إنضم
17 فبراير 2008
المشاركات
546
مستوى التفاعل
0
الإقامة
القراءة
ما هو المبدأ .. ؟
وما الهدف من الايمان بمبدأ ما .. ؟
هل هناك سبيل للتفرقة بين المبادئ وبين القناعات الشخصية ؟
واذا كانت المبادئ شيئا أساسيا لدلالة المرء الى الطريق القويم .. فهل هناك مبادئ هدامة وأخرى بناءة ؟ ..

هذه أسئلة وبعض الخواطر .. فلنتدارسها معا .. سعيا خلف الحقيقة فى أمر المبادئ ومدى علاقتها بالدين الاسلامى والحضارة الاسلامية ..

ما هية المبدأ ؟

المبدأ هو قيمة انسانية معينة .. غالبا ما تدل على مذهب تحت تأثير حضارة تدفع الانسان المؤمن بها الى تطبيق حياته على أساسها ..
والأصل فى المبادئ .. هى اتفاقها والمثل العليا والأخلاق ...

وان كانت المبادئ أطلقت عبثا على بعض المناهج المضادة للفطرة الانسانية السليمة .. كالمبادئ الشيوعية على سبيل المثال ,..

أما بالنسبة للحضارة الاسلامية .. فقد ذابت المبادئ فى أصل الاسلام .. والمتأمل الواعى فى الدين الاسلامى .. يجد أن القيم الاسلامية طابقت كل فطرة سليمة يشعر بها الانسان فى حياته ويجد نفسه مدفوعا اليها ..

ولا ننكر أثر الحضارة العربية فيما قبل الاسلام .. حيث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال فيما قال .. " انما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق "

ونص الحديث ومعناه واضح .. وهو يشير الى أن الاسلام أتى على قوم يدركون المبادئ الأساسية والقيم الاسلامية السليمة الا ما شذ بسبب الهوى والتحكم بالرأى
وهذا هو ما يوضح مدى الاضافة التى أضافها الاسلام باتمامه لمكارم الأخلاق .. فمن كان مؤمنا بالمبادئ والقيم الانسانية حق الايمان دون هوى من رأى أو غرض هو الذى اعترف بالاسلام دينا حنيفا .. ومن كان ايمانه بالقيم العربية ايمانا ذى غرض هو من تشبث بالكفر طمعا فى جاه ظنه يفقده مكانه ..
وهو ما عبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم فى حديثه الشريف " الناس معادن كمعادن الذهب .. خيارهم فى الجاهلية .. خيارهم فى الاسلام "

وهذا ما يوضح أن المبدأ لابد أن يكون خالى الغرض ..
وعلى سبيل المثال ..

فلنقارن بين موقفين كليهما عظيم .. غير أن جانب العظمة اختلف سلبا وايجابا .. فالصحابي الجليل .. سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه ..
أول المسلمين ... صديق رسول الله وصدّيقه .. عندما أسلم ابنه عبد الرحمن بعده بوقت طويل .. وكان أن حضر عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما موقعة بدر الكبري الى جانب المشركين .. وكان أباه العظيم الى جانب المسلمين .. وبينما عبد الرحمن بعد اسلامه يتذاكر الوقعة مع أبيه قال له مداعبا " لقد رأيتك يوم بدر .. ولأنك والدى فقد تجنبتك كى لا أقتلك .. "
فرد أبو بكر رضي الله عنه " ولكنى لو رأيتك لقتلتك "
هذا هو المبدأ الأصيل .. فأبا بكر الصديق أخلص لدعوة الاسلام مؤمنا تمام الايمان وأخرج من قلبه ما عداه .. وبالتالى فلا مجال هنا لابن أو رياسة .. فقط هناك الاسلام وفقط .. بلا غرض .. وهذا هو المبدأ الصحيح ..

فماذا عن المبدأ الفاسد .. هو المبدأ الذى يخالطه الغرض .. ومن الغريب أن المؤمنين بالمبادئ على شاكلتيهما يتفقان فى الايمانالتام بها والدفاع عنها وما بينهما كبعد المشرق والمغرب
مثال هذا .. عمرو بن هشام " أبو جهل " قتل فى يوم بدر .. وبلغ به الكفر والاصرار أن يقول لقاتله وهو يجز رأسه " أبلغ صاحبك أننى ما ازددت فيه الا بغضا "
يعنى بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم .. قبح الله أبا جهل وما أتى به
هذان مثالان سابقان .. فماذا عن عصرنا الحالى .

أزمة مبدأ ..

لو تحدثنا عن عصرنا الحالى .. وبالذات مع بدء القرن الماضي .. سنجد أننا نعيش منذ ذلك الحين وحتى الآن أزمة مبادئ وأزمة أخرى فى المثل العليا ..
فبداية القرن الماضي شهدت النظريات السياسية والاجتماعية التى شطرت العالم الى نصفين بين مؤيد لهذا ومؤيد لذاك .. الى جانب صحوة سلفية للدين الاسلامى قامت على يد أقطابها أمثال الأفغانى ومحمد عبده .. والامام حسن البنا مؤسس جماعة الاخوان المسلمين ..
واستمر الصراع هائجا معظم سنوات القرن الماضي بين مختلف التيارات التى جذبت اليها اللاهثين خلف المبادئ دون مرجعية ثقافية سليمة ..
وبغض النظر عن نتائج الصراع ..
الا أنه من المؤسف أن نقول أن الصراع المتأجج كان أفضل بمراحل من حالة الركود والخنوع التى ضربت بأوتارها منذ أخريات القرن الماضي حتى اليوم اذ أن السعي المحموم من كل طرف من الأطراف لتأكيد حقيقة ووجود مبدئه كان يمثل حركة عقول وقلوب وارادات .. والصراع الفكرى فى حد ذاته كان بلا شك فى صالح القيم الاسلامية أيا ما كانت قوة العداء لها من مختلف التيارات ... لأن الحضارة الاسلامية تفرض وجودها بحقائق الدعوة الالهية وتحتج بالمنطق الذى يفتقد غيرها اليه ..

