إنضم
29 سبتمبر 2009
المشاركات
121
مستوى التفاعل
0
ksh5h.com2d43debeba.gif


صراع الحضارات - مقال جميل


تقدم الطفل ذو الملامح الغربية إلى المحاسب في البوفِيْه ، و بدأ حديثه باللهجة الأمريكية :
Excuse me sir, can I have one French fries, one iced strawberry juice and a bottle of water please!
ليتبعه مباشرةً طفلٌ آخر يملي طلباته :
يا محمد .. عطنا واحد همبرجر و واحد بطاط و واحد ببسي ، هاه !!
كنت أقف خلفهما منتظراً دوري ، بل كنت شاهداً على صراع الحضارات الثقافي أعلاه ، الحضارة الغربية والحضارة الشرقية .. صراعٌ في مخيلتي فجره طفلان لم يبلغا العاشرة من العمر ، و دون حتى أن يشعرا بذلك ..

طرقت برهة من الزمن .. و في رأسي عشرات الأسئلة ، لم أكن أبحث عن إجاباتٍ لها بقدر ما كنت أحاول ترتيب عشوائيتها ، أسئلةٌ يصب بعضها في التربية و بعضها في الدين ، و الآخر في الآداب .
تضمنت كلمات الطفل الغربي عباراتٍ مثل : عفواً .. سيدي .. لو سمحت ..

في حين لم يكن من الطفل ابن البلد إلا أن بدأ حديثه بِـ يا محمد ، قالها كأسلوب نداءٍ رسمي و معتبر ، و أتبع ذلك بأوامر عدةٍ كما لو كان العامل مملوكاً له .

لا زلت أجهل السر وراء استخدام كلمة محمد كأسمٍ لكل من هو غير معلومٍ لدينا من العمالة الأجنبية ، مع أن الله سبحانه و تعالى فضل نبيه محمداً - صلى الله عليه وآله وسلم - على العالمين ، ولا أظن أن امتهان اسمه بهذا الشكل أمرٌ مقبول ، بل لماذا لا يَعتَبِر كل واحدٍ فينا أن العامل يحمل نفس اسمه هو ، ألن يعتبر ذلك انتقاصاً لذاته ؟؟

ربما من الأجدى لنا إضافة تلك الطريقة في النداء إلى اللغة العربية ، و نخصص استخدامها للمنادى النكرة بالنسبة لنا .. ليس تقليلاً من شأن العامل الأجنبي لا سمح الله ، إنما من باب أنها الطريقة المثلى المزعومة لمناداة أي عامل لا نعرف اسمه ، و من دون الأخذ بعين الاعتبار أصله أو ديانته ..

أسلوب الطفل ابن البلد المتسم بالفظاظةِ ، و التي كانت تكفي لزخرفة العبارة أعلاه بعناصر من الرق والعبودية ، فيه من التهجم و التهديد ما يكفي لعقف حاجبي العامل و غضبه من الطفل ، فلم يكن محتوياً حتى على أقل كلمات الطلب شأناً مثل ممكن ، و الأدهى من ذلك أن ينهي عبارته بـ هاه و التي لم أجد ما يعادلها في اللغة العربية أو حتى في آداب التحدث مع الناس .

شيءٌ يدعو إلى التأمل حقاً ، أن يكون الطفل الغربي أكثر تأدباً من الطفل الشرقي ، و أن يكون أكثر تمسكاً بتلك الآداب حين الحديث مع الأغراب بغض النظر عن وظائفهم .. و أن يكون الطفل الشرقي مثالاً لنقيض ذلك ..

شيءٌ يبعث على الخجل ، أن يكون لدينا القرآن الكريم و سنة نبيه المصطفى - عليه أفضل الصلاة و التسليم - و لا نتذكر قوله تعالى {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (*) ، أن يُبعثَ الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - ليتمم مكارم الأخلاق ، ونحن نستمر في الإعراض عن كل ذلك .

قبل سنواتٍ قليلة فقط ، قامت قائمتنا ولم تقعد عندما أساء الغرب لنبينا الكريم ، ولم نحرك ساكنين أمام كل الابتذالات التي تحصل بشكل يومي منا و من غيرنا ، و أعلنا مقاطعة منتجاتهم و لم نفكر في إصلاح نتاجنا الشخصي و الفكري قبل ذلك ، أحرقنا أعلامهم و لم نعتقد بوجوب التخلص من جهلنا أولاً .

وصل دوري بينما كنت غارقاً في خضم كل تلك التساؤلات ، فلمحت الطفل الغربي يأخذ طلبه و يقول :
Thank you
وقبل أن أبدأ التفوه بطلبي سمعت الطفل ابن البلد يقول :
وين الكتشب ياخي .. شفيك انت!!

ارتسمت على شفتي ابتسامة ، ربما لأن لدي طفلاً أبسط حقوقه علي هو زرع مكارم الأخلاق فيه ..

[frame="7 80"]
دمتم في حفظ الباري
[/frame]
 

أبوباسم

مراقب سابق
إنضم
20 مارس 2008
المشاركات
4,809
مستوى التفاعل
0
مقال جميل وهادف
جزى الله كاتبه وناشره خير
 

أيوب قربان

مراقب سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
800
مستوى التفاعل
0
العمر
37
الإقامة
تصميم/ جرافك ، مواقع ، منتديات ،
نعم أخي لقد قرأت موضوعك بتمعن
وللأسف الشديد هذه الظاهرة منتشرة بشكل غير طبيعي
ونفعل هذه الأشياء يوميا ولم نفكر يوما بمثل هذا التفكير
ولكن في النهاية أقول لا نلوم الأطفال بل نلوم أنفسنا
لأن إذا احسنا التعامل مع الآخرين فأطفالنا يتعلم مننا
أشكرك أخي أبو حيان على الطرح الرائع
سلمت يالغالي
دمت بصحة وعافية .
 
أعلى