أبو عامر الأركاني

:: عضو جديد ::
إنضم
17 يوليو 2008
المشاركات
47
مستوى التفاعل
0
الإقامة
العمل بالقرآن الكريم والسنة الشريفة باعتدال .. يحب
[font=&quot]الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وعلى آله وصحبه وسلم .. وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين .. أما بعد :[/font]

[font=&quot]فيا عباد الله - واركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون ... [/font]

[font=&quot]يا من أديتم مناسككم فوقفتم بعرفات ، وانحدر بكم الشوق إلى المزدلفة ؛ فسكبتم عند المشعر الحرام العبرات .. هنيئا لمن رزقوا الوقوف بعرفة ، وجأروا إلى الله بقلوب محترقة ، ودموع مستبقة .. فلله كم من خائف أزعجه الخوف وأقلقه ، ومحب ألهبه الشوق وأحرقه .. [/font]

[font=&quot]أحسن الظن بوعد الله وصدقه ، وتائب نصح لله التوبة وأخلص الدين له .. [/font]

[font=&quot]كم من مستوجب للنار أنقذه الله وأعتقه ، وبلغ الأماني عشية عرفة .. اطلع عليهم أرحم الرحماء ، وباهى بجمعهم أهل السماء .. [/font]

[font=&quot]فهل رأيتم رأيتم قط عراة أحسن من المحرمين ؟ هل شاهدتم ماء صافيا أصفى من دموع المتأسفين ؟ [/font]

[font=&quot]هل ارتفعت أكف وانبسطت أيد فضاهت أكف الراغبين ؟ هل لصقت بالأرض جباه أفضل من جباه المصلين ؟ [/font]

[font=&quot]هل أخلصتم لله حجكم واتبعتم فلاحًا سنة نبيكم .. [/font]

[font=&quot]فاعلموا أن الإخلاص والمتابعة : هما شرطا قبول العبادة ، فكل عمل فقد أحد هذين الشرطين فهو مردود على صاحبه .. [/font]

[font=&quot]قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد » رواه مسلم .[/font]

[font=&quot]وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد » متفق عليه . [/font]

[font=&quot]لقد أوضح النبي صلى الله عليه وآله وسلم الطريق ولكن قل السالك على التحقيق وكثر المدعي ، وليس السابق اليوم من سبق به بعيره إنما السابق من غُفِرَ له ذنبُه .. من قصر في جنب الله فليرجع إلى جهاد النفس ؛ فهو الجهاد الأكبر .. حذار أن تحلقوا رؤوس أديانكم بالذنوب ؛ فإن الذنوب حالقة الدين ليست حالقة الشعر .. من فاته القيام بعرفة فليقم لله بحقه الذي عرفه .. ومن عجز عن المبيت بالمزدلفة فليبت عزمه على طاعة الله وقد قربه وأزلفه .. من لم يقدر على نحر هديه بمنى فليذبح هواه وقد بلغ المنى .. ومن لم يصل إلى البيت العتيق لأنه من بعيد فلا يبعد نفسه بالذنوب عن رحمة الله ؛ فإن رحمة الله أقرب إلى من دعاه من الحبل الوريد .. ذكر الله المطلق يستحب ؛ فهل أكثرتم منه في أيام التشريق ، وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يكبرون فترتج منى تكبيرا .. فإذا قضى الحاج مناسكه شرع له أن يذكر الله ويكثر من ذكره استجابة لما أرشد إليه خالقنا جل وعلا في قوله : " فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا ". [/font]

[font=&quot]وفي الأمر بالذكر عند انقضاء النسك معنى جليٌّ وهو أن سائر العبادات تنقضي ويُفرَغ منها ؛ لكن ذكر الله باق لا ينقضي ولا يُفرَغ منه ، بل هو مستمر للمؤمنين في الدنيا والآخرة .. [/font]

[font=&quot]فالمؤمن يعيش على الذكر ويموت عليه وعليه يبعث :" ألا بذكر الله تطمئن القلوب " .. فما طابت الدنيا إلا بذكره سبحانه ، ولا الآخرة إلا بعفوه عز وجل ، ولا الجنة إلا برؤيته جل جلاله .. [/font]

[font=&quot]كما يشرع للمؤمن أن يكثر من قوله : " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ". [/font]

[font=&quot]وهذا الدعاء من أجمع الأدعية ؛ وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يكثر منه .. لماذا ؟ لأنه يجمع خيري الدنيا والآخرة .. هو دعاء جامع لكل خير ، وصارف لكل شر .. فالحسنة في الدنيا تشمل كل مطلوب دنيوي : عافيةً ، رزقًا ، زوجة صالحة ، علماً نافعًا ، وعملاً مبروراً .. والحسنة في الآخرة هي الأمن في عرصات يوم القيامة ، وتيسير الحساب ، والنعيم المقيم ، ورؤية رب البرية سبحانه : " فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ".[/font]

