إنضم
10 سبتمبر 2008
المشاركات
316
مستوى التفاعل
0
الإقامة
تصاميم
قصـــة
الطالب: عبد الغني عبير الفهمي

أشرقت شمس ذلك اليوم لتعلن عن ميلاد يوم جديد, على أعمال العباد شهيد, (فمنهم شقي وسعيد).
فأما أهل الشقاء في يوم ليس ككلّ الأيام حمل مع شعاع شمسه نهايةً مأساويةً, وقصةً دمويةً, تمادى أبطالها في التمثيل حتى أُسدل عليهم الستار, وخلفه آلاف من الآلام...
في صباح ذلك اليوم الرمادي, وصل البلاغ إلى قسم الحوادث عن وجود حادث مروري, وبه وفاة رجل وزوجته, وعلى الفور انتقل ضابط الحوادث المناوب, ومعه أعوانه إلى مكان الحادث الذي يبعد عن المدينة قرابة 25 كيلومتراً, وعندما وصل الموقع, وجد الحادث في سفح أحد الجسور المرتفعة عن مستوى الأرض, ويصعب النزول إليه, ولكن ضابط الفرقة استعان بالله ونزل الهوينى آخذاً بيد أحد أعوانه, وعندما وصل وجد المفاجأة!!.
وهي على صورةٍ شبه عارية, أما لباسها - والعياذ بالله - فإنها كانت ترتدي بنطالاً ضيقاً إلى نصف ساقها, وهو ما يسمى (إسترتش), وتلبس قميصاً ضيقاً أيضاً يغطي نصف بطنها فقط, أما وجهها فقد اختلط فيه جمالها الطبيعي مع الأصباغ التي وضعتها على وجهها؛ لتزيد الحسن حسناً, مع تراب سفح ذلك الجسر, وقد أخذت وضع القرفصاء, وهي جامعةٌ يديها إلى نحرها مبرزةً أظافرها الحمراء الطويلة؛ وكأنها كانت تصارع ملك الموت فاغرةً فاها, وكانت الفاجعة أعظم عندما انبعث من ذلك الثغر الجميل رائحة المسكر والعياذ بالله يا للهول!! امرأةٌ في العشرين من عمرها تسكر.. أجل والله!.
وقد اختلط شعرها الذي جرت عليه الأصباغ الذهبية, والقصات الغربية, اختلط بدمها.
غطاها رجال الأمن بغطاء, وذهبوا إلى من كانوا يظنون أنه زوجها.. فإذا المصيبة أدهى, والخطب أمرّ.. رجل في الخمسين من عمره قد خط الشيب في عارضه, فارق الحياة ورائحة المسكر تفوح من فمه, ووجهه مشوّه من شدة الصدمة, مغبرة من شدة التراب الذي علاه..
عاد رجل الأمن إلى سيارته الفارهة, فإذا بها قارورة مسكر وبعض الأطعمة التي تعد للجلسات الحمراء, وجهاز التسجيل به شريط غنائي, ولكنه توقف من شدة الصدمة, وإذا الحقيقة المرة الماثلة للعيان, وهي أن الرجل الخمسينيّ أجنبي عن المرأة العشرينية, ولا تمتّ له بصلة.
وبالرجوع إلى خلفيات القصة اتضح أنّ هذا الذئب الذي بلغ من العمر عتياً قد أخذ فريسته التي في ظن الكثير من شبابنا وشاباتنا مع الأسف غنيمة وأي غنيمة, غنيمة تفنى من أجلها الأوقات, وتهدر فيها الأموال, وتبذل فيها النفوس رخيصة.
أخذ فريسته وذهب بها إلى البحر وفي إحدى الاستراحات دارت رحى السهرة الحمراء؛ رقص وغناء, وسكر وعربدة, وما خفي كان أعظم فما ظنك باثنين الشيطان ثالثهما, والخمر رابعهما, والموسيقا والرقص خامسهما؟! استمرا على ذلك حتى ساعة متأخرة من الليل, وبعد أن قضى كلٌّ مهمته, عاد الذئب بفريسته ليوصلها إلى منزلها؛ لكنه أخطأ الطريق فسلك طريقاً آخر, وفي هذا الطريق, ولكونه فاقد الإدراك؛ انحرفت سيارته بكل سرعتها لترتطم بالسياج الحديدي للجسر الذي يداهمهما, فيخترق السيارة من المقدمة حتى المقعد الخلفي لتسقط في سفح ذلك الجسر ليلقيا الله وهم سكارى, في خلوة فاضحة, وفي وضع مشين!!, ومن مات على شيءٍ, بعث عليه! نعوذ بالله من سوء الخاتمة.
إنه العار والشنار في الدنيا والآخرة!! ليس عليهما فقط ولكن على كل من يمتُّ لهما بصلة.. فبدل أن يترحم الأهل عليهما دعوا عليهما بالنار والعذاب؛ جزاء ما قدماه لهم من هذه الفضيحة التي هي وصمة عار في جبينهم.
فالرجل كانت الصدمة شديدة وبالذات على أبنائه الذين هم في سن الرجولة, وكانوا يرددون: فضحه الله كما فضحنا!!.
وأما المرأة: فسارع أبوها إلى نفي التهمة عنها.. ابنتي مصحفها في جيبها, وسجادتها في شنطتها و.. و.. و.. وأخذ يكيل لها المديح, وهذا الذي أضرّ بها؛ إنها الثقة المفرطة التي وقعت في غير محلها؛ يوليها الآباء لبعض بناتهم.. ولكنه اصطدم بالحقيقة؛ فلا تسأل عن حاله بعد ذلك.
ولك أن تتصور وضع رجل فقد ابنته وهي في زهرة الشباب, ومقتبل العمر!! كيف يكون وبهذه النهاية البائسة.. التي انتحر فيها العفاف؟!.
نسأل الله العافية.
أصون عرضي بمالي لا أدنسه لا بارك الله بعد العرض في المال
أخي الحبيب.. أختي الفاضلة..
من منا يحب أن تكون هذه نهايته؟
الجواب: طبعاً لا أحد.
إذاً فلماذا التمادي؟! أغرك جميل ستر الله عليك؟! إن كل من سار على هذا الطريق إن لم يبادر بالتوبة, فإن الله له بالمرصاد, وهذه نهايته لا محالة, وإن لم يكن في الدنيا ففي الآخرة!.
أما سمعتم قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (إن الله يملي للظالم حتى إذا أخذه, لم يفلته).
إن هذه القصة وغيرها ليست من نسج الخيال, ولكنها من أرض الواقع؛ فلعل فيها عبرة وعظة.
{إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد}.

