فريد بخيت

كاتب مميز
إنضم
25 أكتوبر 2009
المشاركات
198
مستوى التفاعل
0
الإقامة
قراءة القصص والروايات وتأليفها ، الخط العربي مزاول
قامتْ شركةُ ( فورد ) بعملِ إعلانٍ عن وظيفةِ شاغرة لـِ ( كبير المشرفين ) بشركتها الكبرى في عالمِ التصنيع ، فقامتْ بوضعِ معايير ونقاط لاختيار الشخص المناسب الذي يشْغل هذا المنصب المهم والكبير .
فتقدَّمَتْ جموعٌ ممن يتمتَّعون بصفات القيادة والمرونة ، فعملت اختبارات وتجارب ، حتى وقع الاختيار على المتقدِّميْن، وحظيا بشرف المقابلة الشخصية والتي لا يقوم بها إلاَّ المدير التنفيذي لشركة فورد .


أُدْخِل المتقدِّمانإلى مكتب المدير التنفيذي لعمل المقابلة الشخصية ، فطلب من كل واحدٍ منهما ( سيرته الذاتية ) ، وبالفعل قدَّم كل منهما سيرته وتحدَّثا مع المدير بكل أريحية ، فما كان من مدير الشركة إلاَّ وأن قامَ بالاستغناء عن المتقدِّم الأول ، فأبقى المتقدِّم الثاني ، فأخذ ( مدير الشركة ) بالإطلاع على سيرته الذاتية ، فقبل أنْ يقرر المدير التنفيذي عن اختياره ( طلب كوباً من القهوة وبعضاً من قطعِ السُّكر !!) .. ليُقدَّم إلى الشخص الذي وقع عليه الاختيار .


وبعد لحظاتٍ قُدِّم الطلب ووُضِعَ أمام المتقدم الثاني ، فما كان من المتقدم إلاَّ ( بأن قام بوضعِ قطعِ السكر في كوبِ القهوة ، وقام بتقليبِ القطعِ ) فقام المدير التنفيذي لشركة فورد بالتوقيع على ملفِّ المتقدم وكتبَ عبارة ( .. لا يصلح لمنصب كبير المشرفين !! ) .



* * * *


.. والسؤال الذي يدور في رؤسنا ( لماذا تم الاستغناء عنه؟ ) ؛ لأنَّ السرعة في القرار دون التفكير في العقبات والنتائج كان خاطئاً ، فالمدير التنفيذي للشركة أراد شخصاً يستطيع أن يتحكَّم في قراراته ، فالمتقدم الثاني كان ( سريع القرار ) دون التفكير في القرار الذي سينفذه ( فكان من الممكن أولاً تذوُّق القهوة ، ثم يقوم بإصدار قراره في كمية السكر الذي يضعه أو يستغني عن السكر ) .


ففي حياتنا أمور كثيرة تحتاج إلى قراراتٍ سريعة ، لكن قبل إصدار أي قرار ، لا بد من التفكير في القرار الذي سنتخذه ، مع عمل مجموعةٍ من التوازن بين الإيجابي والسلبي ، والأولويات ثم نبدأ باتخاذ القرار ، وهذا معناه ( بأنَّ مُتَّخذ القرار هو المسئول الأول والأخير عن القرار الصادر منه ) .


لذلك فقد نرى الكثير من ( التفككات الأسرية ، الفشل الدراسي ، الفصْل من العمل ، الطلاق ، الحوادث ، شراء كل ما هو جديد ، السفر.. ) كلها ناتجة عن قراراتٍ ربما تكون فيها نسبة الخطأ أكثر من الصحيح ، فصاحب ( القرار المتسرِّع ) قد يؤدي إلى تدمير النجاحات ، وقتل الإبداع ، وبطئ في التقدُّم التطوري والعمراني ، ثم يوهم نفسه بأنَّ كل ما يقوم به ماهو إلا نتيجةً ( لمصلحةٍ عامة ! ) ، وهذه الكلمة كَثُرَ سماعها .. نعمْ فالكل يبحث عن مصلحة الجميع ضمن ( المنظومة أو المؤسسة الواحدة ، أو الأسرة الواحدة ) فأتعجَّب كيف يُقنع بعض الناس نفسه بذلك ؟؟ ، إذن .. فقبل أن نقوم باتخاذ القرار فلا بد من أن نـَمُرَّ بسلسلةٍ من الخبرات والمواقف ورؤية المصالح والمفاسد ثم ( نتخذ القرار ، ونحن متوكلون على الله ) ، لذلك يُقال ( أن الإنسان يستطيع اكتساب الكثير من المهارات عن طريق التعلُّم ؛ إلاَّ أنه ليس من السهل تعلُّم القدرة على اتخاذ القرارات الصائبة ) .. فالإنسان عليه أن يتحلَّى بصفات كثيرة حتى يصل إلى هذه الدرجة العظيمة والتي لا تكون إلاَّ لدى القادة العظماء .


إذن .. فالإنسان مُلزم بالاجتهاد وإدراك الأمور والنظر إليها من جميع الجهات ثم يتوكَّل على خالقه ويتخذ القرار اللازم ، فربما قد يصيب في قراره بنسبةٍ متوازنة ، وربما يُخطئ وبنسبة قد تكون متفاوتة ( وخيرُ الخطائين التوابون ) .
 
أعلى