[font=&quot]أيها المسلمون ، في حجة الوداع كان خطاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي ألقاه على حشود من البشر غفيرة ، والتي اجتمعت له في صعيد عرفات وهو خطاب جليل .. لم تع مسامع الوجود أرقى من مبادئه ، ولا أشرفَ ولا أجلَّ ... حرمة المال والدم والعرض .. أكد النبي صلى الله عليه وآله وسلم في تلك الخطبة بطلان أمور الجاهلية ، وأنها موضوعة تحت قدميه ، ورأس الجاهلية الشرك بالله في ألوهيته أو في ربوبيته أو في الإلحاد في أسمائه وصفاته .. فدين الإسلام دين التوحيد والعقيدة ، وبيت الله لم يُبْنَ إلاََّ لأجل التوحيد : " وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا يشرك بي شيئا " . [/font]

[font=&quot]والحج في الإسلام أمارة وحكمة تدعوان إلى التوحيد .. [/font]

[font=&quot]فاجتماع الناس على اختلاف أجناسهم وألوانهم يوحي إليهم أنه ينبغي للمسلم ألا يعبد إلا الله ، ولا يخاف إلا الله ، ولا يرجو إلا الله ، ولا يذبح إلا لله ، ولا ينذر إلا لله ، ولا يتوكل إلا على الله ، ولا يعمل عبادة إلا لله وحده لا شريك له .. فالأمن والأمان مرتهنان بتوحيد الله : " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون " ، وقرن إبراهيم عليه الصلاة والسلام الأمن في الحرم بتوحيد الله : " وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام " . [/font]

[font=&quot]فلا يجتمع إذن صنم وأمن صنم .. النفس وصنم الهوى وصنم الحجارة وصنم الدساتير والأحبار والرهبان ومتى بقيت من ذلك بقية فالله أغنى الشركاء عن الشرك .. قال سهل بن عبد الله : ( حرام على قلب أن يدخله النور وفيه شيء مما يكرهه الله ) . [/font]

[font=&quot]لقد حارب النبي صلى الله عليه وآله وسلم الشرك .. [/font]

[font=&quot]لماذا - يا عباد الله - ؟ لأن من مقتضى الإيمان بالله وعبادته وحده ، والإيمان هو توحيد الله ، والكفر بالطاغوت : " ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت " . [/font]

[font=&quot]والإيمان بالله والكفر بالطاغوت هما معنى لا إله إلا الله .. والطاغوت هو كل ما تجاوز به العبد حده : معبودًا أو متبوعًا أو مطاعًا .. فطاغوت كل قوم هو من يتحاكمون إليه من دون الله ، أو يعبدونه من دون الله ، أو يتبعونه على غير بصيرة من الله أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعة لله ورسوله .. [/font]

[font=&quot]فالله عز وجل إنما بعث محمدا صلى الله عليه وآله وسلم بالتوحيد الخالص الصرف المحض ، وتحريم كل صور الشرك وضروبه ، ومَنْعِ كلِّ مشرك من دخول المسجد الحرام : " يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا " . [/font]

[font=&quot]وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن ينادي في الناس : (( ألا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان )) متفق عليه . [/font]

[font=&quot]فالذي ينبغي للمسلم ألا يشرك بالله شيئا ، وأن ينفي الشريك عن الله ، وألا يرجو قبة ، ولا يتوسل بوثن ، ولا يطوف بقبر ، ولا يتمسح بعتبة أو باب ، ولا يعلق تميمة أو ودعة أو نابا رجاء نفع أو دفع ضر .. فالله وحده هو النافع ، وهو يدفع ما بالإنسان من ضر ..[/font]

[font=&quot]أيها المسلمون ، في خطبة الوداع يؤكد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم حرمة المسلم ، وحريته الشرعية ، وأنه لا يحل دمه وماله وعرضه إلا بسبب يبيح ذلك : (( كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه )) رواه مسلم. [/font]

[font=&quot]فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو أول من نادى بحقوق الإنسان ، وهو صلى الله عليه وآله وسلم الذي طبقه في واقع حياته ، ثم الصحابة من بعده ، ثم السلف الصالحون ، ومن بعدهم من أئمة الهدى ، وأمراء العدل .. ويؤكد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في خطبته حرمة الربا ، فيقول : « وربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضع ربانا ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله » رواه مسـلم . إن أفظع تعاملٍ منيت به الإنسانية ، وأبشع وضعٍ تواضع عليه كثير من الناس في أمورهم المالية هو الربا .. فكم جلب من محن وبلايا ! ولو لم يبق إلا كونه حربا لله ورسوله لكفى .. [/font]

