احمد كامل بجانب بقايا منزل حليمة السعدية
دبي - فراج اسماعيل
تبث قناة "العربية" اليوم 3-9-2008 أول صور لبقايا منزل حليمة السعدية مرضعة الرسول صلى الله عليه وسلم في بادية بني سعد والمنخفض الذي تعرض فيه لعملية شق صدره في طفولته، وذلك في الحلقة الثالثة من سلسلة السيرة النبوية.
وقال أحمد كامل مصور ومخرج السلسلة الوثائقية لـ"العربية.نت" إنها المرة الأولى التي تدخل فيها كاميرات قناة تليفزيونية لتنقل مشاهد من هذه البادية التي تبعد عن جدة 5 ساعات بالسيارة، وحوالي 6 ساعات عن مكة المكرمة.
وأضاف: ذهبنا إلى بقايا بيت مرضعة الرسول حليمة السعدية، ووقفنا عند الأحجار التي كان مبنيا بها، كذلك أثار مسجد في المكان لا تزال قبلته موجودة حتى الآن، والتقطنا صورا لأماكن يقول خبراء المنطقة إن الرسول خطى فيها خطواته الأولى طوال السنوات التي قضاها في بادية بني سعد، ورعى الأغنام مع اخوانه من الرضاع أبناء حليمة.
ويوضح كامل: سنعرض أيضا مشاهد لمساكن أهل المنطقة التي منهم حليمة، وللبادية نفسها، والطريق المؤدي إليها من مكة المكرمة، والذي أصبح ممهدا في عصرنا الحالي، لكنه بالطبع كان طويلا ووعرا وشاقا في ذلك الزمن.
منطقة باردة وجميلة
بادية بني سعد
ويصف أحمد كامل أجواء بادية بني سعد بقوله إنها منطقة باردة معظم أيام السنة لأنها جبلية وعالية جدا، هواها جميل، وتشعر وأنت في تلك المنطقة أنها فعلا تناسب النشأة التي كان ينشدها أهل المدينة وأهل مكة في تلك الأيام.
وتروي كتب السيرة أنه لم تمضِ شهورٌ على ولادةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، حتى سلمته أمُّه وجدُّه إلى حليمة السعدية لترضعه، كما جرت عادةُ العرب بذلك، حتى يَشُبَّ أبناؤهم في بيئتِها الرحبة، ليشتد فيها عودهم، ويتلقوْا من أهلها فصاحةَ اللسان، وهم في مهدهم. فلغةُ البادية ظلت سليمةً من أي تأثير خارجي.
وكان من عادةِ نساءِ البادية أن يَفِدْنَ إلى مكةَ عسى أن يجدن من يرضعْنَه من أبناءِ أثريائها، طلبا للرزق واليَسار. لكنَّ حظَّ حليمةِ بنتِ أبي ذؤيب السعدية، كان هذا الطفلَ الفقير اليتيم، فأخذته وهي به من الزاهدين، لأنها لم تجد سواه.
ولم تكن تدري حينذاك ما ستتنزل عليها وعلى بيتها من البركات بمَقْدمِ ذلك الطفل الرضيع، الذي أمضى بينهم ما يربو على أربع سنوات، رأوْا خلالها العَجَبَ العُجاب، والبركة التي حلت في دارِهم رغم أن مَنْ حولَهُم كان يعاني من تلك السنوات العجاف.
إعطاء الأبناء للمرضعات
كان من عادة القريشيين إرسال أولادهم إلى الصحراء خارج مكة المكرمة، يتوخون من ذلك إيجاد البيئة الأفضل للنطق وتفهم اللغة العربية السليمة
د. علي الفقير
وكان اعطاء الأبناء لنساء البادية المرضعات عادة عربية معهودة في المجتمع القريشي بالذات كما يقول د.علي الفقير، لأن قريش متميزة عن القبائل العربية، ونساء قريش ارستقراطيات بالمعنى المعاصر، ولذلك لا تحب المرأة أن تشغل بإرضاع ولدها لأن ذلك يؤثر عليها في صحتها وجمالها، وكذلك كان من عادة القريشيين ارسال أولادهم إلى الصحراء خارج مكة المكرمة، يتوخون من ذلك إيجاد البيئة الأفضل للنطق وتفهم اللغة العربية السليمة.
عند عودة حليمة من مكة على ذلك الطريق الطويل الوعر، كانت على دابةٍ هزيلة، معها زوجُها وصغيرُ لها تُرضعه، مع هذا الطفلِ المبارك الوافدِ إلى ديارهم. وكان ما في صدرها من لبن شحيح لا يكفي لصغيرها، لكنها ما كادت تضع محمدا صلى الله عليه وسلم في حجرها، وبدأت ترضعه، حتى شرب وشبع، وشرب معه أخوه وشبع، ثم ناما، وما كان صغيرها يعرف النوم قبل ذلك بسبب شُحِّ اللبن وقلةِ الزاد.
ويقول د. علي الفقير إن بادية بني سعد مقتصرة على الجنس العربي ليس فيها هجين وليس فيها خليط، لذلك كان ابناؤها يتكلمون العربية بسليقتهم وطبيعتهم وفطرتهم، فغدا النبي أفصح العرب بلا منازع لأنه تربى في بيئة عربية سليمة، أما مكة فيأتيها أجناس وأخلاط كثيرون إما بحجة تجارة أو بحجة التقديس والتكريم للكعبة المشرفة لذلك كانت بيئتها غير سليمة عربيا إلى حد كبير وخاصة بالنسبة الأطفال الصغار.
سنتان أخريان مع حليمة
أمضى رسولُ الله سنتا الرَّضاع في بادية بني سعد
ظل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بينهم في بادية بني سعد، حتى مضتْ سنتا الرَّضاع، وهو ينمو بينَهم نمواً يفوقُ أقرانَه. فعادت به إلى أمِّه في مكة، لكن حليمة توسلتْ إليها أن يبقى عندها، خوفاً عليه من وباءِ مكة، وبعد تردد، استجابت الأم لتوسلات حليمة، فعاد هذا الطفل المبارك مرة أخرى إلى بادية بني سعد، ليظل فيها سنتين أخريين.
وفي تلك المرحلة كان محمدٌ صلى الله عليه وسلم يُرافِقُ أبناءَ حليمة، وهم أخوتُه من الرَّضاع، أثناءَ رعيِهم لأغنامهم. وهي مهنةٌ ذات دلالةٍ خاصةٍ في سِيَرِ النبوةِ والأنبياء.
وتتناول حلقة اليوم حادثة شق صدر الرسول التي جرت في مكان منخفض عن البيت الذي كان يقيم فيها مع مرضعته واسرتها، حيث أتاه جبريل ومعه ملك آخر فأضجعاه وكان يلعب مع أحد إخوانه من الرضاع، وشقا صدره وأخرجا قلبه وغسلاه بماء زمزم في إناء من ذهب، فذهب أحد أبناء حليمة السعدية يجري خائفا مرعوبا إلى أمه حليمة السعدية يخبرها أن قوما قتلوا أخاه القرشي، فأتت تجري وهي خائفة فوجدت النبي واقفا ممتقع اللون خائف مصف، وأخبرها أن رجلا شق صدره، فأخذته إلى أمه آمنة بنت وهب وهي تخشى عليه، وكانت قد طلبت أن يمكث عندها فترة، فقالت لها آمنة بعد أن حكت لها القصة لا تخافي على إبني فإني رأيت في حمله وولادته العجب العجاب.
منقول
اسم الموضوع : صورا لبقايا بيت حليمة السعدية مرضعة الرسول محمد
|
المصدر : الموضوعات العامّة