمنون ،

نظرا الى ضرر الغيبة وكونها جريمة اجتماعية خطيرة يتسبب عنها تفرّق وحدة المسلمين, وفساد قلوبهم, وتمزق روابطهم, فقد حاربها الاسلام محاربة عنيفة, وتوعّد أولئك الذين ينتهكون حرمة المسلمين باغتيابهم ونشر عيوبهم, فقالتعالى:{ يا أيها الذين ءامنوا اجتنبوا كثيرا من الظن انّ بعد الضن اثم, ولا تجسّسوا ولا يغتب بعضكم بعضا...}.

فمن أقبح صور الايذاء أن يغتاب المسلم أخاه المسلم, فلقد جاء في حديث الاسراء قال عليه الصلاة والسلام:" لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم, فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم".

وعندما قالت عائشة رضي الله عنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم( حسبك من صفية كذا ومذا) تعني قصيرة قال لها عليه الصلاة والسلام:" لقد قلت بكلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته", أي غيّرت رائحته لشدّة نتنها.

وأما عن واجب المسلم حين يسمع غيبة أخيه, فهو أن يرد عنه ويحفظ حرمته حيث قال عليه الصلاة والسلام:" من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة".

وحرّم الاسلام التجسس على المسلمين وتتبّع عوراتهم وكشف أستارهم, فمن فعل ذلك ارتكب شرا وأتى معصية وانتهك حرمة يستحق عليها ما جاء في الحديث حيث قال عليه الصلاة والسلام:" يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الايمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم, فانه من اتبع عوراتهم يتبع الله عز وجل عورته, ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته".

فمن اعتدى على عرض المسلم, وهتك ستره, توعّده الله بعذاب. وما شرع في الاسلام حدّ الزنا والقذف الا بدفع الحرص على أعراض العباد وصون حرماتهم... ولقد حدّثنا التاريخ كيف أن الرسول عليه الصلاة والسلام أجلى يهود بني قينقاع عن المدينة عندما فضحوا عرض امرأة مسلمة, وهتكوا سترها, فكيف من أدمن فضح الأعراض وانتهاك الحرمات؟

وكذلك أيها الاخوة, حرّم الاسلام خذلان المسلم وترك نصرته مع القدرة على ذلك, فقال عليه الصلاة والسلام:" ما من امرئ يخذل امرءا مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته, وينتقص فيه من عرضه الا خذله الله عز وجلّ في موطن يحب فيه نصرته, وما من امرئ ينصر مسلما في موضع ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته الا نصره الله عز وجلّ في موضع يحب نصرته".

بل أقول, معشر الاخوة: ان من أشار الى مسلم بحديدة يتهدده بها قال فيه عليه الصلاة والسلام:" فان الملائكة تلعنه حتى يدعه, وان كان أخاه لأبيه وأمّه".

وقال عليه الصلاة والسلام في حق من اعتدى على مال أخيه:" أوجب الله له النار وحرّم عليه الجنة", وقال:" ولو كان قضيبا من أراك".

فالمسلم الحق من أمنه الناس على دمائهم وأعراضهم وأموالهم وتمثل في سلوكه قوله عليه الصلاة والسلام:" المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده".

فيا أيها المسلمون, احفظوا دماءكم, واحما أعراضكم, وصونوا حرماتكم, وأنتم تذكرون قول المصطفى عليه الصلاة والسلام:" كلّ المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه", وبهذا تنصرون وتجبرون.

اللهم اجعلنا ممن يسمعون القول فيتبعون أحسنه واجعلنا ممن يقدّرون حرمة المسلم حق قدرها, ويستقيمون على منهجك القويم.

والحمد لله رب العالمين.

محب الأمة المسلمة :

أبو عامر آل عبد العلي الأركاني
 
[frame="7 80"]رسالة في غاية الأهمية وقمة الروعة
حفظنا الله وإياك وجميع المسلمين
من الغيبة والنميمة

وجُزيت خيرا أخي أبوعامر
[/frame]
 


جزاك الله خيراً

الله يعطيك العافية [fot1]أبو عامر الأركاني [/fot1]على الطرح الرائع

تحياتي جواد البحر
cVu18939.gif

 
عودة
أعلى