قصـــة
الطالب: علي فربس الثبيتي

دقت الساعة السادسة صباحاً في ذلك المنزل المكون من أب وأم وبنات في عمر الزهور، وذكوراً في مراحل مدرسية مختلفة .. هب الجميع استعداداً للذهاب إلى المدارس .. إنه الروتين اليومي.
انطلق الرجل بسيارته مسرعاً في شوارع المدينة المكتظة بالسيارات في مثل هذه اللحظات، إنها ساعة ذروة الحركة المرورية.
إنها الوظيفة .. إنها المادة .. إنها الدنيا .. يتسارع عليها الناس .. زحام وضجيج .. وانتظار ممل عند إشارات المرور .. سبحان الله!.
قبل ساعة من هذا الوقت نادى منادي الله: حي على الفلاح .. فلم يجب إلا القليل ..
{بل تؤثرون الحياة الدنيا * والآخرة خير وأبقى}.
والآن صراع وكبد؛ من أجل ماذا؟!
أخذ هذا المفجوع أبناءه وهو ينظر إلى أكبر بناته الطالبة الجامعية، وهي على أبواب التخرج، وأخذ ينسج لنفسه قصصاً من الخيال .. يتصور فَلْذَةَ كبده وهي تتخرج في الجامعة، ثم يتصورها وهي موظفة تُدِرُّ عليه المال، وهذا حال كثير من الماديين الذين جعلوا من بناتهم بقرة حلوباً تُدِرُّ عليهم بالأموال، ثم وهي في عش الزوجية، مع زوجها وأبنائها .. هذا يبكي وهذا يناديه جدي جدي .. إنها الأحلام والمنى التي يحلم بها كل رب أسرة.
أنزل الرجل ابنته البالغة من العمر عشرين عاماً قد تزيد قليلاً عن ذلك، وودعها ولم يدْرِ أنه الوداع الأخير؛ أجل إنه الوداع الأخير .. نزلت الفتاة وهي تحمل على عاتقها شنطتها الجامعية، أما ما تحمله في قلبها، فهو الهيام والوله؛ إنها على موعد مع حبيبها..
((أي جامعة هذه التي تذهب إليها؟! وأي علم هذا الذي تريد تحصيله؟! إن أيام الشباب محدودة، عما قريب تنقضي؛ فيجب عليها أن تبادر باستثمارها كما تراه في قدوتها المفضلة النجمة والنجم المفضل .. نعم ولكن في أوحال الرذيلة والانحطاط .. لماذا كل هذه القيود؟! لماذا لا نعيش مثلهم في مثل هذه السعادة؟!)).
كلمات تتردد في صدر المخدوعة، ومن على شاكلتها كثير..
وما إن تأكدت أن والدها غادر المكان حتى أسرعت إلى حيث الحبيب يقف هناك بسيارته وقد عطرها بالعطورات الزكية، والموسيقا الصاخبة، إنها ليست المرة، كلاّ .. ولكنها المرة تلو المرة، أصبحا خبراء في التسلل والهروب.
فَتَحَتْ باب السيارة أو فُتِحَت لها .. صباح الخير .. صباح الورد والفُلّ والياسمين .. سارت السيارة وهي تلقي على جامعتها نظرة الوداع .. الوداع الأخير .. الذئب يَرُشُّ عليها ألفاظ الإعجاب والهوى، والحب والهيام، وكأنها زخات مطر ..فتنزل على قلبها الخالي من ذكر الله .. من خوف الله .. من الإيمان .. بل حتى من الشرف .. فتجد هذه الكلمات الأرض الخصبة، فتثمر ولكن .. {طلعها كأنه رؤوس الشياطين} وما ظنك بشاب أو قُل إن صح التعبير: ذئب أخذ فريسته، وضمن أنها بين يديه؛ هل تُراه يسبها أو يثني عليها ... وفي أثناء هذا الحديث طرح هذا الذئب فكرة وكأنها انقدحت من فكرة للتوّ، والحقيقة أنها خطة شيطانية مبيتة.
