ليست الحياة ملكك !

الدكتر

:: عضو متفاعل ::
توقف هدير سيارته الفاخرة أمام إشارة المرور الحمراء ، رمق إليها من خلال نافذته ؛ يتأكد من أنها أعطته جرعة من الراحة البسيطة ، ثم اندفع بجسده المنهك إلى الوراء ، ويريحه على مقعده المطاطي الفاخر ، ولحظات حتى أدار شريط من الذكريات ، وسافر وانطلق إلى عالم بعيد ، عالم كان فيه يطوي الأرض بقدميه ، حيث يسوقها إلى العمل ذاهباً للعمل ، قادماً من العمل ، تذكر كيف كان يحتاج للوقت حتى يعطيه فسحة من الراحة ، والخلاص من صوت الإرهاق ، تذكر تلك الشقة الصغيرة كيف كانت تحتضن الأطفال ، وتلك الزوجة التي تكاد تختفي في أصوات البكاء ، فمدراء لا يهدأون في تهديده ، ومنزل لا يدوي فيه صوت الهدوء ، وجيوب لا تتقيأ إلا الفقر ، وأوراق من السنين والأعمار تفنى ، ويمزقها السكون ..
خمسة وعشرون عاماً ؟!من أنا الآن ، من كبار رجال الأعمال ، ذلك الوقت الذي كنت أبحث عنه ، أصبح الآن في حاجتي ، أصبح المنزل ينثر أصوات أبنائي في فضاء فسيح من الغرف ، أصبحت زوجتي تغتاب الأيام الماضية ، والأموال تذكرني في كل مكان ، وكل شيء يريدني ، وكل شيء يبحث عني ، كل شيء ملكي ..
قرع أصابع على زجاج سيارته المائية فأفاق وهو يجمع ذرات الواقع على صوت رجل يطالبه بالإنطلاق فالإشارة خضراء ..
- ليست الحياة ملكك !!
عندها .. استأذن الإشارة للتقدم ، واندفع بكل ثقة واحترام للأمام ، وهو يسرق النظرة تجاه ذلك الرجل الذي ختم ذكرياته بتلك العبارات ..
- نعم ، ليست الحياة ملكي ؟ فمن أنا قبل خمسة وعشرين عاماً ، ثم من أنا بعد خمسة وعشرين عاماً .
 
عودة
أعلى