وبالتالى فقد رأينا الصراع يكسب الاسلام أرضا جديدة باستمرار لأن معظم الداخلين فى الصراع الفكرى عبارة عن مسافرين باحثين عن القيمة وفقط .. وذلك بغض النظر عن المدافعين بلا منطق عن مبادئ أخرى سعيا لفائدة وليس ايمانا بصحة ما يدعون اليه
وعلى سبيل المثال ..
ففي ستينيات القرن الماضي .. والمد العلمانى والشيوعى على أشده .. انجرف كثير من المفكرين الشبان ليقعوا فى شراكه .. فمنهم من أغرقه المد الشيوعى كالمفكر الاسلامى الكبير خالد محمد خالد .. وهو قيمة فكرية وانسانية غير عادية .. كان فى شبابه منجذبا بشده الى الشيوعية ومبادئها البراقة بالزيف والتى كان فى ظاهرها الرحمة والمساواه وباطنها العذاب والديكتاتورية المطلقة ... وتحتاج الى ملائكة ليتم تطبيقها بالشكل الذى قرره مبتكرو هذه المذاهب الغير منطقية وقد عبر خالد محمد خالد فى كتاباته الأولى عن ايمانه بتلك المبادئ وتهجم على كثير من القيم الاسلامية الى أن جاءت الصحوة .. لأنه كان مفكرا يبحث عن الحقيقة وحسب .. وبالتالى استغرق بأعماقه فى الفكر الشيوعى وتخيله الطريق السليم للحضارة الانسانية ودافع عنه بشراسة .. وعندما استيقظ .. وأدرك قيمة الحضارة الاسلامية وكيف أنها أتت بما لا يكفل للانسانية كلها بمبادئها قيما لا تفنى عندئذ كان التحول فى حياة الكاتب الكبير ..
ليصبح واحدا من أعظم رواة وفلاسفة التاريخ الاسلامى

وكذلك المفكر العبقري .. د. مصطفي محمود .. مر بتجربة فريدة وشديدة القسوة عندما مد عقله لادراك ما لايمكن ادراكه .. وأخذ يبحث عن الخالق جل وعلى وسقط فى طريق الالحاد فترة من الزمن حتى أفاق عندما أراد الله به خيرا ..
فسجل تجربته الرهيبة فى كتابيه .. " رحلتى من الشك الى الايمان " و " حوار مع صديقي الملحد " .. والكتاب الأخير ليس محاورة بين مصطفي محمود وأحد الملاحدة بل هو حوار الكاتب مع نفسه والتى استغرقت عامين تقريبا حتى اهتدى ليصبح العلامة الاسلامى مصطفي محمود .. غاية القول أن الحراك الذى كان يضج به القرن الماضي كان فرصة متاحة لغلبة القيم الاسلامية فى شتى المجالات ..

وأيامنا الحالية تفتقد الى ذلك الحراك .. وتركن الى السلبية المطلقة .. وغابت المبادئ بنوعيها فى غمار تلك السلبية ..
حتى تلك الصحوة المؤقتة التى يشهدها العالم العربي فى تلك الأيام .. مهددة بالانقراض السريع والسبب فى ذلك أن أهل الحل والعقد وهم حملة الأفكار والأقلام وقعوا أسري للذاتية والبحث عن المجد الشخصي .. وطلقوا رسالتهم طلقة بائنة مع أن منهم من هو ذو ماض مشرف فى هذا الشأن ..
ومن المؤسف أن هؤلاء الزمرة اليائسة .. أو الخانعة .. من المفكرين وأصحاب القلم هم الجناة الحقيقيون لهؤلاء الشباب الضائع فى البحث عن مبدأ يعتنقه أو دليل يهدى ضالته ..
فى الأمس القريب كانت المطابع تدور لتخرج معارك فكرية وأدبية كل منها على مبدأ مختف .. تشكلت على اثر تلك المعارك أجيال وأجيال ..

وكما قلت سابقا ليس المهم أن نؤمن المبدأ الصحيح .. بل المهم أن نؤمن بمبدأ نسعي لأجله الى الحق .. وسعي الحق كفيل بتصحيح المفاهيم .. طالما نؤمن بحرية الفكر بلا تعصب

 
اسم الموضوع : ما هية المبدأ ؟ | المصدر : الموضوعات العامّة

أبوباسم

مراقب سابق
إنضم
20 مارس 2008
المشاركات
4,809
مستوى التفاعل
0
موضوع جميل يستحق الاهتمام
بارك الله فيك يالهاشمي
 
أعلى