[font=&quot]عباد الله ، فأكل الربا صفة من صفات اليهود التي استحقوا عليها اللعنة الخالدة : " فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا () وأخذهم الربا وقد نهو عنه " . [/font]

[font=&quot]أكد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حق المرأة المسلمة وأنها شقيقة الرجل ، لها شأن في المجتمع حيث أنها نصف البشرية .. فأصبحت بذلك كالأمة الكاملة وبذلك ارتفعت المرأة في الإسلام بعد أن كانت مهانة .. تباع ، وتسبى وتحرم من الميراث ، وتوأد .. [/font]

[font=&quot]فأكد النبي صلى الله عليه وآله وسلم حقها وأوصى بالنساء خيرًا فإنهن أسيراتٌ عند الرجال .. [/font]

[font=&quot]ومن حق المرأة على الرجال : أن يعتنوا بها ، ويعلموها ما تعرف به حق نفسها وحق زوجها وحق ربها ، وما تستطيع به تربية بنيه عليه ، ويحموها من مزالق الفتن ، ويضعوا لها سياجا منيعا متمثلا في الحشمة والعفاف المفضيين إلى الحجاب الشرعي الكامل ، والقرار في البيت ، والبعد عن مزاحمة الرجال ، وأن يباعدوا بينها وبين الدعوات المسعورة الداعية إلى نزع حجابها ، وخروجها من بيتها لتكون طبقا شهيا لعُبَّادِ المرأة الذين هم يكرهون ما أنزل الله . [/font]

[font=&quot]فاتقوا الله - أيها المسلمون - واعملوا بوصية نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم الواقعة في مثل حجكم هذا والتي أشهد عليها آباءكم وأسلافكم حين قال لهم صلى الله عليه وآله وسلم : (( وأنتم مسؤولون عني ! فما أنتم قائلون ؟ قالوا : نشهد أنك قد بلغت رسالات ربك ، وأديت ونصحت لأمتك ، وقضيت الذي عليك .. فقال بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء يشير بها إلى الناس .. اللهم اشهد ، اللهم اشهد )) رواه مسلم . [/font]

[font=&quot]واعلموا أن أحسن الحديث كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وعليكم بجماعة المسلمين فإن يد الله على الجماعة ومن شذ عنهم شذ في النار .. [/font]

[font=&quot]نعم علينا بالتقوى والاستمساك بالعروة الوثقى واحذروا المعاصي فإن أجسامكم على النار لا تقوى .. [/font]

[font=&quot]واعلموا أن ملك الموت قد تخطاكم إلى غيركم وسيتخطى غيركم إليكم فخذوا حذركم .. (( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني )) رواه ابن ماجه والترمذي وقال حديث حسن .[/font]
 

فريد بخيت

كاتب مميز
إنضم
25 أكتوبر 2009
المشاركات
198
مستوى التفاعل
0
الإقامة
قراءة القصص والروايات وتأليفها ، الخط العربي مزاول
الأستاذ الفاضل والكريم
( أبو عامر الأركاني )

حقيقةً جميلةٌ ما سطَّرتْه أناملُ يدك ؛ حولَ ما لاقى حجاج بيتِ الله الحرام من مشاعر رائعة وعميقة ، ومحبَّةٍ في يوم عرفة .
والحج .. أعتبرها رحلةُ الحاج إلى الله في الأرض المباركة ، والتي خصَّها الله لمن استطاع إليه سبيلا ، أرضٌ تمحى فيها الذنوب بأكفٍ متضرِّعةٍ ذليلة ، وفيها تنهمر دموع التائبين ليعلنوا انتصارهم لله وحده لا شريكَ له ، وأن كيد الشيطان هو الخاسر .

معانٍ جميلة سطرتها ، وكلماتٌ مشرقة نثرتها على صفحتك ، وكأننا نستقي من جدولِكَ الجاري بعضاً من المشاعر التي نروي بها ظمأ الشوقِ .

دمتَ في رعاية الرحمن وحفظه ، ورزقك البركة أينما كنت .
 

ابن ذكير

:: عضو مميز ::
إنضم
16 أبريل 2009
المشاركات
2,463
مستوى التفاعل
0
الإقامة
القراءة والتربية والنت
الموقع الالكتروني
www.makkahboys.net
330-Thanks.gif

يا
*~..( أبو عامر )..~*
على التوجيهات القيمة وعلى النصائح الثمينة..
جعلها الله في ميزان حسناتك..
يعطيك العافية..وبارك الله فيك ..
وعيدكم مبارك تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال>>

331-do3aa.gif
 
أعلى