الدكتر

:: عضو متفاعل ::
إنضم
18 يونيو 2008
المشاركات
164
مستوى التفاعل
0
الإقامة
الكرة الطائرة و عمل مونتاج فيديو وصوتي والخط
شيخ كبير هده الزمن المرير ، على عتبة الليل ظل واقفاً يرمق السكون ويشرب الظلام ، ويتجرع مرارة الأيام، تجسده الساعات الطوال وترسم خياله حيث ينظر إليه من وراء عتبات الظلم ، كان ينظر إلى تاريخه ؛ حيث كان يشب مثل الطوق ، كانت الذكريات تقفز داخل عينيه كما رسمه له الزمن .
الزمن ؟!! . يالها من أضحوكة ، أضحوكة كان يرويها ذاك القابع خلف مكتب الصحف ، حيث سطر بأنامله الكذوبة ، عطش هذا الزمن ، وأنه بحاجة إلى المادة والمدنية ، لا يأبه بما يفعله ذلك الشيخ حيث اكتفى بخطوات نحو الأمل الشفاف ، يقرب الخطى على مهل مرتكزاً على عصاته بالأرض ؛ لعله يدرك قبراً يخفي مناته .
يالهذه الأيام ، كيف وعدته بالرفاهية ؟ والمغنم ، كيف أرادت من أن تجعله كبلبل يشدو داخل قفص مظلم يسرق النغمة من أريج الصباح ، إنه كان يعيش معها ، داخل خيمتها يسكن بين أوتادها تظلله بأوراقها ، ولكن ما لبثت أن سقطت هذه الخيالات أمام واقعه المر ، ماذا يحلم ؟! ماذا يرى ؟! بل كيف يبتسم ؟! كيف يرسم شفة باسمة على واقعه المرير ؟ إنه يحلم كفقير ، ويحلم كمحتاج .. ماذا عن الفقر ؟ فالفقر سجان يجلد الفرحة ، يطوقه بأذرع متينة مميتة تحذفه إلى عالم مرير ، فينظر إلى الليل فأراده أن يطول ، حيث يحن إلى ردائه القاتم ليستره ، يحبس كلماته ، يكتم لوعاته يخفي النحيب والألم ، يكسر الحسرة والندم ، إنه الصديق الحاني ، والحبيب الداني ، كيف لا ؟ وفراشه الأرض ولحافه السماء .
بناته تزاحمه الطريق ، ينظرون إلى ابتسامة من شفتيه يطلقها ، وهم يسمعون صرخات المعاناة من ثيابه ، فالزوجة تحمل الطفل الذي يقتات إصبعه ، تنظر إليه لعله يفقه الحال ، إلا أن جواب السؤال فاضح ، فبصم على وجهها الصبر والأمل .
وأتى العيد ، أتى كنسر هام فوق الفرح ، يمزق السعادة بمخلبيه ، ويترك الجرح الغائر بين جنبيه ، ففي تلك الزاوية من زوايا البؤس كان يرى العيد يطوف بنغمات وترنيمات إلا أنه مازال مبتسماً ؟؟
مبتسمٌ ؟!! غريب أمرك أيها الشيخ ، أتبتسم !؟ ، نعم أبتسم فلعل في ابتسامتي معناً للاطمئنان ، ولعل في البسمة مدفأة النيران .. تشده الطفلة من ثوبه ، تسأله عن العيد ..
- ما هو العيد يا أبي ؟
- العيد فرحة يا ابنتي ، فرحة تزفه لك الجوارح ، ويغنيه القلب عندما يفعم بالأمان .
وانتهى العيد ، انتهى وهو يجر خلفه ديوان طويل ، حيث فهرسه داخل سنين طويلة .. فلم يلبث أن قال:
- أنا لا أريد أن يقرأني الناس ، أنا لست ديواناً يعلكه الناس بأفواههم ، أنا من وقف على عتبة باب الليل ، ليس حباً في ردائه ، ولا حباً في سكناته وأمسياته ، أنا من يقول : ( الحمد لله على كل حال ) .
 
اسم الموضوع : الحمد لله على كل حال | المصدر : القصة والرواية

أبوباسم

مراقب سابق
إنضم
20 مارس 2008
المشاركات
4,809
مستوى التفاعل
0
طرح في قمة الروعة كعادتك أخي الدكتر

سلمت يداك



وننتظرالمزيد
 

أبومهيوب

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
الإدارة
إنضم
18 يناير 2003
المشاركات
568
مستوى التفاعل
0
الإقامة
مكة المكرمة
الموقع الالكتروني
ar7r.com
الجنس
ذكر
الكنية
أبومهيوب
الدولة
السعودية
المدينة
مكة
أخي الدكتر دائما مبدع



سلمت يداك



وننتظرالمزيد
 
أعلى