ما رأيكِ لو ذهبنا إلى مدينة كذا؟ حيث البحر بأمواجه والنسيم العليل، تلكأت الفريسة دقائق؛ ولكن وافقت أخيراً على الذهاب معه!! طار الذئب أو كاد يطير من الفرحة .. أدار مِقوَد سيارته ليسلك الطريق المؤدي إلى تلك المدينة.
يرنّ جرس الإنذار في السيارة الشبابية، لقد تجاوز السرعة النظامية، وفي الطريق وهي تلقي نظرة الوداع الأخير على من نحو عفتها، وشرف أهلها، وسؤدد قبيلتها، انفجر إطار السيارة، فإذا بها تنقلب عدة قلبات، عندها صرخت، أفاقت من نومها، ومن سكرتها، من سكرة العشق والهوى .. ولكن بعد فوات الأوان؛ فقد انتهى كل شيء.
فات الأوان عن الإيمان بامرأة لو تاب قلبك بالإيمان واعترفا
فإذا بذلك الشعر الطويل كأنه سنابل تُركت بغير حصاد يغطي ذلك الوجه الجميل، ولسان حلها يقول للذئب الذي شرب بنفس الكأس: قتلك الله مثل ما قتلتني، هُرع رجال الأمن إلى الموقع .. اتضح كل شيء .. هذه المرأة من تكون؟! كيف التوصل إلى أهلها؟! فتحوا حقيبتها؛ إنها طالبة في الجامعة، فوراً أدير قرص الهاتف على مديرة الجامعة، أُخبرت الخبر .. فوراً نزلت بنفسها إلى من ينادي بالأسماء عند مدخل البوابة .. إذا حضر فلان أخبرني، وبعد صلاة الظهر وقفت مديرة الجامعة عند البوابة وهي تكفكف دمعها، وتكظم غيظها؛ لتنقل لهذا الأب أسوأ خبر سمعته أذنه.
نعم لقد حضر الرجل ليأخذ ابنته كالمعتاد .. يا بواب، ناد فلان بن فلان.
البواب: لو تكرمت يا أخي الكريم، مديرة الجامعة تريد التحدث معك عند البوابة، تقدم إلى البوابة ومن خلفها سمع صوت المديرة، والنشيج يعلوه: يا فلان .. راجع قسم الحوادث في (......) لماذا؟! وماذا حدث؟! أجيبي..
المديرة: لا أعلم .. هذا ما تلقيته عبر الهاتف..
انطلق الرجل مسرعاً إلى المدينة التي لا تبعد كثيراً من مدينته .. والألم يعصف به، والأسى يذهب به كل مذهب .. أسئلة كثيرة في صدره .. ماذا حدث لابنتي؟! ما الذي أخرجها من جامعتها؟! كيف وصلت لتلك المدينة؟! هل ماتت؟! أسئلة كثيرة تَرِدُ على نفسه، ولا يعرف جوابها! وصل الرجل إلى القسم، تلقى الخبر: ((عظّم الله أجرك، وأحسن عزاءك))، خار الرجل .. سقط على الأرض .. لم تُقِله قدماه .. رمى عمامته .. شق ثوبه، ولكن ما الفائدة، وأخذ يردد بصوت يسمعه الجميع: ليس للمرأة إلا بيتها..
فيا ليت دعاة التحرير سمعوا صرخته، بعدما صمُّوا آذانهم عن قول اللطيف الخبير الأعلم بحال عباده: {وقرن في بيوتكن}.
 
اسم الموضوع : قصص عابرة | المصدر : القصة والرواية

جواد البحر

مراقب سابق
إنضم
10 مايو 2008
المشاركات
5,088
مستوى التفاعل
0
[align=center]
492-AlSalam.gif


hkd83023.gif


جواد البحر
F_017.gif

[/align]
 
أعلى